الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فدعوه إلى الإسلام، فقال: لا والله حتى أحرزت في الخزرجية بالسيف يوماً إلى الليل. / 185 / ثم أنه قال بعد ذلك في وقعة أحد شعراً يحث فيه على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فظفر به، فأمر بقتله، فقال: اقلني، فقال:«لا يلدغ المؤمن من حجر مرتين» ، والله لا تقول لمكة خدعت محمداً مرتين، فضربت عنقه. وقيل: إنما أسره وقتله حين خرج إلى حمراء الأسد.
مسألة [92]
يجوز في (ليتما) الإعمال لبقاء اختصاصها بالجمل الاسمية
، إذ لا يجوز: ليتما قام زيد، كما يجوز: إنما قام زيد.
والإهمال، قال ابن الناظم: نظراً إلى الكف بما. وقال غيره: حملاً على أخواتها. وهو الصواب، لأن الكف ناشئ عن زوال الاختصاص ولم يزل فيها، وقدروا بالوجهين قوله:[البسيط].
(قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا
…
إلى حمامتنا أو نصفه فقد)
والبيت لزياد بن معاوية، وهو النابغة الذبياني، من كلمته المشهورة التي يعتذرُ فيها إلى النعمان.
وقوله: (ونصفه) تابع لقوله: (هذا)، فمن قدره منصوباً ونصب الحمام نصبه، ومن قدر فيه الرفع رفعه.
وقد يجوز الرفع من نصب (الحمام)، وذلك على أن يجعله معطوفاً / 186 / على المستتر في (لنا)، وحسن ذلك لأجل الفصل.
ويروى: (أو) بدل (الواو). و (قد) بمعنى حسب، وهو مبتدأ حذف خبره، أي: فحسبي ذلك. وضمير (قالت) لزرقاء اليمامة على المشهور، وهي امرأة من بقية طسم وجديس، توصف بحدة النظر. قيل: كانت ترى من مسافة ثلاثة أيام.
وكان من خبر هذه القصة أنه كان لها قطاة، فمر بها سرب من قطَّا بين جبلين، فقالت:[الرجز] ".
(ليت الحمام ليه
…
إليه حما متيه)
(ونصفه قديه
…
ثم الحمام ميه)
فنظروا فإذا هي ست وستون. وإلى هذا الخبر أشار النابغة.
و (الحمام) بيان أو بدل. وأكثرهم يقول صفة وإن كان جامداً. و
(ما) على رواية النصب زائدة مثلها في: (عما قليل)، (فيما رحمة)، (إيما الأجلين)، والحمام اسمها و (لنا) خبرها. وأما على الرفع فتحتمل (ما) وجهين، أحدهما: أن تكون كافة، مثلها في (ربما يود الذين كفروا)، وقوله (الحمام لنا) مبتدأ وخبر.
والثاني: أن تكون (ما) موصولة فتكون اسم ليت، و (هذا) خبر لمحذوف، أي: ليت الذي هو هذا الحمام، والجملة صلة حذف عائدها. كما حذف في قول بعضهم.
