الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشراب وإلا فهو قدح. وفي التنزيل: {بِكَاسٍ مِن مَّعِينٍ بَيْضَاء لَذَّةٍ لِّلشارِبِينَ لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ} .
و (عبطة، وهرما) حالان من فاعلي الشرط والجزاء، وبهما صح الكلام، فهما من الأحوال اللازمة.
مسألة [83]
الغالب تجرد خبر كاد وكرب من أن، وربما اقترنا بها ولم يحفظ سيبويه في خبر كرب إلا التجرد
، فمن تجرد كاد (وما كادوا يفعلون)، ومن اقترانه بها قول عمر رضي الله عنه:"ما كدت أن أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب".
وقول الشاعر: (الرجز).
(قد كاد من طول البلى أن يمصحا)
وقول الآخر: (الطويل).
(أبيتم قبول السلم منا فكدتم
…
لدى الحرب أذن تغنوا السيوف عن السل)
ومن تجرد خبر كرب قوله: (الخفيف).
(كرب القلب من جواه يذوب
…
حين قال الوشاة هند غضوب)
ومن اقترانه بها قوله: (الطويل).
(سقاها ذوو الحلام سجلا على الظما
…
وقد كربت أعناقها أن تقطعا)
وقوله: (الرجز).
(قد برت أو كربت أن تبورا
…
لما رأيت بهنسا مثبورا)
فأما الحديث ففي صحيح البخاري بهذا اللفظ، وفي البخاري أيضا وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم
وأما قوله:
«قد كاد
…
إلى آخره»، فهو لرؤبة يصف ربعا لا طريقا، كما قال المطرز و (البلى) بالكسر والقصر، مصدر بلى الثوب يبلى، إذا خلق،
والمنزل إذا درس، فإن فتحت الباء مددته، قال:(الطويل).
(وخيماتك اللاتي بمنعرج اللوى
…
بلين بلى لم تبلهن ربوع)
أي مثل بلائهن. و (البلاء أيضا، الاختبار والإنعام، وقد فسر بهما (إن /166/ هذا لهو البلاء المبين)، أي إن الفداء بالذبح العظيم لهو الإنعام البين، أو إن المر بذبح الولد لهو الاختبار البين. و (مصح) ذهب، وامصحته: أذهبته. فالمعنى: قد كاد يعفو أثره، قال:
(قفا تسأل الدمث الماحجة
…
وهل هي ان سئلت بائحة)
و (من) تعليلية، وتعلقها بكاد لا بيمصح، لأنه صلة لأن، وقبله:
ربع عفاه الدهر دابا فامتحى
وأما قوله: (أبيتم قبول السلم) فمعناه: إنا عرضنا عليكم الصلح، فلم تقبلوه، فلما التقينا جبنتم وعجزتم عن مقاومتنا حتى كدتم تغنونا عن سل السيوف لعدم احتفالنا بكم. و (السلم) ضد الحرب، ونظيرها في التأنيث {وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} ، {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} وفي سينها الفتح والكسر وقرئ بهما.
وأما قوله:
(كرب القلب ....... البيت)
فـ (كرب) بفتح الراء، و (من) للتعليل متعلقة به، أو ب (يذوب) و (الجوي) شدة الوجد، وفعول بمعنى فاعل، كصبور وشكور، يستوي فيه الذكر والنثى.
وأما قوله:
(وقد كربت أعناقها ..... البيت)
فصدره:
(سقاها ذوو الأرحام سجلا على الظمأ)
فالشعر لأبي زيد الأسلمي، وكان من خبره أنه شخص إلى المدينة قاصدا أميرها إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومي! خال هشام بن عبد الملك، وقصد أبو وجزة السلمي آل الزبير بالمدينة أيضا، فجمعتهما الطريق، فأعلم كل منهما صاحبه بما قصد إليه، فقال أبو وجزة: هلم فلنشترك فيما نصيبه، فقال أبو زيد: كلا، أنا أمدح الملوك، وأنت تمدح السوق، فلما /167/ دخل أبو زيد على إبراهيم أنشده:
(يا بن هشام يا أخا الكرام)
فقال: ويحك لم تجعلني منهم، ثم أمر به فضرب بالسياط. وامتدح أبو وجزة آل الزبير فكتبوا له بستين وسقا من تمر، وقالوا: هي لك في كل سنة، فانصرفا، فقال أبو زيد يهجوه، ويصفه بأنه لم يزل في ضر وبؤس حتى أنقذه ذو رحمه يعني هشاما فجعله ملكا بعد أن كان سوقة، وأنه كلما تذكر ما كان فيه تشدد وبخل:
(مدحت عروقا للندى مصت الثوى
…
حديثا فلم تهمم بأن تتزعزعا)
(نقائذ بؤس ذاقت الفقر والغنى
…
وحلبت الأيام والدهر أضرعا)
(سقاها ....... البيت)
(بفضل سجال لو سقوا من مشى بها
…
على الأرض أرواهم جميعا وأشبعا)
(فضمت بأيديها على فضل مائها
…
من الري لما أوشكت أن تضلعا)
(وزهدها أن تفعل الخير في الغتى
…
مقاساتها من قبله الفقر جوعا)
قوله (للندى) اللام للتعليل، وتعلقها ب (مدحت)، ولكنه فصل للضرورة بها وبمجرورها، بين (عروقا) وصفتها. و (التزعزع) التحرك، والمراد به هنا التحرك لفعل الخير، قال متمم:(الطويل).
تراه كنصل السيف يهتز للندى
…
إذا لم تجد عند امريء السوء مطعما
و (نقائذ) جمع نقيذه، أي أنقذت مما كانت فيه من البؤس، ويقال:
نقيدة للذكر والنثى بالتاء، فالتاء للمبالغة، لا للتأنيث. و (أضرع) جمع ضرع، وهو بدل بعض، يقال:(حلب الدهر أشطره). أي قاسى شدته ورخاءه، وجربهما. والدلو خاصة مؤنث، والغرب مختص بالكبير من الدلاء.
والواو من (وقد) واو الحال. و (تقطع أعناقها) إما لشدة العطش، أو للذل الذي هي فيه. وقال أبو وجزة:
(راحت رواحا قلوصي وهي حامدة
…
آل الزبير ولم تعدل بهم أحدا)
(راحت بستين وسقا في حقيبتها
…
ما حملت حملها الأدنى ولا السددا)
(ما إن رأيت قلوصا قيلها حملت
…
ستين وسقا ولا جابت به بلدا)
(ذاك القرى لا قرى قوم رأيتهم
…
يقرون ضيفهم الملوية الجددا)
يريد أن ناقته حملت الكتاب الذي كتب له بتلك الأوسق، لا أنها حملت الوسق أنفسها. و (الملوية الجدد) السياط، وفعيل يجمع على فعل إذا كان آسما، كرغيف وقضيب، أو وصفا كالاسم، ومنه:«اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث» . الخبث جمع خبيث، وهو ذكر الشياطين. والخبائث جمع خبيثة، وهي إناثهم.