الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قولهِ تعالى: {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء:140] وإذاً منتصبة بها في مثل من معنى المماثلة سواء قدرت مثلاً صفة، أو خبراً أو منتصباً بالخبر الذي تضمره إذا قدرت مثلاً صفة، وأفراد ضمير (ارتدى وتأزرا) بمنزلة الإفراد في قوله تعالى:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة:11].
وروى ابن الأنباري:
(إذا ما ارتدَى بالمجدِ ثُمَّ تأزَّرا)
رواية سيبوية أولى، لأن الائتزار قبل الارتداء، والواو تأتي لغير الترتيب بخلاف ثُمّ.
مسألة [105]
تدخل الهمزة على لا التبرئة فيبقى أحكام اسمها وخبرها وأحكام توابع اسمها، وأكثر ذلك والاستفهام للتوبيخ
، كقوله:[البسيط].
(ألا طِعانَ ولا فرسانَ عاديةً
…
إلّا تجشُّؤُكم حَوْلَ التنانير)
أو إنكار، كقوله [البسيط].
(إلَا ارعواء لِمَنْ ولّتُ شَبيبتهُ
…
وآذنَتْ بمشيبٍ بعدَهُ هَرمُ)
ويأتي الاستفهام على حقيقةِ كقولهِ: [البسيط].
(ألا اصطبار لسلمى أم لها جَلَدً
…
إذا ألاقي ما لاقاه أمثالي)
ولقلتِه لم يطلعْ عليهِ الجزولي فانكرَ وجودَهُ.
وقد ترد (الا) بجملتها لأحد ثلاثة معانٍ /232/، أحدها: التمني، فتخصُّ أيضاً بالجملةِ الاسمية، وتعمل عمل لا، لكن تعطي حكم ليت في أنَها لا تُلْغَي وإنّ تكررَتْ، وأنّه لا يجوزُ مراعاةُ محلِ اسمِها من الابتداءِ، ومن ذلك قوله:[الطويل].
(الا عُمْرَ وَلَّي مستطاعٌ رجوعهُ
…
فيرأبَ ما أثأتْ يدُ الغَفَلاتِ)
وقول قوم منهم الشارح: إنَّ المفيدَ للتمنِّي سهوٌ، ويلزم منه كون التمنِّي جملةَ النفي، فيكون معنى قولك: ألا ما أتمنَّى عدم الماء، وهو عكس المراد.
الثاني: العرض، فتختص بالجملة الفعلية، نحو:{أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} [التوبة:13]، وقد يكون الفعل مقدَّراً كقوله:[الوافر].
(ألا رجلاً جزاهُ اللهُ خيراً
…
يَدُلُّ على مُحصِّلةٍ تَبيتُ)
أي: ألا تروني رجلاً؟
والثالث: التنبيه والاستفتاح، فيدخل على الجملتين، نحو:{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس:62]، {أَلا يَوْمَ يَاتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} [هود:8].
أما البيت الأول فإنه لحسان بن ثابت الأنصاري من كلمة يهجو فيها، الحارث بن كعب النجاشي، وقبلَهُ:
(حار بن كعب الا أحلام تزجُركم
…
عنَّا وأنتم من الجُوفِ الجماخيرِ)
(لا بأسَ بالقومِ من طولٍ ومن عظمٍ
…
جسم البغالِ وأحلام العصافيرِ)
وبعده: /233/.
(كأنَّكم خُشُبً جُوفً اسافلُه
…
مثقبٌ نفخت فيه الأعاصير)
(لا ينفع الطول من نوكِ الرجال ولا .... يهدي الالهُ سبيلَ المعشرِ البورِ)
حذف حرف النداء من حارث، ورخَّمه، وجمع الحلم، وهو العقل. وقوله:(عنّا) أي عن هجائنا، وذلك إنَّ النجاشي الشاعر هجا بني النجار من الأنصار، فشكو ذلك لحسان فقال هذه الأبيات، ثم قال: القوها على صبيان المكاتب، ففعلوا، فبلغ ذلك بني عبد المدان، فأوثقوا النجاشي، وأتوا به إلى حسان، وحكَّموه فيه، فأمر الناس فحضروا، وجلسَ على
سريرهِ، واحقره موثقاً، فنظر إليه ملياً ثم قال لابنه عبدِ الرحمن: هاتِ الدراهمَ التي بقيتْ من صِلَةِ معاوية، وائتني ببغلةٍ، ففعلَ، ففلّ وثاقَهُ وأعطاه الدراهمَ، واركبَهُ البغلةَ، فشكرَهُ الناسُ.
