الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالمصائب، وأراد: شامتٌ بي ومثن عليّ، وشامتٌ، إما مقطوع على أنه خبرًا أو مبتدأ، أي أحدهما: شامت، أو منهما شامت، وأما بدل من الخبر ويرجح القطع لزومُهِ فيمَنْ روَى (نصفين أو صنفين) ويروى: شامِتٌ ومُثْنٍ /121/، بما قد كنت أُولى وأصنعُ، ويُروى: أسدى وأصنع، وبعده:
(ولكن ستبكيني خِطوبٌ ومجلسٌ
…
شُعْثٌ أُهينوا في المجالس جُوّعُ)
(ومُسْتَلْجِمٌ قد صحكه القومُ صَكة
…
بَعيدُ الموالي نيلَ ما كانَ يَجْمَعَ)
(وما ذاك أن كان ابن عمي ولا أخي
…
ولكن مَتَى ما أملك الضُّرَّ أنفعُ)
وهذا البيت الأخير شاهد على جواز: أن تقم أقوم، بالرفع، وهو ضرورة، ومثله:[الرجز].
(يا أقرعُ بنُ حابسٍ يا أقرعُ
…
إنَّك إنْ يُضْرَعْ أخوك تُضْرَعُ)
مسألة [70]
لا يزاد من الأفعال بقياس إلا (كان) بشرط كونها بلفظ الماضي، ووقوعها بين (ما) التعجبية وخبرها
، نحو: ما كان أحسن زيدًا، ولم تكثر زيادتها في غير ذلك، فيقاس عليه، وندرت زيادتها بين على ومجرورها، كقوله:[الوافر].
(سَراةُ بني أبي بكرٍ تَسَامى
…
على كانَ المُسومةِ العِرابِ)
ومُسْنَدةٌ إلى الفاعل كقوله: [الوافر].
(فكيفَ إذا مررت بدار قوم
…
وجيران لنا كانوا كرامِ)
وبلفظ المضارع نحو: [الرجز].
(أنتَ تكونُ ماجدٌ نبيلٌ
…
إذا تهُبُّ شَمْالٌ بليلُ)
وزيادة (أصبح وأمسى) في قولهم: ما أصبح أبردها، وما أمسى أدفاها، يعنون الدنيا، وجوزه الفارسي في قوله:[السريع].
(عَدُوُّ عَيْنَيْكَ وشأنئهما
…
أصبحَ مشغولٌ بمشغولِ)
وقوله: [الطويل].
أعاذل قولي ما هويتِ فإنني
…
كثيرًا أرى أمسى لديك ذُنوبي)
فأما البيت الأول، فالسراة، بالفتح: اسم جمع للسرى، وهو ذو السخاء والمرؤة، ويروى مكانه (جياد) فإن كان جميع جيّد، فهما متقاربان،
أو: جواد، فالممدوح خيلُّهم، والمعنى حينئذٍ /122/ على المسومة العراب من جياد غيرهم، وهذه الرواية وهذا التفسير أظهر، إذ ليس بمعروفٍ تفضيل الناس على الخيل.
و (تسامى) إما مضارع، أي: تتسامى: أو ماضٍ على حد قولهم: الركبُ سارَ، ويؤيده أنه يروى: تَسَامَوا.
و (العراب من الخيل خلاف البراذين، ومن الإبل خلاف اليخاتى، وروى الفراء: المطهمة الصلاب. والمُطهم، بالمهملة: التام الخلق من الخيل وغيرها. و (الصلاب) ذوات الصلابة أي الشدة.
تنبيه:
ذكر ابن يعيش أن (كان) الزائدة إما لمجرد توكيد الكلام، كالتي في هذا البيت، وكما في قولهم: إن من أفضلهم ما كان زيدًا، إذ لا مدح في إثبات ذلك له فيما مضى دون الحال، وإما لإفادة الانقطاع نحو: ما كان أحسن زيدًا.
