الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويقال: خيال وخيالة، كما يقال: حال وحالة، ومكان ومكانة.
وبعده:
(كأن لها برحل القوم بوا
…
وما إن طبها إلا اللغوب)
أي لم يكن داؤها إلا الكلال، فهي لا تبرح. و (البو) جلد الحوار يحشى ويقرب إلى أمه، لتعطف عليه ويدر لبنها، وذلك إذا فقدت ولدها بذبح أو غيره.
مسألة [82]
الغالب اقتران الفعل بعد عسى وأوشك بأن
، نحو:{عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ} ، وقوله:(الطويل).
(إذا المرء لم يغش الكريهة أوشكت
…
حبال الهوينا بالفتى أن تقطعا)
وربما تجرد منها كقوله: [الوافر]:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه
…
يكون وراءه فرج قريب
وقوله: (المنسرح).
(يوشك من فر من منيته
…
في بعض غراته يوافقها)
فأما البيت الأول فأنشده ثعلب في أماليه، قال: أنشدنا ابن الاعرابي، وذكره، ومعناه واضح. وفيه رد على الأصمعي إذ زعم أنه يقال: يوشك، ولا يستعمل له ماض، وقبله:
(أبا مالك لا تسأل الناس والتمس
…
بكفيك فضل الله فالله فالله واسع)
وأما البيت الثاني فإنه للكلحبة، بفتحة فسكون ففتح الحاء المهملة وباء موحدة، واسمه عبد الله بن هبيرة. ومعناه: من لم يركب الهول تقطع أمره، وكانوا يقولون: من أشعر نفسه الجرأة والغلبة ظفر، ومن تذكر الذحول أقدم. و (الذحول) بالذال المعجمة: جمع ذحل، وهو العداوة.
والشاهد في قوله: (أن تقطعا)، فاستعمل الفعل بعد أوشك بأن. وفيه شاهد آخر، وهو الاستغناء بالظاهر عن المضمر، وذلك في قوله:(بالفتى)، وكان الأصل (به)، فلما اضطر أتى بالظاهر، ولم يأت بذلك الظاهر المتقدم، بل بمرادفه، وهو أحسن، دفعا للتكرار، ولنه نسبة الضمير في مخالفته للفظ ما سبق. وفيه استعارة الحبال للهوينا، تنزيلا للمعقول منزلة المحسوس، وترشيح الاستعارة بذكر التقطع، وقبله:
(أمرتهم أمرى بمنعرج اللوى
…
ولا رأى للمغضي إلا تصنعا /162/)
وانتصاب (تصنع)، أما لأنه حال من الرأي وإن كان نكرة، لنه في سياق النفيض، أو من ضميره المستتر في صفته، وهي للمغضي، أو لأنه مستثنى على أنه صفة للرأي، وذلك على قول الأخفش: إن إلا تعترض بين الموصوف وصفته.
والفارسي يمنع من ذلك. ومن أبيات القصيد قوله:
(وقد جعلتني من خزيمة إصبعا)
وأما البيت الثالث فإنه لهدبة بن خشرم. والهدبة: طرف الثوب. والخشرم: جماعة النحل.
وكان من خبره أنه قتل زيادة بن زيد الحارثي، فحمله أخوه عبد الرحمن إلى معاوية رضي الله عنه، فأدعى عليه، فقال له معاوية: ما تقول؟ فقال: أأجيبك شعرا أم نثرا؟ فقال: بل شعرا. فقال مرتجلا: (الطويل).