و (الجُوف) جمع أجوف، كالسُود جمع أسود، وهو الواسع الجوف. و (الجماخير (جمع جمخور، وهو العظيم الجسم، القليل العقل والقوة.
وأفرد في البيت الثاني الجسم، وجمع الحلم، وكان القياس العكس، لأن وضع الجسم للواحد، والحلم للجنس، ويجمع كل منهما على أفعال وفعول، قال الله تعالى:{تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} [المنافقون:4]، {أَمْ تَامُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ} [الطور:32] ، وقال الشاعر: /234 (204) / [البسيط].
(هل من حلومٍ لأقوامٍ فتنذرهم
…
ما جَرَّبَ الدهرُ مَنْ عضِّي وتضريسي)
وقال الآخر: [الوافر].
(ولكني بُليتُ بوصلِ قومٍ
…
لهم لحمٌ ومنكرةً جُسومُ)
(وروي أنَّ بني عبد المدان
…
كانوا يفتخرون بعظم أجسامهم)
حتى قال فيهم حسان هذا الشعر، فتركوا ذلك، ثم إنهم قالوا لما
رضي عنهم: أفسدت علينا أجسادنا، فقال:[الوافر].
(وقد كنَّا تقولُ إذا أتيْنَا
…
لذي حسبٍ يُعَدُّ وذي بيانِ)
(كأنَّك أيه المُعطَى بيانً
…
وجسماً من بني عبدِ المدانِ)
فعادوا إلى الافتخار بذلك.
ويروي: ولا فرسانَ.
و (عادية) بالمهملة من العدوان، وبالمعجمة من الغدو مقابل الرواح. و (تجشؤكم) بالجيم، من الجشأ: نفس المعدة، وبالحاء المهملة، من الانحشاء.
والاستثناء منقطعُ. والمعنى: ألا طعان عندكم، ولا فرسان فيكم يعدون على أعدائهم، أي لستم بأهلِ حرب، وإنّما أنتم أهلُ أكلٍ وشربٍ، كما قال الآخر:[الكامل].
(إنّي رأيتُ من المكارم حسبكم
…
أنْ تلبسوا خزَّ الثيابِ وتشبحوا)
وقوله: /235 (205) / [البسيط].
(دَعِ المكارم لا ترحلْ لبُغْيَتها
…
وأقعد فإنَّكَ أنتَ الطاعمُ الكاسي)
و (الأعاصير) بالرفع على الأقواء، و (البور) جمع بائر، وهو الهالك.
وأما البيت الثاني: فالارعواء: الانكفاف، مصدر ارعوى عن الشيء،
أي: الانكفاف عن القبيح. و (لمن) خبر. و (أذنت) عطف على (ولَّت) فلا موضع له. ومعناه: أنذرت. وجملة (بعده هرم) صفة لشيب.
وأما البيت الثالث فأمْ فيه متصلةً معادلةً للهمزة، عاطفة اسمية مثبته على مثلها منفية.
والمعنى: ليت شعري إذا لاقيت ما لاقاه أمثالي من الموت، أينبغي الصبرُ عن هذه المرأة أم يثبت لها. وكنَّى عن الموت بما ذكر تسليةً لها.
وأما البيت الرابع فقوله: (الا) كلمة واحدة للتمني، كما قدمنا، و (عمر) اسمها، و (ولَّى) صفته، و (مستطاع رجوعه) اسمية قدم خبرها، والاسمية كالفعلية في الوصفية، وموضوعهما النصب. فإن قلت: أما يجوز أن يكونَ محلهُما الرفعُ. أو كون الاسمية خبراً، أو كون (مستطاع) صفة على الموضع، أو خبراً، و (رجوعه) مرفوع به على الوجهين.
