الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه، وبحيث جربت، وقال غيره: صدر كالممزق في الآية، والباء بمعنى على، أي فإنك ستراها على التجربة التي عهدت وأول القصيدة.
(خليلي مرا بي على أم جندب
…
تقضي لبانات الفؤاد المعذب)
(فإنكما أن تنظراني ساعة
…
من الدهر ينفعني لدى أم جندب)
(ألا ليت شعري كيف حادث وصلها
…
وكيف تراعي وصلة المتغيب)
(أدامت على ما بيننا من مودة
…
أميمة أم صارت لقول المخبب)
(اللبانات) الحاجات. وقال: نظره بمعنى انتظره. و (المخبب) بالخاء المعجمة والباء الموحدة المكسورة: المفسد / 145 /.
مسألة [78]
إعمال لا النافية عمل ليس قليل وكثير
، فالقليل حيث لا تقترن بها التاء. وتختص هذه بالنكرات كالعاملة عمل أن المؤكدة ويغلب ترك خبرها كقوله:[مجزؤ الكامل].
(من صد عن نيرانها
…
فأنا ابن قيس لا براح)
ومن ذكره قوله: [الطويل]
(تعز فلا شيء على الأرض باقيا
…
ولا وزر مما قضى الله واقيا)
قيل: وقد تعمل في اسم معرفة كقوله: [الطويل].
(وحلت سواد القلب لا أنا باغيا
…
سواها ولا في حبها متراخيا)
والكثير حيث تقترن بالتاء، وتختص هذه بأسماء الزمان ويجب حذف أحد معموليها. والغالب كونه الاسم وكون معمولها لفظة (الحين) كقوله تعالى:{كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} وقرئ شاذاً برفع الحين وقال: [كامل]
(ندم البغاة ولات ساعة مندم
…
والبغي مرتع مبتغيه وخيم)
فاعملها في (الساعة) وقال: [الخفيف].
(طلبوا صلحنا ولات اوان
…
فأجبنا أن ليس حين بقاء)
فاعملها في الأوان، وإنما كسره ونونه لما سيأتي.
فأما البيت الأول فهو لسعد بن مالك القيسي، جد طرفه بن العبد.
ومعناه: من أعرض عن اصطلاء نار الحرب فإنا مخالف له، لأني الفتى الأصيل المعروف المستغني بشهرته عن إطالة نسبته. وقوله (لا براح) تقرير للجملة السابقة، أي لا براح لي عنها. و (البراح) مشترك بين المكان والزمان. تقول: ما برحت من مكاني براحاً وبروحاً. وما برحت افعل كذا براحاً.
وقيل: لا شاهد فيه، لجواز كون (براح) مبتدأ. ورد بأن / لا / الداخلة على الجمل الاسمية يجب إما اعمالها، أو تكرارها، فلما لم تتكرر / 146 / عُلِمَ أنها عاملة.
فأجيب بأن هذا شعر، والشعر يجوز فيه أن ترد غير عاملة، ولا
مكررة. فرد بأن الأصل كون الكلام على غير الضرورة، وأول القصيد:
(يا بؤس للحرب التي
…
وضعت أراهط فاستراحوا)
(والحرب لا يبقى لجا
…
حمها النخيل والمراح)
(إلا الفتى الصبار في الـ
…
نجدات والفرس الوقاح)
وبعد البيت:
(صبراً بني قيس لها
…
حتى تريحوا أو تراحوا)
(إن الموائل خوفها
…
يعتاقه الأجل المتاح)
قوله (يا بؤس للحرب) نداء في معنى التعجب، أي: ما ابأسها وأشدها. واللام الجارة مقحمة لتوكيد معنى الإضافة، ويختص ذلك في النداء بهذه اللفظة ولا تقع في غير النداء إلا في باب (لا) يقولون لا أبا لزيد ولا أخا لعمرو، ولا غلامي لك، ولولا قصد الإضافة لم تحذف نون المثنى.
ولم تثبت ألفاً (أب وأخ) فإن ذلك يقوله من ليس من لغته القصر، ولقيل: يا بؤساً، بالنصب، أو يا بؤس، بالضم.
و (الوضع) ضد الرفع، أي أنها اسقطت شرفهم، إذ تركوها لعجزهم فاستراحوا من تحمل المشاق في ابتغاء الحمد.
وقال رجل للأخنف: ما أبالي أمدحت أم هجيت، فقال: استرحت من حيث تعب الكرام.
و (أراهط) جمع أرهط، قال:[رجز].
وفاضح مفتضح في أرهطه [من أرفع الوادي ولا من يعتطه]
و (أرهط) جمع (رهط)، وهذا أولى من قول سيبويه: إن أراهط جمع رهط على غير القياس.
