الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتكلم على مقتضى، وكل يتكلم على مقتضى سجيته التي فطر عليها، ومن هنا تكثَّرتِ الرواياتُ في بعضِ الأبيات.
وذكر القَواسُ في شرح الدُّرَّة أنَّهُ روى ابقالُها، بالرفع، فلا شاهد فيه حينئذٍ.
وزعم بعضُهم أنَّهُ لا شاهدَ فيه على رواية النصب أيضًا، وذلك على أنْ يكونَ الأصلُ لا مكان أرض، ثم حذف المضاف، وقال: ابقل، على اعتبار المحذوف، وقال: ابقالها، على اعتبار المذكور.
مسألة [128]
اتفقوا على وجوب تأخير المحصور فيه بإنَّما، مرفوعًا كان أو منصوبًا، ليتَّضحَ بذلك المحصور فيه من غيره، واختلفوا في المحصور فيه بإلَّا
، فقال المتأخرون: وهو كذلك حملاً لأحد الحصرين على الآخر، ولأنَّ المحصورَ في نحو: ما ضربَ زيدٌ إلاً عمرًا، ضرب وقع من زيد لا مطلق الضرب، وفي: ما ضرب عمرًا إلاً زيدٌ، ضرب وقع على عمرو لا مطلق الضرب، فلو قدمت المحصور فيه /90 آ/ في المثالين لحصرت الصفة قبل تمامها.
وقال الكسائي: يجوز تقديمُه لأمْنِ الالتباس.
وقال البصريون والفراء وابن الأنباري من الكوفيين: إنْ كان مفعولاً جاز
تقديمه، لأنَّهُ في حالة التقديم في نية التأخير فتقديمه كلا تقديم، وإنْ كان فاعلاً وجب تأخيرُه، لأنَّه في حالة التقدم حال في محله، فلا يجوز أن يُقوي به غير ذلك المحل، وحينئذٍ فيكون تقديمه من جهتي اللفظ والتقدير، وذلك غير لائق بالمحصور فيه، لما قدَّمنا، وبعض النحويين كالناظم يتجوَّز في العبارة فيسمى المحصور فيه محصورًا.
ووهم الناظم وتبعه ابنه فنسب القول بالتفصيل لابن الانباري وحدَهُ.
واحتجَّ مجيز تقدم المحصور فيه بإلاً إذا كان فاعلاً بقول: [الطويل]
(تَزَوَّوْتُ من ليلى بتكليمِ ساعةٍ
…
فما زاد إلاً ضِعْفَ ما بي كلامُها)
وهذا يصحُّ أنْ يحتجَّ به من يقول بالجواز مطلقًا بأنْ يقولَ هو دليلٌ على أنّ كونَ الشيءِ محصورًا فيه وكونه مقدّمًا لا يتنافيان، ووقع ذلك هنا في الفاعل بطريق الاتفاق، إلَا أنَّ الجواز مقَّيدٌ بذلك، ويقوى ذلك بأن يعود ما يشهد لتقدُّم المحصور فيه، وهو مفعول كقوله:[البسيط]
(ما عابَ إلَّا لئيمٌ فعلَ ذي كرم
…
ولا جَفَا قَطُّ إلَا جَبَّأٌ بطلا)
وقوله: [الطويل]
(فلم يدرِ إلَا الله ما هيَّجَتْ لنا
…
عشيّةً آناءُ الديار وشامُها)
فأما البيت الأول فقد قيل لا دليل فيه لجواز أنْ يكونَ فاعل (زَاد) ليس قوله: (كلامها)، بل ضميرًا مستترًا في (زاد) راجعًا إلى (تكليم ساعة)، وحينئذٍ يبقى (كلامها) لا رافع له في اللفظ، فيحتاجون إلى تقدير عاملٍ له، فيقدّرون زاد في كلامها، وهذا التأويل قد يستبعد، لأنَّ مثلَ هذا إنّما يحسن إذا كان في الكلام السابق إيهام فيستأنف.
حينئذٍ له جملة توضحُهُ، ويقدْر تلك الجملة جوابًا لسؤال كما مرّ في قولك: ليُبْكَ يزيدُ ضارع لخصومه.
ويُجاب بأنَّ الفاعل لمّا لم يكنْ ظاهرًا بل ضميرًا مستترًا حصل إيهام سوِّغ السؤال والجواب، وبعدُ فالصواب الحكم بجواز التقديم قليلاً، أو في الضرورة.
وأما البيتان الآخران فقيل فيهما أيضًا بأنَّ المؤخَّر معمول لمحذوف،