ما أنا (187) بالذي قائل لك سوءاً
و (لنا) خبر ليت. ومع قيام هذا الاحتمال فلا دليل فيه على الإهمال، وأول القصيد:
(يا دار مية بالعلياء فالسند
…
أقوت وطال عليها سالف الأبد)
(وقفت بها أصيلانا أسائلها
…
عيت جواباً وما بالربع من أحد)
(أمست خلاء وأمسى أهلها احتملوا
…
أخنى عليها الذي أخنى على لبد)
ومنها بعد أن فرغ من وصف الناقة:
(فتلك تبلغني النعمان أن له
…
فضلاً على الناس في الأدنى وفي البعد)
(ولا أرى فاعلاً في الناس يشبهه
…
ولا أحاشي من الأقوام من أحد)
(إلا سليمان إذ قال الإله له
…
قم في البرية فاحددها عن الفند)
(وخيس الجن إني قد أذنت لهم
…
يبنون تدمر بالصفاح والعمد)
(فمن اطاعك فانفعه بطاعته
…
كما أطاعك وأدلله على الرشد / 188 /)
(ومن عصاك فعاقبه معاقبة
…
تنهى الظلوم ولا تقعد على ضمد)
ومنها:
(احكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت
…
إلى حمام شراع وارد الثمد)
(قالت ألا ليتما هذا
…
البيت)
وبعده:
(فحسبوه فألفوه كما حسبت
…
تسعأً وتسعين لم تنقص ولم تزد)
(فكملت مئة فيها حمامتها
…
وأسرعت حسبة في ذلك العدد)
(فلا لعمر الذي مسحت كعبته
…
وما هريق على الأنصاب من جسد)
ومنها:
(والمؤمن العائذات الطير يمسحها
…
ركبان مكة بين الغيل والسند)
(ما قلت من سيء ما أتيت به
…
إذاً فعلا رفعت سوطي إلى يدي)
(هذا الثناء فإن تسمع به حسناً
…
فلم أعرض أبيت اللعن بالصفد)
(ها إن ذي غدرة إن لا تكن نفعت
…
فإن صاحبها مشارك النكد)
الشرح:
(العلياء) ما ارتفع من الأرض. و (السند) سند الجبل، وهو ارتفاعه، لأنه يستد منه، أي يرتفع ويصعد، وإنما يجعل الدور بالعلياء والسند لأن التراب لا يعفي عليها. / 189 / و (أقوت) خلت من الناس، واقفرت، وفي قوله:(أقوت) التفات من الخطاب إلى الغيبة. و (السالف) الماضي. و (الأبد) الدهر. و (أصيلانا) عشياً، وهو تصغير (أصيل)، ليدل على قصر الوقت الذي وقف فيه بالدار وسؤاله إياها توجع منه وتأسف.
وانتصاب (جواباً) على نزع الباء. و (خلاء) لآ معناه خالية من أهلها. و (أخنى) أفسد. و (الذي) واقع على الدهر. و (لبد) أخر نسور لقمان بن عاد، وهو السابع من نسوره، كان عمر أربع مئة سنة، وقيل: سبع مئة، وضرب بنسره هذا المثل، فيقال: أتى أبد على لبد. و (أرى) أعلم. و (لا أحاشي) لا استثني أحدأً بحاشي. فأقول حاشي فلان فهو يشبهه في فعل الخير. و (سليمان) بدل من موضع أحداً، ومنصوب على
الاستثناء. و (أحددها) بالحاء المهملة، أمنعها. و (الفند) الخطأ. و (في البرية) أي في مصلحتها. و (خيس) بالخاء المعجمة بعدها آخر الحروف وبالسين المهملة، أي خللهم، ومنه تسمية السجن مخيساً. و (الصفاح) حجارة، فالصفائح عراض و (تدمر) مدينة بالشام. و (العمد) أساطين الرخام. و (الضمد) بالضاد معجمة والدال، الغيظ والحقد. و (أحكم) معناه: كن حكيماً مصيب الرأي في / 190 / امري، ولا تقبل ممن سعى بي إليك، وكن كفتاة الحي إذ أصابت ووضعت الأمر موضعه، ولم يرد الحكم في القضاء. وقوله:(وارد) صفة للحمام. و (الثمد) الماء القليل، وقوله (فحسبوه) أي: فحسبوا القطا، وضموا إليه نصفه، فوجدوه تسعاً وتسعين. و (تمسح الكعبة المشرفة) الطواف بها. و (الانصاب) حجارة كانوا يذبحون عليها لأصنامهم. و (الجسد) الدم اللابس وما خفض على أنها مقسم بها. و (المؤمن) هو الله سبحانه وتعالى و (العائذات) بالذال المعجمة، المستجيرات، أراد به حالاً منها، أن تهاج أو تصاد في الحرم. وانتصاب (الطير) على البدل من العائذات، لأنها مفعولة بالمؤمن. و (الغيل) الشجر الملتف وكذلك (السفد) وهو بفتح المهملة فالمعجمة. و (يمسحها) يمرون بها لا يهيجونها.