و (جاحم الحرب) معظم شدتها. و (التخيل) الخيلاء. أي: صاحب التخيل. و (المراح) / 147 / المرح واللعب، أي أنها تشغله عن خيلائه ومرحه. و (الفتى) بدل من صاحب التخيل على لغة تميم في إبدال المنقطع. و (النجدات) الشدائد. و (الوقاح) الصلب الجلد والحافر.
ثم أمر إخوانه من بني قيس أن يصبروا للحرب حتى يظفروا بعدوهم، فيريحوا قومهم منه، أو يقتلهم عدوهم، فيريحوهم، و (الموائل) مفاعل من (وأل) منه إذا خلص، أي أن الذي يطلب الخلاص من الحرب لخوفه منهلا لا بد له من الموت. و (المتاح) المقدر. وما أحسن قول قطري بن الفجاءة، يخبر عن مخاطبته نفسه. واسم الفجاءة مازن، وسمي فجاءة
لأن أباه جاء به من اليمن فُجأة بعد ما صار رجلاً: [البسيط].
(أقول لها وقد طارت شعاعاً
…
من الأبطال ويحك لا تراعي)
(فإنك لو سألت بقاء يوم
…
على الأجل الذي لك لم تطاعي)
(فصبراً في مجال الموت صبراً
…
فما نيل الخلود بمستطاع)
(سبيل الموت غاية كل حي
…
وداعيه لأهل الأرض داع)
(ومن لا يعتبط يسأم ويهرم
…
وتسلمه المنون إلى انقطاع)
(وما للمرء حير في حياة
…
إذا ما عد من سقط المتاع)
(الشعاع) بالفتح: المتفرقة. و (من الأبطال) إما متعلق بـ (تراعي) أو بـ (طارت). (يعتبط) بالعين والطاء المهملتين، يمت شاباً طرياً.
وأما البيت الثاني فظاهر. و (التعزي) التصبر، مطاوع عزيته و (الوزر) الملجأ، وأصله الجبل، والجاران متعلقان باخبرين بعدهما، أو الأول صفة لما قبله.
وأما البيت الثالث فإنه للنابغة الجعدي رضي الله عنه. وحمله بعضهم / 148 / على ظاهره، فأجاز عملها في اسم معرفة وهو قول أبي الفتح في كتاب (التمام)، وابن الشجري، وعلى ذلك يتخرج قول المتنبي:[الطويل].
(وإذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى
…
فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا)
والأولى في بيت النابغة أن يؤول على أن الأصل: لا أوجد باغيا. ثم حذف الفعل وحده، فبرز الضمير وأنفصل أولا أنا أوجد باغيا، ثم حذف الخبر، وبقي معموله كقراءة علي رضي الله عنه (ونحن عصبة) أي نوجد عصبة.
ويروى:
(لا أنا مبتغ سواها .. ولا عن حبها متراخيا)
وعلى هذه الرواية أيضا معملة، ولكنه سكن ياء مبتغ للضرورة كقوله:(الوافر).
كفى بالنأي من أسماء كاف
…
(وليس لحبها ما عشت شاف)
وقول الفرزدق في هشام: (الطويل).
(يقلب رأسا لم يكن رأس سيد .. وعينا له حولاء باد عيوبها)
وكان الأصل (كافيا) على التمييز، و (باديا) صفة لـ (عينا). و (عيوبها) فاعل بـ (باد)، ولو كان (باد) خبرا عن (عيوبها) لوجب أن
يقول: بادية. و (متراخيا) معطوف على (مبتغ).
وجوز ابن الشجري كون (لا) مهملة فـ (مبتغ) مرفوع، قال: ويكون أعمل (لا) الثانية، وحذف اسمها، أي: ولا أنا متراخيا عن حبها، وحسن حذفه تقدم ذكره انتهى.
ولم يثبت أن اسم لا هذه يحذف، والقياس يأباه، لأن اسم ليس لا يحذف، فالمحمول عليها أحرى بذلك. وقبله:
(دنت فعل ذى ود فلما تبعتها
…
تولت وخلت حاجتي في فؤاديا)
وبعده:
(أتيحت له وآلهم يحتضر المفتى
…
ومن حاجة الإنسان ما ليس لاقيا)
(فلا هي ترضى دون أمرد ناشئ
…
ولا أستطيع أن أعيد شبابيا/ 149 /)
(وقد طال عهدي بالشباب وطيبه
…
ولاقيت أياما تشيب النواصيا)
(ولو دام منها وصلها ما قليتها
…
ولكن كفى بالهجر للحب شافيا)
(وما رابها من ريبة غير أنها
…
رأت لمتي شابت وشاب لداتيا)
(ولكن أخو العلياء والجود مالك
…
أقام على عهد النوى والتصافيا)
(فتى كملت خيراته غير أنه
…
جواد فما يبقي من المال باقيا)
(فتى ثم فيه ما يسر صديقه
…
على أن فيه ما يسوء الأعاديا)
وهذان البيتان بديعان، ولم يورد أبو تمام في حماسته سواهما.
