الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاللائي صفة لـ (آباؤنا)، ولهذا أعاد عليها ضمير المذكرين.
وفيه فصل بين الموصوف وصفته بخبر الموصوف، وقد أجيز في قوله تعالى: /55/ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} كون الحي صفةً لاسمه تعالى.
و (مهدوا) يحتمل تخفيف/ الهاء، وهو الأصل، فلأنفسهم يمهدون، والتثقيل للمبالغة، و (الحجور) جمع حجر، وفتح حاء المفرد أفصح من كسرها.
مسألة [32]
الغالب استعمال الألى لجمع المذكر، وقد يستعمل لجمع المؤنث
كقوله: [الطويل].
(فأما الأُلى يَسْكُنَّ غَوْرَ تِهامةِ
…
فكلُّ فتاةِ تَتْرُكُ الحِجْلَ أقصما)
قوله: (غور تهامة) إما من إضافة البعض إلى الكل، كقولك: أسفل الدار، فالمراد المطمئن من أرض تهامة، وإما من إضافة أحد المتردفين إلى الآخر، لأن تهامة تسمى الغور، فيكون كقوله:[البسيط].
(لم يَبْقَ مِن زَغَب طارَ الشتاءُ به
…
على قَرى ظَهْرِهِ إلا شماليلُ)
فإن (القَرى) ألظهر، والأول أولى، لأن في الثاني دعوى سلب المعرفة
تعريفها وإضافة الشيء إلى نفسه.
و (الحجل) بفتح الحاء المهملة، وقد تكسر القيد، ثم نُقِل إلى الخلخال، بفتح الخاء المعجمة، وهو المقصود هنا، و (الأقصم) بالقاف فالمهملة، أي أن ساقها لضخامته يكسر خلخالها، وقد اجتمع إطلاق الأولى على المذكرين والمؤنثات في قوله [الطويل].
(فتلك خطوبٌ قد تملّت شبابنا
…
قديمًا فتبلينا المنون وما نبلى)
(وتفني الأُلى يستلئمون على الأُلى
…
تراهن يوم الروع كالحداء القُبْلِ)
وهذا الشعر لأبي ذؤيب الهذلي من القصيدة التي أولها:
(ألا زعمْت أسماءُ أن لا أحبَّها
…
فقلتُ لها: لولا يُنازعني شغلي)
(جزيتُك ضِعْفَ الوُدِّ لما اشتكيتهِ
…
وما إنْ جزاك الضّعفّ من أحدٍ قبلي)
(فإن تُزعميني كنتُ أجهل فيكم
…
فإني شريْت الحِلْمَ بعدَكِ بالجَهْلِ)
(وقال صحابي قد غُبِنْتَ وخلتني
…
غَبَنْتُ فما أدري أشكلهم شَكْلي /56/)
(على أنها قالت رأيتُ خُويلدًا
…
تنكّر حتى عاد أسودَ كالجِذْلِ)
فتلك خطوب
…
البيتين
قوله (ينازعني) مبتدأ بتقدير أن. و (لولا) كلمتان بمعنى لو لم، وجواب (لولا) أو جواب (لو) محذوف، و (تزعميني) تظنيني كنت أجهل في إتباعي إياك، و (شريتُ) بمعنى اشتريت وتأتي بمعنى: بعتُ، وإنما
قالوا له أنه مغبون في بيعه الجهل بالحلم، لأنهم كانوا معه على الجهل، فقال هو: بل أنا الغابن، ولا أدري أهم على ما أنا عليه أم لا، والمعنى: أطريقهم طريقي أم غيرها؟ فحذف (أم) ومعطوفها كقوله: [الطويل].
(دعاني إليها القلب أني لأمره سميع
…
فما أدري أَرشدٌ طِلابُها)
أي: أم غي.
و (خويلد) هو ابن ذؤيب، و (تنكر) تغير، و (الجِذْل) بكسر الجيم، وبالذال المعجمة، أصل الشجرة، الأخفش: العود اليابس، و (المنون) الدهر، لأنه يَمُنُّ قوى الإنسان، أي ينقصها، ويكون بمعنى الموت، لأنه يقطع الحياة، من قوله تعالى {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} ، يقول: إن حوادث الدهر أكلت شبابنا قديمًا، وتمتعت به، وأنها تُبلينا وما نبليها، وأنها تُبلي القوم الذين يلبسون لأمة الحرب، ويركبون الخيل التي تراها في يوم الفزع لخفتها في السير وشدة عدوها كأنها حِداء، وهو الطير المعروف، والمفرد حدأة كعنبة وعنب، و (القُبُل) بضم القاف والباء الموحدة، التي في عينها قَبَل بفتحتين، أي حَوَلٌ، وهو إقبال سواد كل من العينين على الآخر، وذلك لتقلب أعينهن من شدة طيرانهن وفزعهن.
والشاهد في البيت الثاني حيث أطلق الأُلى، أولاً على المذكرين، وثانيًا على المؤنثات بدليل ما عاد على كل منهما من ضميره، ولا أدري لِم أورد /57/ الشارح والناظم البيت الأول.