الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شواهد باب كان وأخواتها
مسألة [61]
اختلف في (ليس)، فقال الجزولي: هي للنفي مطلقًا، وقال الجمهور: هي لنفي الحال
.
قال الزمخشري في المفصل: فلا تقول: ليس قائمًا غدًا. وقال الشلوبين، وتبعه الناظم وابنه:
وهو الصواب، إذا لم يكن للخبر زمن مخصوص تقيَّد نفيها بالحال، كما يحمل عليه الإيجاب المطلق. وإن كان له زمن مخصوص تقيّد نفيها به فمما
نَفَتْ /106/ فيه الماضي قولهم: ليس خلقّ الله مثلهُ.
وعلى ذلك أجاز سيبويه: ما زيد ضربته. بالرفع، على أن تكون ما حجازية، ولو لم يصح لليس نفي الماضي لم يَجُزْ ذلك في (ما) المحمولة عليها.
ومما نفت فيه المستقبل قوله تعالى: {أَلا يَوْمَ يَاتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ} ، {لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَاّ مِن ضَرِيعٍ}. وقول الشاعر:[البسيط].
(إني على العَهْدِ لستُ أَنقُضُهُ
…
ما أخضرَّ في رأسِ نخلةٍ سَعَفُ)
[الطويل].
(وما مثلهُ فيهم ولا كان قبلَهُ
…
وليسَ يكون الدهرَ مادامَ يَذْبُلُ)
أي: ما مثل هذا الممدوح في هذا العصر، ولا كان فيما مضى، ولا يكون فيما يأتي. وكان ويكون ودام تامات بمعنى وجد ويوجد وبقي.
واسم ليس ضمير شان. و (الدهْرَ) نَصْبٌ على الظرف. و (يَذْبُل) بالياء آخر الحروف فذال معجمة فباء موحدة: جبل معروف.
والممدوح الزبير بن العوام رضي الله عنه. والشاعر أبو المنذر حسان ابن ثابت بن المنذر بن حزام، وكل من هؤلاء الأربعة عاش مئة وعشرين سنة، وكان عمر حسان نصفين، ستين في الجاهلية وستين في الإسلام، ومثله حكيم بن حزام، وكان حسان وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة يهجون المشركين ويذبّون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحسّانُ أشعرهم، توفي سنة أربع وخمسين بالمدينة.
وقال آخر يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم: [الطويل].
(له نافلاتٌ ما يُغِبُّ نوالُها
…
وليس عطاءُ اليوم مانعَه غدا)
تقول: أغبَّني الشيءُ إذا أتاك غِبًّا، ونسب الناظم هذا البيت في نسخة من شرح التسهيل للنابغة الجعدي، وفي نسخة أخرى للأعشى الباهلي.
ونقل أبو حيان هذا الثاني عنه، وأقره عليه وكلاهما خطأ /107/، وإنما هو للأعشى الكبير أعشى بني قيس بن ثعلبة، وهو المعروف بصناجة العرب.
قصده عليه السلام ليسلم وامتدحه بالقصيدة التي منها هذا البيت، فلما كان قريبًا من مكة اعترضه بعض المشركين فسألوه عما أقدمه، فأخبرهم، فقالوا: إنه يحرم الزنا يا أبا بصير، فقال: والله مالي فيه من أرب، فقالوا: إنه يحرّم الخمر، فقال: أمّا هذه ففي النفس منها علالات وإني ذاهبٌ، فمترو منها عامي هذا، ثم آتيه، فانصرف فمات من عامه كافرًا والقصيد:[الطويل].
(ألم تغتمِضْ عيناك ليلةَ أرْمَدا
…
وبت كما باتَ السَّليمَ مُسَهدا)
(وما ذاك من عشقِ النساء وإنما
…
تنَاسيْتَ قبل اليوم خُلةَ مَهْددا)
(ولكن أرى الدهر الذي هو خائنٌ
…
إذا أصلَحَتْ كِفّاهُ عادَ فأفسدا)
(شبابٌ وشَيْبٌ وافتقارٌ وثَرْوَةٌ
…
فللهِ هذا الدهرُ كيف تَرددا)
(ومازلتُ أبغي المال مُذْ أنا يافعٌ
…
وليدًا وكَهْلاً حين شِبْتُ وأََمْردا)
(ألا أيها ذا السائلي أينَ يممتْ
…
فإن لها في أهلِ يَثْرِبَ مَوْعِدا)
(وآليتُ لا أرثي لها مِنْ كَلالةِ
…
ولا من خَفى حتى تُلاقي محمدا)
(متى ما تُناخي عندنا ابن هاشم
…
تُراحى وتَلقَى من فواضلهِ ندى)
(نبي يَرَى ما لا يَروْنَ وذِكْرُهُ
…
أغارَ لعَمْري في البلادِ وأَنْجَدَا)
(له نافلات ............ البيت)
ويروى:
له صدقات ما تُغِبُّ ونائلٌ.
(أجِدكَ لم تَسْمَعْ وصاةَ محمدٍ
…
نبي الإلهِ حينَ أوصىَ وأشهدا)
) إذا أنتَ لم تَرْحَلْ بزادِ من التُّقى
…
ولاقيتَ بعدَ الموتِ مَنْ قد تزوَّدا)
(نَدِمْتَ على أن لا تكون كمثلهِ .... وإنك ترصد لما كانَ أرْصِدا)
(فإياك والميتاتِ لا تَقْرَبنّها
…
ولا تأخذًا سَهْمَا حَديدَا لتَفْصِدا)
(وَسبِّحْ على حين العشيات والضُّحَى
…
ولا تَعْبِدِ الشيّطانَ والله فَاعبدا)
(ولا تسخَرا من بَائسٍ ذي ضرارةٍ
…
ولا تحسبَنَّ المالَ للمرءِ مُخْلِدا)
وتركت منها أبياتًا. وانتصاب قوله (أرمدا) على المصدر، أي: اغتماض ليلة رجل أرمد. كذا قال النحويون. ويُروى: (ليلك أرمدا) فأرمد حال. وفي كتاب "مأدبة الأدباء" أنه يروي: ليلة ارمُدا، بضم الميم، وأنه اسم. والسليم: اللديغ. و (مَهْدَد) علم امرأة.
وفي قوله: (مذ أنا يافع) إضافة (مذ) إلى الجملة الاسمية، وهو قليل.
وفي قوله: (وأمردا) دليل على أن الواو لا توجب الترتيب. وإسكان الياء في (تلاقي) ضرورة، أو الياء للمخاطبة، والأصل: تُلاقين، فيكون التفاتًا إلى الخطاب.
والكاف في (كمثله) زائدة، مثل في {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}