الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقديم معمول الخبر إذا كان ذلك المعمول محصورًا يستلزم جواز تقديم الخبر إذا كان محصورًا، فيكون دليلاً بهذه الطريق، و (عليهم) تبين وهو متعلق في المعنى بالنصر، ولكن الصناعة تأباه، إذ لا يخبر عن المصدر قبل تمامه بمعموله، لئلا يلزم الفصل بالأجنبي، و (المعول) مبتدأ مؤخر، و (عليك) خبر مقدم، وهو محل الاستشهاد صريحًا، وليس لك هنا /87/ أن تجيز في المعمول الفاعلية، وإن كان الظرف معتمدًا، لأن الظرف على هذا التقدير في محل لأنه خلف عن الفعل، وكما لا يجوز: ما إلا قام زيد، كذلك لا يجوز: ما إلا في الدار زيدٌ.
مسألة [49]
قد يبتدأ بالنكرة في غير المسائل المذكورة في الخلاصة
، كقوله:[المتقارب]
(فيومٌ علينا ويوم لنا
…
ويومٌ نُساءُ ويومٌ نُسَرُّ)
وقوله: [الطويل].
(سَرَيْنا ونَجْمٌ قَدْ أضاءَ فَمْذْ بدا
…
محيّاك أخْفَى ضوءهُ كل شارق)
فأما البيت الأول فإنه للنمرين تولب العكلي رضي الله عنه، وفيه الابتداء بالنكرة أربع مرات، ولم يذكر الناظم ولا الشارح ضابطًا لذلك.
وضابطه أن تستعمل النكرة في التقسيم، وفيه أيضًا حذف رابط الجملة
…
المخبر بها، إذ الأصل: نساء فيه ونسر فيه.
ثم اختلف: فعن سيبويه أن الجار والمجرور حذفا دفعة، وعن الأخفش أنه حذف الجار، فانتصب الضمير، واتصل بالفعل، كما في قوله: في ساعة يحبها الطعام. إذ الأصل: يُحَبُّ فيها، ثم حذف الضمير كما حذف في قوله تعالى:{أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولا} .
وفي أمالي ابن الشجري: أن الأول قول الكسائي، وأنه أقيس، وأن الثاني قول نحوي آخر، وأن أكثر أهل العربية منهم سيبويه والأخفش يجوزن الأمرين جميعًا. انتهى.
وهو غريب، ويأتي الخلاف في نظائر ذلك، نحو قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْماً لَاّ تَجْزِي نَفْسٌ
…
الآية]، و {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} .
ولا يجوز نصب اليومين الأولين لعدم الناصب، ولا يحسن نصب الأخيرين. وروى ابن الأعرابي نصبهما، وهو ضعيفٌ، لأن الكلام الأول في تقسيم الأيام لا في تقسيم الأحوال والأفعال، وإن كان كل من المعنيين لازمًا عن الآخر، ولكن انتظام الكلام مطلوب، وروى ابن الأعرابي نصبهما، وهو ضعيف.
وقبله: [المتقارب].
(سلام الآله وريحانُهُ
…
ورحمتُه وسماءٌ دِرَرْ)
(غمامٌ يُنَزِلُ رزقَ العبادِ
…
فأحيا البلاد وطاب الشّجَرْ)
(أرى الناس قد أحدثوا شيمةً
…
وفي كُلِّ حادثةٍ يُؤْتَمَرْ)
(يُهينُون مَنْ حَقَروا شَيْئَه
…
وإن كانَ فيهم يفيء أو يُبَدر)
(ويعجُبَهم مَنْ رأوا عِنْدَهْ
…
سَوَامًا وإنْ كان فيه الغَمَرْ)
(ألا يا لذا الناس لو يَعْملونَ
…
للخَيْرِ خَيْرٌ وللشرِ شرّث)
(دِرَرَ) جمع درة، مثل عِدّة وعِدَد، أي تَدُرُّ بالمطردِرَّة بعد أخرى، و (رَيْحانُه) رزقه، و (غَمامٌ) بدل من (سماءٌ) و (شيمة) خُلُقًا. يقول: صاروا يأتمرون في كل حقٍ، كصلة الرحم، وقِرى الضيف بالتركِ له لا يُمضونَه على ما كان يكون، فمِما أحدثوا إهانة من قلَّ ماله وإنْ كان بَرًا
وفيًا. و (الغَمَر) بفتحتين وبالمعجمة: الدنس أي الخلق المكروه.
واللام في البيت الأخير بالكسر، أي يا قوم لهذا الناس لو كان للناس علمٌ لوضعوا بإزاء كل شيء ما يناسبه.
ويروى: لا الخير خير ولا الشر شر، أي إن الأوضاع تغيرت، وهو راجع لمعنى الرواية الأخرى.
وأما البيت الثاني: فقوله (سَرَيْنا) من السُّرى، وربّما صحف بشربنا من الشرب، والواو من قوله (ونجم) واو الحال، وهي ضابط جواز الابتداء بالنكرة في هذا النوع. وفي الحديث:«دخل وبُرْمَةٌ على النار» ، ويحتمل أن منه {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ} أو أن المسوغ التفصيل، إذ المعنى: طائفة غشيتهم وطائفة لم يغشَهُمْ، أو صفة مقدرة، أي: وطائفة من غيركم، ويحتمل أن الجمل الثلاث بعده صفاتٌ والخبر محذوف، أي: ومنكم طائفة هذه صفتهم، أو أن الجملة الأولى صفة، والثالثة خبر، والثانية /89/ إما خبرٌ أول، أو صفة ثانية.
تنبيه: ليس الشرط في مسألة الحال وقوع النكرة بعد الواو كما صرحوا به بدليل قول الحماسي: [البسيط].
(تركت ضاني تود الذئبَ راعيها
…
وأنها لا تراني آخر الأبدِ)
(الذئب يطرُقُها في الدهر واحدةَ
…
وكل يومٍ تَراني مُدْيَةٌ بيدي)