الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب السَّوَادِ الْأَعْظَمِ]
3950 -
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا مُعَانُ بْنُ رِفَاعَةَ السَّلَامِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو خَلَفٍ الْأَعْمَى قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِنَّ أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ فَإِذَا رَأَيْتُمْ اخْتِلَافًا فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ»
ــ
قَوْلُهُ: (إِنَّ أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ) أَيِ: الْكُفْرِ، أَوِ الْفِسْقِ، أَوِ الْخَطَأِ فِي الِاجْتِهَادِ، وَهَذَا قَبْلَ مَجِيءِ الرِّيحِ قَوْلُهُ:(بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ) أَيْ: بِالْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ فَإِنَّ اتِّفَاقَهُمْ أَقْرَبُ إِلَى الْإِجْمَاعِ، قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي تَفْسِيرِ السَّوَادِ الْأَعْظَمِ، أَيْ: جَمَاعَةُ النَّاسِ وَمُعْظَمُهُمُ الَّذِينَ يَجْتَمِعُونَ عَلَى سُلُوكِ الْمَنْهَجِ الْمُسْتَقِيمِ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِقَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو خَلَفٍ الْأَعْمَى وَاسْمُهُ حَازِمُ بْنُ عَطَاءٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ بِطُرُقٍ فِي كُلِّهَا نَظَرٌ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعِرَاقِيُّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْبَيْضَاوِيِّ.
[باب مَا يَكُونُ مِنْ الْفِتَنِ]
3951 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ رَجَاءٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا صَلَاةً فَأَطَالَ فِيهَا فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْنَا أَوْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَطَلْتَ الْيَوْمَ الصَّلَاةَ قَالَ إِنِّي صَلَّيْتُ صَلَاةَ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ سَأَلْتُ اللَّهَ عز وجل لِأُمَّتِي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَرَدَّ عَلَيَّ وَاحِدَةً سَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَهُمْ غَرَقًا فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَرَدَّهَا عَلَيَّ»
ــ
قَوْلُهُ: (إِنِّي صَلَّيْتُ صَلَاةَ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ) أَيْ: صَلَاةً دَعَوْتُ فِيهَا رَاغِبًا فِي الْإِجَابَةِ رَاهِبًا عَنْ رَدِّهَا أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، أَيْ: مِنْ فِرَقِ الْكُفْرِ، وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ بِحَيْثُ يَسْتَأْصِلُهُمْ (غَرَقًا) بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ: بِأَنْ يَعُمَّهُمُ الْغَرَقُ (وَأَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ) أَيْ: مُحَارَبَتَهُمْ (فَرَدَّهَا عَلَيَّ) وَفِيهِ أَنَّ الِاسْتِجَابَةَ بِإِعْطَاءِ عَيْنِ الْمَدْعُوِّ لَهُ لَيْسَتْ كُلِّيَّةً، بَلْ قَدْ تَتَخَلَّفُ مَعَ تَحَقُّقِ شَرَائِطِ الدُّعَاءِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
3952 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ الْجَرْمِيِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ زُوِيَتْ لِي الْأَرْضُ حَتَّى رَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَصْفَرَ أَوْ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ يَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَقِيلَ لِي إِنَّ مُلْكَكَ إِلَى حَيْثُ زُوِيَ لَكَ وَإِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ عز وجل ثَلَاثًا أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِي جُوعًا فَيُهْلِكَهُمْ بِهِ عَامَّةً وَأَنْ لَا يَلْبِسَهُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ وَإِنَّهُ قِيلَ لِي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَإِنِّي لَنْ أُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِكَ جُوعًا فَيُهْلِكَهُمْ فِيهِ وَلَنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا حَتَّى يُفْنِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمَّتِي فَلَنْ يُرْفَعَ عَنْهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَإِنَّ مِمَّا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي أَئِمَّةً مُضِلِّينَ وَسَتَعْبُدُ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي الْأَوْثَانَ وَسَتَلْحَقُ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ وَإِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ دَجَّالِينَ كَذَّابِينَ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَلَنْ تَزَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ عز وجل» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ لَمَّا فَرَغَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ مَا أَهْوَلَهُ
ــ
قَوْلُهُ: (زُوِيَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ زُوِيَ كَرْمِي، أَيْ: جُمِعَتْ وَضُمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ الْإِدْرَاكُ فَيَكُونُ مَجَازًا فَإِنَّهُ لَمَّا أَدْرَكَ جَمِيعَهَا صَارَ كَأَنَّهُ جُمِعَتْ
