الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شواهد باب لا التي لنفي الجنس
مسألة [101]
إذا ولي لا النافية للجنس نكرةً مفردةٌ، أي غير مضافة، ولا مشبهة بالمضاف، بُنيت على ما تنتصبُ به لو كانتْ معربةً
، فنقول: لا رجلَ ولا رجالَ، بالفتح، ولا رجلين ولا قائمين، بالياء، ولا مسلماتِ، بالكسر. وكان الظاهر وجوبه، ولكن الأرجح الفتح للتركيب، قال:[الطويل].
(تعزَّ فلا إلفين بالعيش مُتَّعا
…
ولكنْ لورّادِ المنَوُنِ تتابعُ)
قال/213/: [الطويل].
(أرى الربعَ لا أهلين في عرصاتهِ
…
ومن قبلُ عَنْ أهليه كانَ يضيقُ)
وقال: [الخفيف].
(يُحشَرُ الناسُ لا بنينَ ولا آ
…
باءَ إلّا وَقَدْ عَنَتْهم شؤونُ)
وقال: [البسيط].
(لا سابغاتِ ولا جاواءَ باسلة
…
تقي المنونَ لدى أستيفاءِ آجالِ)
وإنَّما بني الاسم في ذلك كله لتركيبه مع لا تركيب خمسةَ عشرَ، ولتضمن الاسم معنى (مِنْ) الاستغراقية بدليلِ ظهورِها في قوله:[الطويل].
(فقامَ يذودُ الناسَ عَنْها بسيفهِ
…
وقالتْ ألا لا مِنْ سبيلِ إلى هندِ)
فأما البيت الأول فمعنى (تعزَّ) تسلَّ وتصبرَّ. وإلْف أليف، بوزن خِلً وخليل، ونِدّ ونَديد، وشِبه وشَبيه. والف بوزن قائم، ثلاثتَها بمعنىً. والباء
متعلقة بـ (مُتّعا). و (وُرّاد) جمع وارد، كصُوّام وقُوّام في جمع صائم وقائم.
والمعنى: إنه لا يبقى أحدٌ بعد مَنْ مضى، ولكن يتبع بعضهم /214/ بعضاً.
والشاهد بناء المثنى على الياء، لأن نصبَهُ بها.
وأما البيت الثاني فالعَرَصات، بفتحتين، جمع عَرْصة، بفتح فسكون، وهي المكان الواسع بين الدور.
وجملة (لا) التَّبرئة مفعول ثانٍ، إنْ كانت الرؤية علمية، وإلّا فهي حالُ المفعول، وإنْ تجردَتْ من الواو كما جاءت من الواو كما جاءت في {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد:41] حالا من الفاعل.
ومن اقترانها بالواو: {فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص:3] وهو الغالب.
و (في عرصاته) خبر (لا) ، والياء في (اهلين) نائبة عن فتحة البناء. وفي (اهليه) نائبة عن كسرة الأعراب.
و (مِنْ، وعَنْ) متعلقات بخبر كان.
وصف ربعاً خلال من سُكَّانِه بعد كان يضيقُ عنهم لكثرتِهم.
وأما البيت الثالث فالشاهد فيه كالذي قبله، وجملة (لا) التبرئة فيه حال
النائب عن الفاعل، واجتمع فيه البناء على الياء في جمع تصحيح المذكر، وعلى الفتح في جمع التكسير.
وفي بعض النسخ (ولا أبناء) وهو تحريفٌ وتكرار لقوله: (لا بنين).
و (إلّا) استثناء مفرغ، والمستثنى حال، والحالان متداخلتان لا مترادفتان.
و (عنتهم) اهمَّتهم، ومنه الحديث:«مِنْ حُسْنِ إسلام المرءِ تركُه ما لا يعنيهِ» . وقرأ ابن محيصن /215/ والزهري {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأنٌ يَعْنِيهِ} [عبس:37]. بفتح الياء وبالمهملة.
و (الشؤون جمع شَان، كالفلوس جمع فَلْس، والبيت مأخوذ من معنى القراءة. وأما قراءة الجماعة فمعناها يغنيه عن النظر في شأن غيره.
وأما البيت الرابع فالسابغات الدروع الواسعة الطويلة، المفرد: سابغة، لأن الدرع مؤنث.
و (جَاواء) بجيم مفتوحة فهمزة ساكنة فواو فألف ممدودة، الكتيبة يعلوها سوادٌ لكثرة الدروع فيها، وفي الأساس: كتيبة جأواء: كَدْراء اللون في حُمْرة، وهولون صدأ الحديد انتهى. وقال الحماسي:[البسيط].
(غشّيتُه وهو في جَاواء باسلةٍ
…
عَضْباً أصاب سواءَ فانفلقا)
(بضربةٍ لم تكن منّي مُخَالسةً
…
ولا تعَجلتُها جُبْناً ولا فَرَقَا)
(الغضب) السيف. و (السواء) الوسط، ومثله:{فَرَأَىهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} [الصاقات:55]. وقوله: (باسلة) أصله باسلاً أربابها فحذف المضاف وخلفه المضاف إليه، فاستتر وأنّث الوصف حينئذ وجوباً بعد أن كانوا مذكراً أو مؤنثاً جوازاً. وقد بسُل، بالضم، شجُع وزناً ومعنىً، والبسالة كالشجاعة، ومجيء الباسل /216/ من (بَسُل) كمجيء الحامض من (حمض) ، وهو قليل، وإنما الغالب فعل فهو فعيل، كظُرف وشُرف وعظُم.
و (لدى) ظرف لـ (تقى) ، أي أن القوم إذا استوفوا آجالهم لم يحِمهم من المتونِ حماةٌ شجعانٌ ذوو عَدَدِ وعُدَدٍ.
والشاهد فيه: جوازُ الفتحِ والكسرِ في نحو: لا مسلماتِ، فإن البيت يروي بهما.
وذهب الأكثرون إلى وجوب الكسر، وقوم /من/ المتقدمين وابن خروف إلى وجوبِه ووجوب التنوين.
والمازني والفارسي والرماني إلى وجوب الفتح، ولو ظفر هؤلاء بالسماع لم يختلفوا.
وأنشد الناظم على جواز الوجهين قوله: [البسيط].
(أودى الشباب الذي مَجْدُ عواقبُه
…
فيدِ نَلَذُّ ولا لذاتِ للشيْب)
وهذا البيت لسلامة بن جندل، ولا دليل فيه، ووقع فيه تحريف.
أما الأول فلان العرب قالوا: لا أبا لزيد، ولا غلامَيّ لعَمْرو، أما على إضافة الاسم لما بعد اللام، وجعل اللام مقحمة بينهما، أو على تقدير الظرف صفة وتنزيل الموصوف بمنزلة المضاف والأول قول سيبوية والثاني /217/ قول بعضهم، واختاره الناظم، وأجاز على قياس هذا أن تكون الفتحة في: لا مالَ لزيد، فتحه أعراب على تقدير الإضافة أو شبهها، وأن يكون بناء على تقدير الظرف خبراً، فعلى هذا يجوز أن تكون الكسرة في (لذاتِ) لكونه معرباً مضافاً أو شبهه، فلا يلزم منه جواز (لا مسلماتِ) بالكسر.
وإما التحريف فلانً الصواب في أوله: إن الشباب. وقوله: (فيه نلذ) خبر لأنَّ، وعلى ما أورده لا يكون له ما يرتبط به، والذي أوله (أودى) بيت آخر، وهو أول القصيد، وهو:
(أودى الشباب حميداً ذو التعاجيبِ
…
أودى وذلك شأوُ غيرُ مطلوب)