(ألا با لقومي للنوائب والدهر
…
وللمرء يردي نفسه وهو لا يدري)
(وللأرض كم من صالح قد تلمات
…
عليه فوارته بلماعة قفر)
(فلا ذا جلال هبنة لجلاله
…
ولا ذا ضياع هن يتركن للفقر)
إلى أن قال:
(رمينا فرامينا فصادق سهمنا
…
منية نفس في كتاب وفي قدر)
(وأنت أمير المؤمنين فما لنا
…
وراءك من مغزى ولا عنك من قصر)
(فإن تك في أموالنا لا نضق بها
…
ذراعا وإن صبرا فنصبر للصبر)
فقال له معاوية: قد اعترفت. فقال: هو ذاك. فقال أخو المقتول: أقدني منه، فنظر معاوية فإذا للمقتول ولد صغير، فقال يحمل إلى المدينة فيحبس بها إلى أن يبلغ الصبي. فلبث في السجن /163/ سبع سنين، وكان معه رجل مسجون يقال له أبو نمير فجالسه يوما، وأظهر له التألم، فقال:
(يؤرقني اكتئاب أبي نمير
…
فقلبي من كآبته كئيب)
(فقلت له هداك الله مهلا
…
وخير القول ذو اللب المصيب)
(فإنا قد حللنا دار بلوى
…
فتخطئنا المنايا أو تصيب)
(عسى الكرب ...... البيت)
يروى بفتح التاء من (أمسيت). وبعده:
(فيأمن خائف ويفك عان
…
ويأتي أهله الرجل الغريب)
قوله (دار بلوى) يعني السجن. قوله (ذو اللب) أي قول ذي اللب.
فلما بلغ الصبي عرضت عليه عشر ديات فأبى إلا القود، فدفع إليه، فقتله صبرا، وهو أول مصبور بالمدينة بعد غهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله ابن المسيب.
ورأيت في بعض الكتب أنه جيء به مقيدا فقال: (الطويل).
(إذا العرش إني مسلم بك عائذ
…
من النار ذوبث إليك فقير)
و (عسى) في البيت للترجي. و (الكرب) الهم لأنه قريب من الإنسان، قال:(الطويل).
(سبقت إليك الموت والهم كاربي)
و (وراء) ظرف مؤنث، لتصغيره على (وريشة)، وظهور الهمزة في تصغيره دليل على أنه ليس من (وأريت)، كما قال بعضهم. والظاهر أنه بمعنى: أمامه، كقوله تعالى:{مِّن وَرَأَىئِهِ جَهَنَّمُ} ، و {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَاخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} .
و (الفرج) انكشاف الهم. و (فرج) مبتدأ، وقريب صفة والظرف خبر /164/، والجملة خبر يكون، واسمها ضمير الكرب، ويكون وما بعده خبر (عسى).
ويجوز تقدير (يكون) تامة، ويكون فاعلها ضمير الكرب، والجملة الاسمية حالا. ويجوز على الوجهين أن يكون (فرج) فاعلا بالظرف، على أنه خبر الناقصة، وحال من فاعل التامة، وهذا أرجح من تقديره مبتدأ. وإنما لم أقدر (فرج) اسم يكون على أنها التامة، و (وراءه) متعلق ب (يكون) كما فعل بعضهم، لأن فاعل الفعل الواقع في باب (كاد) لا يكون إلا ضميرا راجعا للاسم السابق، فلا يجوز (كاد زيد يموت أبوه)، وما خرج عن ذلك نادر فلا يحمل عليه مع وجود مندوحة عنه. وكذلك لا يكون اسم يكون ضمير الشأن كما قدره جماعة، لما ذكرنا.
وأما البيت الرابع فالمشهور أنه لأمية بن أبي الصلت، وقال صاعد: لرجل خارجي قتله الحجاج.
ومعناه واضح. و (في) متعلقة ب (يوافق)، أو حال من فاعله. و (الغرات) بكسر الغين، جمع غرة، فعلة من الاغترار، أي يوافقها في بعض أوقات غرته، أو كائنا في بعض حالات غرته، أي ذهوله عن التحرز، وقبله:
(ما رغبة النفس في الحياة وإن
…
عاشت قليلا فالموت لاحقها)
وبعده:
(من لم يمت عبطة يمت هرما
…
الموت كأس والمرء ذائقها)
يقال: مات عبطة، بفتح العين المهملة، إذا مات شابا طريا قويا، والدم العبيط: الطري.
وفيه شاهد على أن الكأس مؤنث، وعلى أنها تطلق على نفس الشيء المشروب، وإنما هي في /165/ الأصل اسم للظرف المعروف ما دام فيه