قلتُ: أمَّا عند سيبوية فلا، لأنَّه لا يُجيزَ مراعاةَ محلِ اسمِها اجراءً /236 (206) / لها مجرى ليت، وليس لها عنده خبر لا لفظاً ولا تقديراً، وأن نحو: الا. ما، كلام تام محمول على معناه، وهو: أتتمنى ما، وعلى هذا فهو كلام مركب من اسم وحرف كما في: يا زيد، عند أبي علي. وأما عند المازني والمبرّد فيجوز، لأنَّهما يجريانهما مجرى (الا) التي للإنكار والتوبيخ سواء.
وقوله: (فيرأب) منصوب في جواب التمنّي، مثل: فأفور. يقال: رأبه يرأبه، بالفتح فيهما، إذا أصلحه، وأصله من: رَأَيْتُ الإناء إذا شَعبته، والمحفوظ في البيت: يرأب، مبنياً للفاعل، ويحسن بناؤه للمفعول. و (أثأت) بالمثلثة: أفسدت منقول بالهمزة من (ثأى، يثأى) بالفتح، فسد. واستعار للغفلات يدا كما استعارها زهير للشمال في قوله:[الكامل].
([وغداةَ ريحٍ قد وزعْتُ وقِرَّةٍ]
…
إذا أصبحْت بيد الشَّمالِ زِمامُها)
وأما البيت الخامس ففي (رجلاً) ثلاث روايات، أحدها: الرفع، وبه جَزَمَ الجوهري، ووجهه أن يكون فاعلاً بفعلٍ محذوف يفسِّرُهُ (يدل).
والثانية: الجر على إضمار (من) وفيه ضعف، لأعمال الجار محذوفاً، ويزيده ضعفاً كونهُ زائداً، ونظيره في الضعيف قوله:
([فلم أرَ مِثْلَها خُباسةَ واحِدٍ]
…
ونَهْنَهْتُ نفسي بعدَما كِدتُ أفْعَلَهُ)
على قول سيبويه: إنَّ التقدير: أن أفعلَهُ، لأن (أن) ، وإن كانت غير زائدة، لكنَّ دخولَها في خبرِ (كاد) قليلٌ.
والثالثة /237 (207) /: النصب وهي المشهورة، فقال الخليل وسيبوية:(ألا) للعرض والفعل مقدَّر، أي: ألا تروني رجلاً.
وقال يونس: (ألا) للتمني، و (رجلاً) اسمها، ونُوَّنَ للضرورة وقال بعضهم: منصوب بمضمره يفسره (جزى) ، وعلى هذا فألا للاستفتاح لا للعرض، إذ لا يدخل حرف العرض على فعل طلبي.
وقوله: (محصِلة) بكسر الصاد، أي امرأة تحصل الذهب من تراب المعدن، وتخلصه منه. وقوله:(تبيت) قال الأعلم: تبيت تفعل ذلك، أو للفاحشة. وقال السيرافي: إنما الرواية (تبيث) بالثاء المثلثة، من الاستباثة، وهي الاستخراج، أي: تستخرج الذهب من ترابه انتهى.
وكلامهُما كلامُ مَنْ لم يقفْ على ما بعد البيت، وهو:
(تُرجِّل لمّتى وتَقُّمُ بيتي
…
وأعطيها الإتاوةَ إنْ رضيَّتُ)
فالقافية تاه مثناة. و (ترجل
…
إلى آخره) خبر بات، والبيت متعلق بما قبله، وفي الشعر تضمين، وهو من العيوب كما مرَّ. والبيتوتة للترجيل، والقم كما ذكر لا لشيء آخر وأيضاً فالمعروف في الفعل الثلاثي المعبَّر به عن البحث عن الشيء. وباث عنه يبوث بوثاً، بالواو، لا باث يبيث، بالياء. و