الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ) أَيْ: مَقْهُورَةٌ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كُتِبَ لِلْعَبْدِ مِنَ الرِّزْقِ يَأْتِيهِ لَا مَحَالَةَ إِلَّا أَنَّهُ مَنْ طَلَبَ الْآخِرَةَ يَأْتِيهِ بِلَا تَعَبٍ وَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا يَأْتِيهِ بِتَعَبٍ وَشِدَّةٍ، فَطَالِبُ الْآخِرَةِ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ جِمْعِ الْمَالِ الرَّاحَةَ فِي الدُّنْيَا وَقَدْ حَصَلَتْ لِطَالِبِ الْآخِرَةِ وَطَالِبُ الدُّنْيَا قَدْ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ؛ لِأَنَّهُ فِي الدُّنْيَا فِي التَّعَبِ الشَّدِيدِ فِي طَلَبِهَا فَأَيُّ فَائِدَةٍ لَهُ فِي الْمَالِ إِذَا فَاتَتِ الرَّاحَةُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
4106 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ النَّصْرِيِّ عَنْ نَهْشَلٍ عَنْ الضَّحَّاكِ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ «سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ الْمَعَادِ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهِ هَلَكَ»
ــ
قَوْلُهُ: (لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيْ أَوْدِيَتِهِ) ضَمِيرُ أَوْدِيَتِهِ لِمَنْ وَالْكَلَامُ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِ تَعَالَى لَا يُعِينُهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ الْحَدِيثُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي اتِّبَاعِ السُّنَّةِ.
4107 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَدْ رَفَعَهُ قَالَ «يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ مَلَأْتُ صَدْرَكَ شُغْلًا وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ»
ــ
قَوْلُهُ: (تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي) أَيْ: كُنْ فَارِغًا عَنْ كُلُّ شَيْءٍ لِأَجَلِ الْعِبَادَةِ وَاصْرِفْ وَقْتَكَ كُلَّهُ فِيهَا (أَمْلَأْ) يَحْتَمِلُ الْجَزْمُ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ وَالرَّفْعُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ.
[باب مَثَلُ الدُّنْيَا]
4108 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ الْمُسْتَوْرِدَ أَخَا بَنِي فِهْرٍ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَا مَثَلُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَثَلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ فِي الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ»
ــ
قَوْلُهُ: (فِي الْآخِرَةِ) أَيْ: فِي جَنْبِهَا وَبِالنَّظَرِ إِلَيْهَا وَأَنَّ هَذَا الْمَثَلَ مَثَلٌ لِلدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ بِمَعْنَى أَنَّ النَّاسَ يَضْرِبُونَهُ مَثَلًا لَهَا هُنَاكَ وَهُوَ فَوْقَهُ مَثَلًا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ مَعْرِفَتَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدُّنْيَا فِي الْقِلَّةِ بِالنَّظَرِ إِلَى الْآخِرَةِ كَالَّذِي عَلَى الْإِصْبَعِ بِالنَّظَرِ إِلَى الْبَحْرِ وَهَذَا الْحَدِيثُ شَرْحٌ وَتَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} [التوبة: 38] وَالْيَمُّ الْبَحْرُ ذَكَرَهُ
السُّيُوطِيُّ.
4109 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «اضْطَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَصِيرٍ فَأَثَّرَ فِي جِلْدِهِ فَقُلْتُ بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ كُنْتَ آذَنْتَنَا فَفَرَشْنَا لَكَ عَلَيْهِ شَيْئًا يَقِيكَ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَنَا وَالدُّنْيَا إِنَّمَا أَنَا وَالدُّنْيَا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا»
ــ
قَوْلُهُ: (فَأَثَّرَ) مِنَ التَّأْثِيرِ، أَيِ: الْحَصِيرِ (آذَنْتَنَا) مِنَ الْإِذْنِ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ وَالْإِخْبَارِ (مَا أَنَا وَالدُّنْيَا) أَيْ: مُجْتَمِعَانِ مُفْتَرِقَانِ (اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ) أَيْ: وَمِثْلُهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْفِرَاشِ لِتِلْكَ السَّاعَةِ فَانْظُرْ قَدْ أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِهِ إِذْ هَذِهِ السُّنَنُ مَخْصُوصَةٌ مِنْ بَيْنِ مَا يَنْبَغِي الِاتِّبَاعُ فِيهِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ.
4110 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ وَمُحَمَّدٌ الصَّبَّاحُ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَإِذَا هُوَ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ شَائِلَةٍ بِرِجْلِهَا فَقَالَ أَتُرَوْنَ هَذِهِ هَيِّنَةً عَلَى صَاحِبِهَا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى صَاحِبِهَا وَلَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا قَطْرَةً أَبَدًا»
ــ
قَوْلُهُ: (شَائِلَةٍ بِرِجْلِهَا) أَيْ: رَافِعَةٍ رِجْلَهَا مِنَ الِانْتِفَاخِ (هَيِّنَةً) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مِنَ الْهَوْنِ (لَلدُّنْيَا) بِفَتْحِ اللَّامِ (جَنَاحَ بَعُوضَةٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَفِيهِ أَنَّ أَصْلَ الْمَتْنِ صَحِيحٌ.
4111 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ الْهَمْدَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُسْتَوْرِدُ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ «إِنِّي لَفِي الرَّكْبِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَتَى عَلَى سَخْلَةٍ مَنْبُوذَةٍ قَالَ فَقَالَ أَتُرَوْنَ هَذِهِ هَانَتْ عَلَى أَهْلِهَا قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ هَوَانِهَا أَلْقَوْهَا أَوْ كَمَا قَالَ قَالَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى أَهْلِهَا»
ــ
قَوْلُهُ: (إِنِّي لَفِي الرَّكْبِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ جَمْعُ رَاكِبٍ اسْمُ جَمْعٍ لَهُ (عَلَى سَخْلَةٍ) بِفَتْحِ سِينٍ فَسُكُونٍ مُعْجَمَةٍ وَلَدُ الْمَعْزِ، أَوِ الضَّأْنِ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى، وَقِيلَ: وَقْتُ وَضْعِهِ (مَنْبُوذَةٌ) أَيْ: مَطْرُوحَةٌ (مِنْ هَوَانِهَا) عَلَيْهِمْ (أَلْقَوْهَا أَوْ كَمَا قَالَ) أَيْ وَقَالُوا أَوْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّحَرُّزُ عَنِ التَّعْبِيرِ فِي حِكَايَةِ كَلَامِهِ صلى الله عليه وسلم لَا فِي حِكَايَةِ كَلَامِهِمْ.
4112 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا أَبُو خُلَيْدٍ عُتْبَةُ بْنُ حَمَّادٍ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ ابْنِ ثَوْبَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ قُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ السَّلُولِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا ذِكْرَ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ أَوْ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا»
ــ
قَوْلُهُ: (الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ) الْمُرَادُ بِالدُّنْيَا كُلُّ مَا يَشْغَلُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُبْعِدُ عَنْهُ، وَلَعْنُهُ بُعْدُهُ عَنْ نَظَرِهِ تَعَالَى، وَالْمَقْبُولُ عِنْدَهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا ذِكْرَ اللَّهِ مُنْقَطِعٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْعَالَمُ السُّفْلِيُّ كُلُّهُ وَكُلُّ مَا لَهُ نَصِيبٌ