وانتصاب (غير) على الاستئناء المنقطع، ولولا أن القوافي منصوبة لكان يصح له أن يقول في بيت الشاهد:
ولا في حبها متراخي
على أن يكون من الضرب الثالث من أضرب الطويل، وهو فعولن كقوله:(الطويل).
(أقيموا بني النعمان عنا صدوركم
…
وإلا تقيموا صاغرين الرؤوسا)
وأما قوله تعالى: {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} ، فالواو واو الحال، وقلما تستعمل (لات) إلا بعدها.
و (لات) هي لا النافية زيدت عليها التاء لتأنيث اللفظة، أو للمبالغة في معناها، وإنما حركت لالتقاء الساكنين، وكانت الحركة فتحة لمناسبة الألف، لأنها أخف.
والمعنى: وليس ذلك الحين حين فرار، فحذف اسمها، وبقي خبرها. هذا قول الجمهور. وقال الأخفش: هي لا العاملة عمل إن، وحين مناص اسمها، والمحذوف خبرها، قال: أو التقدير: لا أرى حين مناص، فانتصاب الحين على المفعولية.
وقرئ برفع (الحين)، فقال الجمهور: هي على حذف الخبر،
فهي أفصح قياسا لا استعمالا. وقال أبو الحسن: مبتدأ حذف خبره.
وقرئ بجر (الحين) فقال الفراء: هي حرف جر، وقال بعضهم: على اضمار (من)، وقال الزمخشري: الأصل مناصهم، ثم حذف الضمير. وشبه (مناص) / / بـ (إذ) في قوله: وأنت إذ صحيح. فبناه على الكسر، وعوضه التنوين، وصح فيه ذلك وإن لم يكن زمانا، لأنه مخفوض بإضافة الزمان، والمتضايقان كالشئ الواحد، ثم بنى (الحين) لاضافته إلى المبني.
وأما البيت الرابع فواضح أيضا. و (البغاة) جمع باغ، والواو للحال مثلها في الآية. و (مندم) مصدر ميمي كمناص. و (المبتغي) الطالب. و (الوخيم) كالوبئ وزنا ومعنى.
وأما البيت الخامس فإنه لأبي زبيد الطائي.
وروى أبو عمرو الشيباني وآبن الأعرابي أن رجلا من بني شيبان نزل برجل من طئ، فاضافة وسقاه، فلما سكر قام إليه بالسيف فقلته وهرب، فافتخرت بنو شيبان بذلك، فقال أبو زبيد:(الخفيف).
(خبرتنا الركبان أن قد فرحتم
…
وفخرتم بضربة المكاء)
(ولعمري لعارها كان أدنى
…
لكم من تقى وحسن وفاء)
(ظل ضيفا أخوكم لأخينا
…
في صبوح ونعمة وشواء)
(لم يهب حرمة النديم ولكن
…
يا لقوم للسوءة السواء)
(فآصدقوني وقد خبرتم وقد ثا
…
بت إليكم جوائب الانباء)
(هل علمتم من معشر سافهونا
…
ثم عاشوا صفحا ذوى غلواء)
(كم أزالت رماحنا من قتيل
…
قاتلونا بنكبة وشقاء)
(بعثوا حربنا عليهم وكانوا
…
في مقام لو أبصروا ورخاء)
(ثم لما تشذرت وأنافت
…
وتصلوا منها كريه الصلاء)
طلبوا صلحنا
…
البيت
(ولعمري لقد لقوا أهل بأس
…
يصدقون الطعان عند اللقاء)
(إننا معشر شمائلنا الصبر
…
ودفع الأسى بحسن العزاء)
(ولنا فوق كل مجد لواء
…
فاضل في التمام كل لواء)
(فإذا ما استطعتم فاقتلونا
…
من يصب يرتهن بغير فداء)
(المكاء) اسم للرجل الذي قتل و (جوائب) جمع جائبة، يقال: هل عندكم من جائبة خبر - وهو ما يجوب البلاد أي يقطعها. و (تشذرت) رفعت ذنبها، وأنافت: رفعت رأسها.
وفي توجيه قوله: (ولات أو ان) أقوال، أحدها للفراء: أن لات تستعمل حرف جر. الثاني: لابن جني: أن الأصل ولات حين أوان صلح، ثم حذف خافض الأوان، وبقي عمله، وحذف محفوضه ورجع بالتنوين. والثالث للزمخشري: إن الأصل: أوان صلح، فحذف ثم أنه شبه أوانا بـ (إذ) في قوله: وأنت إذ صحيح. في أنه زمان قطع عن الاضافة، فبناه على الكسر، وعوض التنوين.
وفيه نظر في موضعين، أحدهما: أن (إذ) لم تبن على الكسر بل على