وأما البيت الثاني فإنه للفرزدق في كلمة يمدح فيها هِشامًا. و (كرام) صفة لجيران. و (لنا) قيل: خبر مقدم، ثم اختلف على قولين، أحدهما: أنه خبر مبتدأ، والأصل (لناهم)، ثم زيدت (كان)
بينهما، فصار (كان هم)، ثم وصل الضمير إصلاحًا للفظ، لقبح وقوعه منفصلاً إلى جانب فعل غير مشتغل بمعمول، والثاني: إنه خبر لكان وأنها ناقصة، وهي قول المبرّد، وجماعةٍ وعليه فالجملة صفة لجيران وتقدّمت على الصفة المفردة، والأكثر في الكلام تقديم المفردة. وقيل:(لنا) صفة لجيران.
ثم اختلف على قولين أيضًا، أحدهما: إن (كان) تامة، والضمير فاعل، أي: وجدوا، ولا فائدة في الكلام على هذا القول، والثاني: إنها زائدة، ثم اختلفوا في الاعتذار عن الضمير على قولين، أحدهما: إن الزيادة لا تمنع العمل في الضمير، كما لم يمنع /123/ إلغاء عملها في الفاعل مطلقًا.
قاله ابن السيد والناظم، وفيه نظرٌ، لأن الفعل الملغى لم ينزل منزلة الحروف الزائدة حتى لا يليق به الإسناد إلى الفاعل، وإنما هو فعل صحيح وُضِعَ لقَصْد الإسناد.
والثاني: أن الأصل (كان هم) على أن الضمير توكيد للضمير المستتر في (لنا)، ثم زيدت (كان) بينهما ووصل الضمير للإصلاح.
ويُروى أن الحسن البصري لما سمع البيت قال له: قل كانوا كرامًا، فقال: إذن ماما ولدتني إلا ميسانية يا أبا سعيد.
و (مَيْسان) من قرى العراق، أي لم أدْنُ من العرب، ويروى:
(وكنت إذا رأيتُ ديارَ أهلي)
وقبل البيت:
(هَلْ أنتم عائجون بنا لَعَنا
…
نَرَى العَرَصاتِ أوْ أَثَرَ الخيامِ)
(فقالوا إنْ فَعَلْتَ فُاغْن عنّا
…
دُموعًا غيرَ راقيةِ السِّجام)
وبعده:
(أكفكفُ عبرةَ العينين منّى
…
وما بَعْدَ المدامعِ من مَلامِ)
و (لعنّا) لغة في لعلنا، وكيف ظرف لا كفكف، ومن أبيات القصيد:
(سيبلغهُنَّ وحيُ القول عَنِّي
…
ويُدْخِلُ رأسَهُ تحت القِرامِ)
(أُسَيدُ ذو خُرَيطةٍ نهارًا
…
من المتلقِّطي قُرَدَ القُمام)
(القرام) بكسر القاف، السِّتر، أي سأرسل إليهن غُلامًا أسودَ حقيرًا
لا يؤبه له، يلتقط الكناسة، وفيه عيب التضمين، لأن الثاني مشتمل على فاعل فعل في الأول، وفي الثاني منهما أعلال الواو في (أسيود)، وهو أقيس من التصحيح، وإضافة ما فيه الألف واللام، لكون المضاف صفة معربة بالحروف، على أن المضاف إليه مضافٌ /123/ لما فيه الألف واللام، وذلك مصحح أيضًا لو انفرد.
وأما البيت الثالث فإنه لأم عقيل بن أبي طالب، تقوله وهي تُرَقصُهُ. و (الماجد) الشريف والنبيل.
و (تَهُب) بضم الهاء وجوبًا، وهو شاذ قياسًا، لأن قياس مضارع فعل المضعف القاصر (يفعل) بالكسر، نحو: حنَّ يحِنّ، وأنّ يئنّ.
و (شَمْألٌ) بهمزة زائدة بعد الميم، وقد تجعل قبلها، والأكثر شمأل، بألف: اسم الريح الآتية من تلك الجهة، وفيها لغات أخر.
