الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الآية الكريمة فـ (رسوله) أما عطف على المستتر في (برئ)
وهو حسن للفصل بالظرف، أو مبتدأ حذف خبره، أي: ورسوله كذلك، أو معطوف على محل اسم (أن) المفتوحة، وأكثرهم لا يجيز ذلك وإن أجازه مع (إن) المكسورة، ويحتج بأن المفتوحة غيرت الكلام عن التمام إلى النقصان، إذ صار في حكم المفرد بعدما كان جملة بخلاف المكسورة، فإن الكلام معها باق على معناه.
وقرئ شاذا: (ورسوله)، بالنصب، عطفا على اللفظ، (ورسوله) بالجر، على القسم لا عطفا على المشركين، فإنه كفر.
وأما البيت الثالث فمعناه أنه حصل له السؤود/ 195 / من وجهين، أحدها: من قبل نفسه، وعو أنه حاز لكثير السبق إلى جميع الغايات التي يطلب بها الشرف في الناس.
والثاني: من قبل نسبه من جهتي أبيه وأمه، وإلى الثاني أشار بقوله:(خؤولة).
وأما الأول فلأن في البيت حذفا تقديره: ولا عمومة، يدل على ذلك عجزه، وإنما أنشد هذا البيت لبيتين أن القوافي مرفوعة.
مسألة [95]
لا يجيز بصري أن ترفع الاسم بعد العاطف قبل مجئ الخبر
، نحو:
إن زيدًا وعمرو قائمان، لئلا يتوارد عاملان، وهما إن والابتداء، على معمول واحد، وهو الخبر. وأجاز ذلك الكوفيون، لأنهم يرون الخبر مرفوعا بما كان مرفوعا به قبل دخول أن وأخواتها، ثم اختلفوا، فقال الكسائي:
يجوز مطلقا، وقال الفراء: يجوز بشرط كون الاسم مبنيا، وحجتهما قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ .. الآية} ، وقول الشاعر:(الوافر).
(وإلا فاعلموا أنا وأنتم
…
بغاة ما بقينا في شقاق)
فعند الكسائي أن بقاء الاسم فيها بطريق الاتفاق، وقال الفراء: لولا بناؤه لما جاز الرفع. / 196 / وأجاب البصريون عنهما بجوابين، أحدهما: أنهما محمولان على التقديم والتأخير، والأصل: إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن بالله إلى آخره، والصابئون كذلك. وكذلك التقدير: فاعلموا أنا بغاة وأنتم كذلك، بجملة الابتداء والخبر، ثم حذف الخبر. والثاني: أن خبر الحرف محذوف، وأن الخبر المذكور
للمبتدأ، والتقدير: إن الذين آمنوا والذين هادوا آمنون، والصابئون من آمن إلى آخره.
وقد يستبعد كل من التأويلين، أما الأول فمن وجهين، أحدهما: إن فيه تقديم الجملة المعطوفة على بعض الجملة المعطوف عليها، وإنما يتقدم المعطوف على المعطوف عليه في الشعر، فكذا ينبغي أن يكون تقديمه على بعض المعطوف عليه.
ويجاب بأن الواو للاستئناف كسائر الواوات المقترنة بالجملة المعترضة، كقوله تعالى:{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ}
…
والثاني: أن الاعتراض إنما يكون لغرض، ولم يظهر هنا. وقد أجيب بأن الصابئين لما كانوا أشد غيا، لخروجهم عن الأديان، قدم الاخبار بأنهم يتاب عليهم إن آمنوا وأصلحوا ليثبت ذلك لمن هو أقل غيا منهم من باب أولى، ولما كان المخاطبون أو غل/ 197 / من قوم هذا الشاعر في البغي قدمهم، لينسب البغي إليهم أولا.
وأما الثاني فلان فيه حذفا من الأول لدلالة الثاني، ويجاب بأنه واقع، وإن كان عكسه أكثر، والدليل على صحته قوله:(الطويل).
(خليلي هل طب فإني وأنتما
…
وإن لم تبوحا بالهوى دنفان)
وقوله: (المنسرح).
(نحن بما عندنا وأنت بما عندك
…
راض والرأي مختلف)
ومن الحذف من الثاني قوله: (الطويل).
(فمن يك أمسى بالمدينة رحله
…
فإني وقيار بها لغريب)
فأما البيت الأول فإنه لبشر بن أبي خازم، بالخاء والزأي المعجمتين وقبله:
(إذا جزت نواصي آل بدر
…
فأدوها وأسرى في الوثاق)
وسبب قوله ذلك أن قوما من آل بدر جاوروا الفزاريين من بني لام من طيئ فجزوا نواصيهم، وقالوا: متنا عليكم ولم نقتلكم، فغضب بنو فزارة لذلك، فقال بشر ذلك ومعناه: إذ قد/ 198 / جززتم نواصيهم فاحملوها لنا، واحملوا الأسرى معهم وإلافإنا متعادون أبدا.
و (البغاة) جمع باغ، وهو الظالم، لأنه بغى الظلم، أي طلبه. و (ما) مصدرية ظرفية. و (الشقاق) التعادي، لأن كلا من المتعاديين
يحرص على ما يشق على الآخر، أو من (الشق) بالكسر، وهو الجانب، لأن كلا منهما في شق غير شق الآخر، ومن هنا أشتق التعادي، لأن كلا منهما في عدوة، يقول: نحن مرتكبون الظلم والباطل ما دمنا متعاديين.
وأما البيت الثاني، فالطب، مثلث الطاء، والدنف، بكسر النون، الذي لازمه المرض، وهو صفة تثنى وتجمع، فإن فتحت النون، فهو المرض الملازم نفسه، فلا تثنى ولا تجمع.
والمعنى: هل لي ولكما دواء من مرض الحب فإنا شركاء فيه، وإن افترقنا في أن أبوح وأنتما تكتمان.
والحذف في هذا البيت من الأول قطعا، أي: فإني دنف وأنتما دنفان، إذ لا يكون خبرا عن (دنفان) الأول.
وأما البيت الذي قبله فمحتمل، لأن الخبر جمع وكل من اسم أن والمبتدأ جمع.
وأما البيت الثالث فواضح، وقد رام بعضهم أن يجعله من الحذف من الثاني لدلالة الأول، فقدر (نحن) ضمير المعظم نفسه، و (راض) خبرا عنه. وهو خطأ، لا يقال نحن قائم، ولو أريد الواحد./ 199 /.
وأما البيت الرابع فإنه لضابئ، بالضاد المعجمة والباء الموحدة بعدها
همزة، ابن الحارث البرجمي بالجيم.
ويروى: من يك
…
، بإسقاط الفاء على الحرم.
وقوله: (أمسى بالمدينة رحله) كناية عن السكنى بالمدينة واستيطانها. و (قيار) اسم فرسه، عن الخليل. وقال أبو زيد: اسم جمله.
وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه حبس ضابئا هذا بالمدينة حين استعدى عليه، ولذلك قال هذا الشعرض، أي أنه ومركونه غريبان من المدينة مقيمان بها.
وهذا البيت عكس البيت الثاني، فإن الحذف فيه من الثاني، لأن (غريب) خبر لأن، لا للمبتدأ، لاقترانه باللام، فالتقدير: فإني بها لغريب وقيار كذلك. وقيل: هو خبر عن الاسمين جميعا، لأن فعيلا يخبر به عن الواحد فما فوقه نحو:{وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} .