لَهُ حَتَّى رَآهَا، وَالْمُرَادُ مِنَ الْأَرْضِ مَا سَيَبْلُغُهَا مُلْكُ الْأُمَّةِ لَا كُلُّهَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (مَشَارِقَهَا) إِلَى الْبِلَادِ الْمُشْرِقَةِ مِنْهَا وَكَذَا مَغَارِبُهَا (وَأُعْطِيتُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَقَدْ أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مَفَاتِيحَ الْخَزَائِنِ الْمَفْتُوحَةِ عَلَى الْأُمَّةِ (الْأَصْفَرَ) وَفِي بَعْضِ النَّسْخِ " الْأَحْمَرَ "، وَالْمُرَادُ الذَّهَبُ (وَالْأَبْيَضَ) أَيِ: الْفِضَّةَ (فَيُهْلِكُهُمْ) مِنَ الْإِهْلَاكِ (بِهِ) الْجُوعُ (عَامَّةً) أَيْ: حَالَ كَوْنِ الْجُوعِ سُنَّةً عَامَّةً، أَيْ: شَامِلَةً لِكُلِّ الْأُمَّةِ (وَأَنْ لَا يَلْبِسَهُمْ) وَلَا يَخْلِطَهُمْ (شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) بِالْمُحَارَبَةِ، أَيْ: لَا يَجْمَعُهُمْ مُتَحَارِبِينَ قَوْلُهُ: (مِنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا) أَيْ: أَقْطَارِ الْأَرْضِ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ (وَإِذَا وُضِعَ) هَذَا مِنْ كَلَامِهِ صلى الله عليه وسلم، أَيْ: إِذَا ظَهَرَتِ الْحَرْبُ فِيهِمْ تَبْقَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَقَدْ وُضِعَ السَّيْفُ بِقَتْلِ عُثْمَانَ فَلَمْ يَزُلْ إِلَى الْآنَ (أَئِمَّةً مُضِلِّينَ) أَيْ دَاعِينَ الْخَلْقَ إِلَى الْبِدَعِ (حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ) أَيِ: الرِّيحُ الَّذِي يُقْبَضُ عِنْدَهُ نَفْسُ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ.
3953 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ حَبِيبَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَنَّهَا قَالَتْ «اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَوْمِهِ وَهُوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ وَهُوَ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَعَقَدَ بِيَدَيْهِ عَشَرَةً قَالَتْ زَيْنَبُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ»
ــ
قَوْلُهُ: (مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ) قِيلَ: أَشَارَ بِهِ إِلَى قَتْلِ عُثْمَانَ وَمَا جَرَى بَعْدَهُ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ (وَعَقَدَ بِيَدِهِ عَشْرَةً) أَيْ: لِيُرِيَهُمْ مِقْدَارَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الْمَفْتُوحِ قَوْلُهُ: (أَنَهْلَكُ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنَ الْهَلَاكِ أَوْ
بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِهْلَاكِ قَوْلُهُ: (كَثُرَ الْخَبَثُ) بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ بِضَمِّ فَسُكُونٌ، أَيِ: الْمَعَاصِي وَالشُّرُورُ وَأَهْلُهَا قَالَ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]
3954 -
حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي السَّائِبِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَتَكُونُ فِتَنٌ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا إِلَّا مَنْ أَحْيَاهُ اللَّهُ بِالْعِلْمِ»
ــ
قَوْلُهُ: (إِلَّا مَنْ أَحْيَاهُ اللَّهُ بِالْعِلْمِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ هِيَ ضِعَافٌ كُلُّهَا، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ فِي عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
3955 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَبِي عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِتْنَةِ قَالَ حُذَيْفَةُ فَقُلْتُ أَنَا قَالَ إِنَّكَ لَجَرِيءٌ قَالَ كَيْفَ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ فَقَالَ عُمَرُ لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ إِنَّمَا أُرِيدُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ فَقَالَ مَا لَكَ وَلَهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا قَالَ فَيُكْسَرُ الْبَابُ أَوْ يُفْتَحُ قَالَ لَا بَلْ يُكْسَرُ قَالَ ذَاكَ أَجْدَرُ أَنْ لَا يُغْلَقَ» قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنْ الْبَابُ قَالَ نَعَمْ كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ مَنْ الْبَابُ فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ سَلْهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ عُمَرُ
ــ
قَوْلُهُ: (إِنَّكَ لَجَرِيءٌ) أَيْ: شَجِيعٌ عَلَى حِفْظِهِ قَوِيٌّ عَلَيْهِ (فِتْنَةُ الرَّجُلِ) أَيْ: ذَنْبُهُ الصَّادِرُ عَنْهُ فِي شَأْنِ الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْجَارِ يُكَفِّرُهَا صَالِحُ الْأَعْمَالِ مِنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114](لَيْسَ هَذَا) أَيْ: هَذَا الْحَدِيثُ الَّتِي تَمُوجُ، أَيْ: حَدِيثُ الْفِتْنَةِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ (إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا) أَيْ: بَيْنَ الْوَقْتِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ وَبَيْنَهَا وَجُودُكَ الَّذِي بِمَنْزِلَةِ الْبَابِ الْمُغْلَقِ (إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ) أَيْ: وَمِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ لَا يَخْفَى عَلَى عُمَرَ.
