الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شواهد باب الكلام وما يتألف منه
مسألة [1]
قد يقصد بالكلمة الكلام
كقوله عليه السلام: "أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد، ألا كل شيء ما خلا الله باطل".
وهذا الحديث في الصحيح من رواية أبي هريرة رضي الله عنه، ومن ألفاظه، أن أصدق كلمة، ومنها: أن أصدق بيت قاله الشاعر:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل، ومنها: أصدق
بيت قالته الشعراء، والثلاثة في صحيح مسلم، ومنها: أشعر وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم، ومنها: أصدق بيت قالته الشعراء، والثلاثة في صحيح مسلم، ومنها: اشعر كلمة تكلمت بها العرب، أورده ابن مالك في باب الضمير من شرح التسهيل، ولبيد هو ابن ربيعة العامري، صحابي شاعر مجيد، هجر الشعر حين أسلم، واستنشده عمر، فقال: أبدلني الله خيراً منه، سورتي البقرة وآل عمران، فزاد في عطائه، قيل: وليس له في الإسلام سوى قوله: [البسيط].
(الحمد لله إذ لم يأتني أجلي
…
حتى اكتسيت من الإسلام سربالاً)
وقوله:
(ما عاتب الحر الكريم كنفسه
…
والمرء ينفعه القرين الصالح)
وهذه الكلمة مما قاله قبل الإسلام، ولما أنشد الشطر الأول قال له
/4/ عثمان بن مظعون رضي الله عنه: صدقت، فلما أنشد الثاني قال له: كذبت، إن نعيم الآخرة لا يزول.
والباطل في الأصل غير الحق، والمراد به هنا الهالك، والبيت من معنى قوله تعالى:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [سورة القصص: 88]، ولكن الشاعر عبّر عن الهالك بالباطل، لقصد التصريع، وهو تصريع في أثناء القصيدة.
وذكر النحويون أنه اعترض بالاستثناء بين المبتدأ والخبر، و (ما) عندهم في نحو: قام القوم ما خلا زيدا، مصدرية، ومحلها مع صلتها نصب على الحال، أي خالين عن زيد، أو على الظرف، على حذف مضاف، أي وقت خلوهم عن زيد.
وفي النهاية لابن الخباز قال شيخنا: ليس هذا باستثناء، بل (ما) زائدة، وخلا الله صفة لكل أو لشيء، والمعنى: كل شيء غير [بالرفع] أو غير [بالجر] باطل. انتهى.
وليس الشاهد في البيت، بل في الحديث مع البيت، لاشتمال الحديث
على تسمية البيت كلمة، وأول الكلمة:[الطويل].
(ألا تسألان المرء ماذا يحاول
…
أنحب فيقضى أم ضلالٌ وباطل)
(أرى الناس لا يدرون ما قدرُ أمرهم
…
بلى كل ذي لُب إلى الله واسل)
وبعد البيت:
(وكل أناس سوف تدخل بينهم
…
دويهية تصفر منها الأنامل)
(وكل امرئ يوماً سيعلم غيبه
…
إذا حصلت عند الإله المحاصل)
(إذا المرء أسرى ليلة خال أنه
…
قضى عملاً والمرء ما دام عامل)
(فقولا له ان كان يقسم أمره
…
ألما يعظم الدهر أمك هابل)
(فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب
…
لعلك تهديك القرون الأوائل)
(فإن لم تجد من دون عدنان والدا
…
ودون معد فلتزعك العواذل)
/5/ والبيت الأول يأتي عليه الكلام إن شاء الله تعالى في باب الموصول، ومعنى البيت الثاني: أن الناس لا يدرون ما هم فيه من خطر الدنيا وسرعة فنائها، وأن كل ذي عقل متوسل إلى الله سبحانه بصالح عمله، وقوله: واسل، معناه ذو وسيلة، مثل: لابن وتامر. وقوله: سوف تدخل، دليل على جواز وقوع (سيفعل) خبراً، وذلك جائزاً اتفاقاً إذا كان المخبر عنه مبتدأ عاماً كما في البيت، أو اسماً لأن، نحو: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
سيجعل لهم الرحمن ودا} ويمتنع عند ابن الطراوة وتلميذه السهيلي في غير ذلك، نحو: زيد سيقوم، والأكثرون على الجواز، بدليل قوله:[الطويل].
(فلما رأته أمنا هان وجدها
…
وقالت أبونا هكذا سوف يفعل)
وقوله: دويهية، استدل به الكوفيون على ثبوت تصغير التعظيم؛ إذ المعنى: داهية عظيمة، وأجيب بأنها إنما صغرت لدقتها وخفائها، فهو راجع إلى معنى التقليل، وفي (المحكم) أنه يروى: خويخية، بمعجمتين، بمعنى دويهية.
وقوله: فإن أنت، أصله: فإن إياك، ثم أناب المرفوع عن المنصوب كقراءة الحسن:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [سورة الفاتحة: 5]، = إياك (يعبد)، وفيه أوجه آخر.