الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَيْسَ لَهُ هِدَايَةٌ مِنْ ذَاتِهِ، بَلْ هِيَ مِنْ عِنَايَةِ رَبِّهِ وَلُطْفِهِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي حَدِيثَ «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» بِمَعْنَى أَنَّهُ يُولَدُ خَالِيًا عَنْ دَوَاعِي الضَّلَالَةِ وَفِيهِ أَنَّ الْعَبْدَ مُحْتَاجٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَنَّ أَحَدًا لَا يُغْنِي أَحَدًا شَيْئًا مِنْ دُونِهِ فَحَقُّهُ أَنْ يُتَبَتَّلَ إِلَيْهِ بِشَرَاشِرِهِ قَوْلُهُ:(بِأَنِّي جَوَادٌ) بَيَانٌ لِسَبَبِ مَا تَقَدَّمَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ عَطَاؤُهُ الْكَلَامَ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِي خَزَائِنِهِ النُّقْصَانُ.
[باب ذِكْرِ الْمَوْتِ وَالِاسْتِعْدَادِ لَهُ]
4258 -
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ يَعْنِي الْمَوْتَ»
ــ
قَوْلُهُ: (هَاذِمُ اللَّذَّاتِ) قَالَ السُّيُوطِيُّ: بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: قَاطِعُهَا. قُلْتُ: وَيُحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْمُرَادُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ الْمَوْتُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ لَذَّاتِ الدُّنْيَا قَطْعًا، ثُمَّ إِنْ كَانَ الْمَيِّتُ مِنَ الْأَخْيَارِ تَكُونُ لَهُ وَصْلَةٌ إِلَى لَذَّاتِ الْآخِرَةِ أَيْضًا.
4259 -
حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ فَرْوَةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ «كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ قَالَ أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا قَالَ فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ قَالَ أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا أُولَئِكَ الْأَكْيَاسُ»
ــ
قَوْلُهُ: (أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا) بِضَمَّتَيْنِ، أَيِ: الَّذِينَ يُحْسِنُونَ مُعَامَلَتَهُمْ مَعَ اللَّهِ وَمَعَ النَّاسِ فَيَكُونُ أَفْضَلَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فَرْوَةُ بْنُ قَيْسٍ مَجْهُولٌ وَكَذَا الرَّاوِي عَنْهُ وَخَبَرُهُ بَاطِلٌ قَالَهُ الذَّهَبِيُّ فِي طَبَقَاتِ التَّهْذِيبِ.
4260 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَبِي يَعْلَى شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا ثُمَّ تَمَنَّى عَلَى اللَّهِ»
ــ
قَوْلُهُ: (مَنْ دَانَ نَفْسَهُ) أَيْ: أَذَلَّهَا وَاسْتَعْبَدَهَا، وَقِيلَ: حَاسَبَهَا (مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا) أَيْ: جَعَلَ نَفْسَهُ تَابِعَةً لِهَوَاهَا يُعْطِيهَا كُلَّمَا تَهْوَى وَتَشْتَهِي (ثُمَّ تَمَنَّى عَلَى اللَّهِ) بِأَنَّهُ كَرِيمٌ غَفُورٌ رَحِيمٌ غَنِيٌّ عَنْهُ وَعَنْ عَمَلِهِ فَلَا يُعَاقِبُهُ، بَلْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيُعْطِيهِ مَا يَشْتَهِي.
4261 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَقَالَ كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَ أَرْجُو اللَّهَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَخَافُ ذُنُوبِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ»
ــ
قَوْلُهُ: (لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي وُجُودُ الْأَمْرَيْنِ عَلَى الدَّوَامِ حَتَّى فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَغْلِبَ الرَّجَاءُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنَ الْخَوْفِ شَيْءٌ.
4262 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْمَيِّتُ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَالِحًا قَالُوا اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ اخْرُجِي حَمِيدَةً وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَيُفْتَحُ لَهَا فَيُقَالُ مَنْ هَذَا فَيَقُولُونَ فُلَانٌ فَيُقَالُ مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ ادْخُلِي حَمِيدَةً وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا اللَّهُ عز وجل وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السُّوءُ قَالَ اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ اخْرُجِي ذَمِيمَةً وَأَبْشِرِي بِحَمِيمٍ وَغَسَّاقٍ وَآخَرَ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَلَا يُفْتَحُ لَهَا فَيُقَالُ مَنْ هَذَا فَيُقَالُ فُلَانٌ فَيُقَالُ لَا مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الْخَبِيثَةِ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ ارْجِعِي ذَمِيمَةً فَإِنَّهَا لَا تُفْتَحُ لَكِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فَيُرْسَلُ بِهَا مِنْ السَّمَاءِ ثُمَّ تَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ»
ــ
قَوْلُهُ: (اخْرُجِي) الْخِطَابُ لِلنَّفْسِ فَيَسْتَقِيمُ هَذَا الْخِطَابُ مَعَ عُمُومِ الْمُؤْمِنِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (بِرَوْحٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ، أَيْ: رَحْمَةٍ (وَرَيْحَانٍ) أَيْ: طِيبٍ (فِيهَا اللَّهُ) أَيْ: فِيهَا يَظْهَرُ وَيُلْقِي حُكْمَهُ (وَآخَرَ) أَيْ: بِآخَرَ، وَأَزْوَاجٌ بَدَلٌ مِنْهُ، أَيْ: وَبِأَوْصَافِهِ وَمِنْ شَكْلِهِ جَارٌّ وَمَجْرُورٌ وَقَعَ حَالًا مِنْ أَزْوَاجٍ وَبِأَصْنَافٍ كَائِنَةٍ مِنْ جِنْسِ الْمَذْكُورِ مِنَ الْحَمِيمِ وَالْغَسَّاقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا) أَيْ: يُطْلَبُ لَهَا أَنْ يُفْتَحَ لَهَا السَّمَاءُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
4263 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ وَعُمَرُ بْنُ شَبَّةَ بْنِ عَبِيدَةَ قَالَا حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنِي إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذَا كَانَ أَجَلُ أَحَدِكُمْ بِأَرْضٍ أَوْثَبَتْهُ إِلَيْهَا الْحَاجَةُ فَإِذَا بَلَغَ أَقْصَى أَثَرِهِ قَبَضَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فَتَقُولُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَبِّ هَذَا مَا اسْتَوْدَعْتَنِي»
ــ
قَوْلُهُ: (أَقْصَى أَثَرِهِ) أَيْ: غَايَةُ مَا قُدِّرَ لَهُ مِنَ الْأَثَرِ،