3956 -
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ وَوَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ «انْتَهَيْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ إِذْ نَزَلَ مَنْزِلًا فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُ خِبَاءَهُ وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ إِذْ نَادَى مُنَادِيهِ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ فَاجْتَمَعْنَا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَطَبَنَا فَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ خَيْرًا لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ مَا يَعْلَمُهُ شَرًّا لَهُمْ وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَتْ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا وَإِنَّ آخِرَهُمْ يُصِيبُهُمْ بَلَاءٌ وَأُمُورٌ يُنْكِرُونَهَا ثُمَّ تَجِيءُ فِتَنٌ يُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ مُهْلِكَتِي ثُمَّ تَنْكَشِفُ ثُمَّ تَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ مُهْلِكَتِي ثُمَّ تَنْكَشِفُ فَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتُدْرِكْهُ مَوْتَتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يَأْتُوا إِلَيْهِ وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَمِينِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ» قَالَ فَأَدْخَلْتُ رَأْسِي مِنْ بَيْنِ النَّاسِ فَقُلْتُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أُذُنَيْهِ فَقَالَ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي
ــ
قَوْلُهُ: (خِبَاءٌ) بِكَسْرِ الْخَاءِ بَيْتٌ مِنْ صُوفٍ أَوْ وَبَرٍ لَا مِنْ
شَعْرٍ (مَنْ يَنْتَضِلُ) مِنَ انْتَضَلَ الْقَوْمُ إِذَا رَمَوْا لِلسَّبَقِ وَيُقَالُ انْتَضَلُوا بِالْكَلَامِ وَالْأَشْعَارِ (مَنْ هُوَ فِي جُشُرِهِ) ضُبِطَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَشِينِ مَعًا أَيْ فِي إِخْرَاجِهِ الدَّوَابَّ إِلَى الرَّمْيِ (الصَّلَاةَ جَامِعَةً) أَيِ: ائْتُوا الصَّلَاةَ وَالْحَالُ أَنَّهَا جَامِعَةٌ فِيهَا النَّصَبُ وَيَجُوزُ رَفْعُهَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ (فَقَالَ إِنَّهُ) أَيِ: الشَّأْنُ (عَلَى مَا يَعْلَمُهُ) مِنَ الْعِلْمِ، أَيْ: عَلَى شَيْءٍ يَعْلَمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ الشَّيْءَ خَيْرًا لَهُمْ (جُعِلَتْ عَافِيَتُهَا) أَيْ: خَلَاصُهَا عَمَّا يَضُرُّ فِي الدِّينِ (يُرَقِّقُ) بِرَاءٍ وَقَافَيْنِ مِنَ التَّرْقِيقِ، أَيْ: يُزَيِّنُ بَعْضُهَا بَعْضًا، أَوْ يَجْعَلُ بَعْضُهَا بَعْضًا رَقِيقًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَأَخِّرَةَ مِنَ الْفِتْنَةِ أَعْظَمُ مِنَ الْمُتَقَدِّمَةِ فَتَصِيرُ الْمُتَقَدِّمَةُ عِنْدَهَا رَقِيقَةً وَجَاءَ بِرَاءٍ سَاكِنَةٍ فَفَاءٍ مَضْمُومَةٍ مِنَ الرِّفْقِ، أَيْ: يُرَافِقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، أَيْ: يَجِيءُ بَعْضُهَا عَقِبَ بَعْضٍ، أَوْ فِي وَقْتِهِ وَجَاءَ بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ فَفَاءٍ مَكْسُورَةٍ، أَيْ: تَدْفَعُ وَتَصُبُّ (أَنْ يُزَحْزَحَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ) أَيْ: لِيُؤَدِّ إِلَيْهِمْ وَيَفْعَلُ بِهِمْ مَا يُحِبُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ (فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَمِينِهِ) أَيْ: عَهْدَهُ وَمِيثَاقَهُ لِأَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ يَضَعُ أَحَدُهُمَا يَدَهُ فِي يَدِ الْآخَرِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْمُتَبَايِعَانِ وَهِيَ الْمَرَّةِ مِنَ التَّصْفِيقِ بِالْيَدِ (وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ) أَيْ: خَالِصَ عَهْدِهِ.