الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَرْوِيُّ وَمَا اشْتُهِرَ السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ فَهُوَ نَقْلٌ بِالْمَعْنَى قَوْلُهُ: (يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) بَيَانٌ لِسَبَبِ كَوْنِهِ قِطْعَةً مِنَ الْعَذَابِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: أَيْ يَمْنَعُ كَمَالَهَا وَلَذِيذَهَا لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَالتَّعَبِ وَمُقَاسَاةِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالسُّرَى وَالْخَوْفِ وَمُفَارَقَةِ الْأَهْلِ وَالْأَصْحَابِ وَخُشُونَةِ الْعَيْشِ، وَفِي الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ سُئِلَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ حِينَ جَلَسَ مَوْضِعَ أَبِيهِ: لِمَ كَانَ السَّفَرُ قِطْعَةً مِنَ الْعَذَابِ فَأَجَابَ عَلَى الْفَوْرِ: لِأَنَّ فِيهِ فِرَاقَ الْأَحْبَابِ اهـ.
قُلْتُ: كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ ذِهْنَهُ انْتَقَلَ إِلَيْهِ سَرِيعًا حِينَ ذَاقَ كَأْسَ الْفِرَاقِ، وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ وَنَقَلَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي الذَّيْلِ عَلَى تَارِيخِ بَغْدَادَ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيَّ حِينَ عَقَدَ مَجْلِسَ الْوَعْظِ بِبَغْدَادَ افْتَتَحَهُ بِحَدِيثِ " السَّفَرٌ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ " فَقِيلَ لَهُ: لِمَ سُمِّيَ السَّفَرُ قِطْعَةً مِنَ الْعَذَابِ فَقَالَ: لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي فِرَاقِ الْأَحْبَابِ فَتَوَاجَدَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ ذَلِكَ هُوَ الْمَجْلِسُ اهـ.
قُلْتُ: وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ جَاءَ بَيَانُهُ فِي الْحَدِيثِ بِمَا عَرَفْتَ قَوْلُهُ: (نَهْمَتُهُ) بِفَتْحِ نُونٍ فَسُكُونِ هَاءٍ، أَيْ: صَاحِبَةٌ، وَقِيلَ: النَّهْمَةُ بُلُوغُ الْهِمَّةِ فِي الشَّيْءِ، وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ الرُّجُوعِ إِلَى الْأَهْلِ بَعْدَ قَضَاءِ شُغْلِهِ وَلَا يَتَأَخَّرُ لِمَا لَيْسَ بِمُهِمٍّ.
2883 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ أَبُو إِسْرَائِيلَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ الْفَضْلِ أَوْ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ»
ــ
قَوْلُهُ: (مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ) أَيْ: يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّعْجِيلُ لِمَا فِي التَّأْخِيرِ مِنْ تَعْرِيضِهِ وَمَعْنَى يَمْرَضُ الْمَرِيضُ، أَيْ: مَنْ قُدِّرَ لَهُ الْمَرَضُ يَمْرَضُ فَيَمْنَعُهُ ذَلِكَ عَنِ الْحَجِّ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ خِلْفَةَ أَبُو إِسْرَائِيلَ اللَّائِيُّ قَالَ فِيهِ ابْنُ عَدِيٍّ عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ يُخَالِفُ الثِّقَاتَ وَقَالَ النَّسَائِيُّ ضَعِيفٌ وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ مُفْتَرٍ زَائِغٌ نَعَمْ قَدْ جَاءَ «مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيُعَجِّلْ» بِسَنَدٍ آخَرَ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَاب فَرْضِ الْحَجِّ]
2884 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ وَرْدَانَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «لَمَّا نَزَلَتْ {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ فَسَكَتَ ثُمَّ قَالُوا أَفِي كُلِّ عَامٍ فَقَالَ لَا وَلَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ فَنَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] »
ــ
قَوْلُهُ: لَمَّا نَزَلَتْ {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] ) الْمَشْهُورُ فِي إِعْرَابِ " مَنِ اسْتَطَاعَ " أَنَّهُ بَدَلٌ
مِنَ " النَّاسِ " مُخَصِّصٌ لَهُ وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ بِالْمُبْتَدَأِ وَهُوَ مُخِلٌّ، وَقِيلَ: إِنَّهُ فَاعِلُ الْمَصْدَرِ وَرَدَّهُ ابْنُ هِشَامٍ بِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَحُجَّ الْمُسْتَطِيعُ، فَيَلْزَمُ إِثْمُ الْجَمِيعِ إِذَا تَخَلَّفَ الْمُسْتَطِيعُ وَتَعَقَّبَهُ الْبَدْرُ فِي الْمَصَابِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَعْرِيفَ النَّاسِ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِجَوَازِ كَوْنِهِ لِلْعَهْدِ، وَالْمُرَادُ هُمُ الْمُسْتَطِيعُونَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ " حَجُّ الْبَيْتِ " مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ " لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ " وَالْمُبْتَدَأُ وَإِنْ تَأَخَّرَ لَفْظًا فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْخَبَرِ رُتْبَةً فَالتَّقْدِيرُ: حَجُّ الْمُسْتَطِيعِينَ الْبَيْتَ ثَابِتٌ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ، أَيْ: عَلَى أُولَئِكَ الْمُسْتَطِيعِينَ، بَلْ جَعْلُ التَّعْرِيفِ لِلْعَهْدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَعْلِهِ لِلِاسْتِغْرَاقِ فَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ قَوْلُهُ:(فِي كُلِّ عَامٍ) أَيْ: مَفْرُوضٌ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ مُكَلَّفٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ، أَوْ هُوَ مَفْرُوضٌ عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً قَوْلُهُ:(لَوَجَبَتْ) ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ افْتِرَاضَ الْحَجِّ كُلَّ عَامٍ كَانَ مَعْرُوضًا عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ قَالَ نَعَمْ لَحَصَلَ، وَلَيْسَ بِمُسْتَبْعَدٍ إِذْ يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِطْلَاقِ وَيُفَوِّضَ أَمْرَ التَّقْيِيدِ إِلَى الَّذِي فَوَّضَ إِلَيْهِ الْبَيَانَ، فَهُوَ إِنْ أَرَادَ أَنْ يُقَيِّدَ بِكُلِّ عَامٍ يُقَيِّدُهُ بِهِ، وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى كَرَاهَةِ السُّؤَالِ فِي النُّصُوصِ الْمُطْلَقَةِ وَالتَّفْتِيشِ عَنْ قُيُودِهَا، بَلْ يَنْبَغِي إِطْلَاقُهَا حَتَّى يَظْهَرَ فِيهَا قَيْدٌ، وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ مُوَافِقًا لِهَذِهِ الْكَرَاهَةِ.
2885 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ قَالَ لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا وَلَوْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا عُذِّبْتُمْ»
ــ
قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا) أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ الْوُجُوبِ (لَعُذِّبْتُمْ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْوَاجِبِ يُوجِبُ الْعَذَابَ، وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مَعْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ثِقَةٌ وَأَبُوهُ مِثْلُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
2886 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً فَمَنْ اسْتَطَاعَ فَتَطَوَّعَ»