الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنما كان حقه الأفراد أيضاً، كما قال سبحانه:{لَيْسُوا سَوَاء} .
ومعنى البيت: أن التسليم على الناس وعدمه ليسا مستويين، ولا قريبين من السواء. وكان حقه - لولا الضرورة - أن يقول: لا سواء ولا متشابهان.
مسألة [91]
ندر دخول اللام الزائدة في خبر أن المفتوحة
كقراءة بعضهم: {إِلَاّ إِنَّهُمْ لَيَاكُلُونَ الطَّعَامَ} . وخبر لكن كقوله: [الطويل].
([يلومونني في حب ليلى عواذلي]
…
ولكنني من حبها لعميد)
وخبر زال كقوله: [الطويل].
(وما زلت من ليلى لدن أن عرفتها
…
لكا لهائم المقصي بكل مراد)
وخبر المبتدأ المؤخر، وأنشد على ذلك ثلاثة أبيات، وهي قوله: / 181 / [الرجز].
(أم الحليس لعجوز شهر به
…
ترضى من اللحم بعظم الرقبة)
وقوله: [الكامل].
(إن الخلافة بعدهم لدميمة
…
وخلائف ظرف لمما أحقر)
وقوله: [الطويل].
(فإنك من حاربته لمحارب
…
شقى ومن سالمته لسعيد)
وزيادتها في الأخيرين خير من زيادتها في الأول، لعدم تقدم (أن) فيه البتة.
وأما زيادتها فيهما فقد تكون في الثاني خيراً منها في الثال، لأنها في الثاني أحد جزأي خبر (أن)، وقد تكون بالعكس، لأن المبتدأ والخبر فيه كأنهما معطوفان على اسم أن وخبرها، حتى أن بعضهم يجيز ذلك، على أن يكون معطوفاً على المحل فأشبه: لام زيداً لقائم، وعمرو لذاهب /.
وعن المبرد أنه ينقاس دخول لام الابتداء في خبر أن المفتوحة.
وعن الكوفيين أنه ينقاس في خبر لكن، وليس ذلك بمرضي، لأن المبرد قاس على نادر قابل للتأويل على الزيادة، والكوفيون قاسوا على بيت لا يعرف قائله، ولا تتمته، ولا نظيره، مع احتماله للتأويل على الزيادة، أو على أن
الأصل: لكن أنى، ثم حذفت الهمزة تخفيفاً، ونون لكن لالتقاء الساكنين، أو لاجتماع الأمثال، فاللام إنما هي داخلة في خبر (أن).
و (العميد) والمعمود الذي هده العشق. ويروى: لكميد، وهو الحزن. ويقال أيضاً: كمد كفرح، والفعل منهما بكسر العين.
و (المقصى) بضم الميم / 182 / وفتح الصاد المهملة: المبعد، و (المراد) بفتح الميم: الموضع الذي يذهب فيه، ويجاء منه.
ولكثير عزة بيت يشبه هذا في معناه وغالب لفظه، فلا أدري من الآخذ من صاحبه، وقد يكونان توارداً، وهو:[الطويل].
(وما زلت من ليلى لدن طر شاربي
…
إلى اليوم كالمقصي بكل سبيل)
وهي من غرر قصائده، وأولها:
(ألا حييا ليلى جد رحيلي
…
وآذن أصحابي غداً بقفول)
(أريد لأنسى ذكرها فكأنما
…
تمثل لي ليلى بكل سبيل)
(وكم من خليل قال لي لو سألتها
…
فقلت له: ليلى أضن بخيل)
(لقد كذب الواشون ما بحتُ عندهم
…
بليلى ولا أرسلتهم برسول)
(فإن جاءك الواشون عني بكذبة
…
فروها ولم يأتوا لها بحويل)
وفيه استعمال (لدن) بغير (من)، ولم تأت في التنزيل إلا مقرونة بها، و (الهائم). / 183 /.
و (الحُليس) بضم الحاء المهملة والسين المهملة، و (الشهرية) بالشين المعجمة، ويقال أيضاً: شهيرة، بتقديم الباء الموحدة على الراء، ومعناها: الكبيرة السن جداً من النساء.
و"من" بمعنى البدل مثلها في {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الْآخِرَةِ} ، ولو لم تحمل على ذلك لفسد المعنى، لأن العظم ليس من اللحم، ويجوز أن يكون التقدير: لهي عجوز، فتكون اللام للابتداء، ويكون دخولها في التقدير على المبتدأ لا على الخبر المؤخر.
وقول الآخر: لدميمة، هو بالدال المهملة من الدمامة، وهي الحقارة، لا بالمعجمة، مأخوذاً من الذم ضد المدح، يدلك على ذلك المعنى، وذكر الحقارة في آخر البيت، ومثله قول الآخر، [الكامل].
(كضرائر الحسناء قلن لوجهها
…
حسداً وبغياً أنه لدميم)
و (خلائف) جمع خليفة، كصحيفة وصحائف. و (ظُرُف) بضمتين،
والظاء معجمة، جمع ظريف، ومثله نذير ونذر، قال الله تعالى:{هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى} .
وجمع فعيل صفة على فُعُل قليل، وإنما يكثر في الصفات كرغف وقضب.
ومعنى البيت: / 184 / إن الخلافة بعد أولئك الخلفاء الذين سلفوا محتقرة، مع إن بعض الخلفاء الذين بعدهم خلائف ظرفاء، ولكنهم بالنسبة إلى أولئك محتقرون.
وأما البيت الآخر فإنما أوله: (وإنك
…
) بالواو لا بالفاء. وهو لأبي عزة الشاعر، أسره المسلمون يوم بدر، وأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال، قد علمت ما لي من مال، وأنا ذو عيال فامنن علي، فمن عليه، وأخذ عليه أن لا يظاهر عليه أحداً، فقال:
(ومن مبلغ عني الرسول محمداً
…
فإنك حق والمليك حميد)
(وأنت امروء تدعو إلى الحق والهدى
…
عليك من الله العظيم شهيد)
(وأنت امروء بوئت فينا مباءة
…
لها درجات ضخمة وصعود)
(وإنك من حاربته ..... البيت)
(ولكن إذا ذكرت بدراً وأهله
…
تأوب ما بي حسرة وفُقود)