ولم يؤنث (بليل، لأنه بمعنى مبلول، كما يقال: امرأة جريح، وكف خضيب.
أي: أنت كريم في الشتاء، أي حينّ يَقِلُّ الطعام ويكثر الأكل، ومثله قول أمية:[الوافر].
تُباري الريح مكرمة وجَودًا
…
إذا ما الكَلْبُ أجْحَرَهُ الشتاءُ)
والفراء يقيس زيادة (كان) بلفظ المضارع، لكن بعد ما التعجبية، نحو: ما يكون أطولَ هذا الكلام، وقولُ رجل من طَيّي:[الكامل].
(صَدقْتَ قائلَ ما يكونُ أحقَّ ذا
…
طِفْلاً ببذِّ أولى السيادة يافعًا)
(البذّ) بالموحدة فالمعجمة: الغلبة، و (اليافع) الغلام إذا ارتفع، أُخِذَ من اليفاع للمرتفع من الأرض، وقياسه موفع ولقولهم أيفع الغلام.
وأما البيت الرابع فالشاني: المبغض، وأصله الهمز، ولكن أبد له للضرورة، والمعنى: بمشغول عنه. و (أصبح) زائدة بين المبتدأ والخبر، ويمكن أن تكون ناقصة حذف خبرها، أي أصبح كذلك، أو أصبحه.
فعلى الأول (مشغول) خبر المبتدأ، وفي (أصبح) ضمير المبتدأ وجملة أصبح كذلك مستأنفة.
وعلى الثاني (مشغول) اسم أصبح والجملة خبر المبتدأ، والأول أولى، لأن في الثاني قلب الإعراب إذ الأصل: أصبح مشغولاً /125/ على الأخبار، بالنكرة عن المعرفة، ثم قلب، فقيل: أصبحه مشغول، ثم حذف الخبر، وإنما لم يثنِ ضمير المبتدأ لأن العدوّ هو الثاني.
وأما البيت الخامس فإنه للنمر بن تولب. والمعنى: يا عاذلة قولي ما أحببت فرجعي لَوْمَكِ إياي، فإني أرى ذنوبي عندك كثيرةً.
وفيه إعمال (أرى) مع التوسط بين المفعولين، وزيادة (أمسى)، والإخبار بفعيل عن الجمع، إلا أن قدّر أن الأصل شيئًَا كثيرًا. وبعده:
(فلن تنطقي حقًا ولستِ بأهله
…
فقبّحتِ مما قائل وخطيبِ)
(وحثت على جَمْع ومَنْع ونفسها
…
لها في صروف الدهْرِ حَق كذوبِ)
(وكأينْ رأيتُ من كريم مُرَزَّأ
…
أخي ثقةٍ طلقِ اليدينِ وهوبِ)
(شَهِدْتِ وفاتوني وكنت حسبتني
…
فقيرًا إلى أن يشهدوا وتغيبي)
(أعاذل إن يُصبحْ صداي بقَفْزَةٍ
…
بعيدًا جفاني ناصري وقريبي)
(تَرَى أن ما أبقيتُ لم أكُ ربَّهُ
…
وإن الذي أمضيْتُ كان نصيبي)
(وذي إبل يَسْعَى ويحسِبُها له
…
أخي نَصَبٍ في جَمْعِها لدؤوب)
(غَدَتْ وعدا ربُّ سواه يَسُوقُها
…
ويُدِّلَ أحجارًا وحالَ قليبِ)
قوله (مما قائل) من لبيان الجنس، وما زائدة كزيادتها في {مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ} ، وفي قوله:(وحثت) التفات، وقوله:(فلن تَنْطفي) متصل بقوله: (قولي وقوله حق كذوب) صفة لمحذوف، أي: كذوب حق كذوب، وفعول بمعنى فاعل، يستوي فيه الذكر والأنثى، و (كأين) بمعنى كثير لغة في (كأي) وبها قرأ ابن كثير. و (من كريم) تمييز لكأين،