الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ]
4023 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَعْنِيُّ وَيَحْيَى بْنُ دُرُسْتَ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً قَالَ الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ يُبْتَلَى الْعَبْدُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةٍ»
ــ
قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ) أَيِ: الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ عَلَى تَرْتِيبِهِمْ فِي الْفَضْلِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ أَفْضَلَ فَبَلَاؤُهُ أَشَدُّ (صُلْبًا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَيْ: شَدِيدًا.
4024 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُوعَكُ فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ فَوَجَدْتُ حَرَّهُ بَيْنَ يَدَيَّ فَوْقَ اللِّحَافِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَشَدَّهَا عَلَيْكَ قَالَ إِنَّا كَذَلِكَ يُضَعَّفُ لَنَا الْبَلَاءُ وَيُضَعَّفُ لَنَا الْأَجْرُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً قَالَ الْأَنْبِيَاءُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ الصَّالِحُونَ إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيُبْتَلَى بِالْفَقْرِ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُهُمْ إِلَّا الْعَبَاءَةَ يُحَوِّيهَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَفْرَحُ بِالْبَلَاءِ كَمَا يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِالرَّخَاءِ»
ــ
قَوْلُهُ: (هُوَ يُوعَكُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: وَهُوَ مَحْمُومٌ (يُضَعَّفُ) مِنَ التَّضْعِيفِ (إِنْ كَانَ) كَلِمَةُ إِنْ مُخَفَّفَةٌ (يُحَوِّبُهَا) مِنْ حُبَى بِحَاءِ مُهْمَلَةٍ وَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ فِي آخِرِهِ، أَيْ: يَجْعَلُ لَهَا حَبِيبًا، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
4025 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ»
ــ
قَوْلُهُ: (وَهُوَ يَحْكِي نَبِيًّا) أَيْ: بِذِكْرِ حَالِهِ (وَهُوَ يَمْسَحُ) أَيْ: ذَلِكَ النَّبِيُّ الَّذِي ضَرَبَهُ قَوْمُهُ.
4026 -
حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ»
ــ
قَوْلُهُ: (نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ) لَمْ يُرِدْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِنَحْنُ نَفْسَهُ الْكَرِيمَ، بَلِ الْأَنْبِيَاءُ مُطْلَقًا غَيْرَ إِبْرَاهِيمَ شَكَّ لَكَانَ غَيْرُ إِبْرَاهِيمَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَحَقُّ بِهِ؛ لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ قَدْ أُعْطِيَ رُشْدَهُ وَفُتِحَ عَلَيْهِ مَا فُتِحَ فَقَالَ تَعَالَى {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: 75] فَهُوَ كَانَ عَلَمًا فِي الْإِيقَانِ، فَإِذَا فَرَضْنَاهُ شَاكًّا فِي شَيْءٍ كَانَ غَيْرُهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَحَقُّ بِالشَّكِّ فِيهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَا شَكَّ غَيْرُهُ فِي الْبَعْثِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْإِحْيَاءِ فَكَيْفَ هُوَ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مَا
شَكَّ، وَقَوْلُهُ:(إِذْ قَالَ رَبِّ أَرِنِي. . . إِلَخْ) تَقْدِيرُهُ: لَوْ كَانَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ شَكٌّ إِذْ قَالَ رَبِّ. . . إِلَخْ وَلَيْسَ الْمَعْنَى نَحْنُ أَحَقُّ إِذْ قَالَ. . . إِلَخْ فَإِنْ قُلْتُ: فَمَا مَعْنَى سُؤَالِ إِبْرَاهِيمَ. قُلْتُ: سُؤَالُهُ مَا كَانَ إِلَّا عَنْ رُؤْيَةٍ كَرُؤْيَةِ إِحْيَاءِ الْمَوْتَى، لَكِنْ لَمَّا كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ السُّؤَالِ قَدْ يَنْشَأُ عَنْ شَكٍّ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِحْيَاءِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مَنْ يَبْلُغُهُ السُّؤَالُ أَنَّهُ قَدْ شَكَّ، أَرَادَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُزِيلَ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ بِتَحْقِيقِ مَنْشَأِ سُؤَالِهِ فَقَالَ لَهُ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ، أَيْ: بِالْقُدْرَةِ فَقَالَ بَلَى أَنَا مُؤْمِنٌ بِالْقُدْرَةِ وَلَكِنْ سَأَلْتُ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي بِرُؤْيَةِ كَيْفِيَّةِ الْإِحْيَاءِ فَكَأَنَّ قَلْبَهُ اشْتَاقَ إِلَى ذَلِكَ فَأَرَادَ أَنْ يَطْمَئِنَّ بِوَصْلِهِ إِلَى الْمَطْلُوبِ، وَهَذَا لَا غُبَارَ عَلَيْهِ أَصْلًا، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ كَمَا لَا يَخْفَى وَمَنْ قَالَ أَرَادَ زِيَادَةَ الْإِيقَانِ وَنَحْوَهُ فَقَدْ بَعُدَ إِذْ مَعْلُومٌ أَنَّ مَرْتَبَةَ إِبْرَاهِيمَ فَوْقَ مَرْتَبَةِ مَنْ قَالَ لَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ مَا ازْدَدْتُ يَقِينًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ:(وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ) الْمَقْصُودُ مَدْحُ يُوسُفَ بِأَنَّهُ بَلَغَ مِنَ الصَّبْرِ وَالتَّأَنِّي غَايَتَهُ.
4027 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ كُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَشُجَّ فَجَعَلَ الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ وَجَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ خَضَبُوا وَجْهَ نَبِيِّهِمْ بِالدَّمِ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل {لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] »
ــ
قَوْلُهُ: (كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ) كَثَمَانِيَةٍ (وَشُجَّ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: رَأْسُهُ (يُفْلِحُ) مِنْ أَفْلَحَ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ (خُضِّبَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ.
4028 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «جَاءَ جِبْرِيلُ عليه السلام ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ جَالِسٌ حَزِينٌ قَدْ خُضِّبَ بِالدِّمَاءِ قَدْ ضَرَبَهُ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ فَقَالَ مَا لَكَ قَالَ فَعَلَ بِي هَؤُلَاءِ وَفَعَلُوا قَالَ أَتُحِبُّ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً قَالَ نَعَمْ أَرِنِي فَنَظَرَ إِلَى شَجَرَةٍ مِنْ وَرَاءِ الْوَادِي قَالَ ادْعُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ فَدَعَاهَا فَجَاءَتْ تَمْشِي حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ قُلْ لَهَا فَلْتَرْجِعْ فَقَالَ لَهَا فَرَجَعَتْ حَتَّى عَادَتْ إِلَى مَكَانِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَسْبِي»
ــ
(أَنْ أُرِيَكَ) مِنَ الْجَاهِ وَالشَّرَفِ لِآيَةٍ تُخَفِّفُ عَنْهُ هَذِهِ الْمِحَنِ وَأَنَّهُ لَا يُبَالِي صَاحِبُهُ بِإِضْعَافِ هَذِهِ الْمِحَنِ وَالشَّدَائِدِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِنْ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ وَاسْمُهُ طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ سَمِعَ مِنْ جَابِرٍ.
4029 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْصُوا لِي كُلَّ مَنْ تَلَفَّظَ بِالْإِسْلَامِ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَخَافُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ مَا بَيْنَ السِّتِّ مِائَةِ إِلَى السَّبْعِ مِائَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّكُمْ أَنْ تُبْتَلُوا قَالَ فَابْتُلِينَا حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا مَا يُصَلِّي إِلَّا سِرًّا»
ــ
قَوْلُهُ: (احْصُوا) مِنَ الْإِحْصَاءِ، أَيِ: اضْبُطُوا لِي عَدَدَهُمْ وَمِثْلُ هَذَا السُّؤَالِ غَالِبًا يَكُونُ عِنْدَ الْخَوْفِ؛ وَلِذَلِكَ قَالُوا مَا قَالُوا.
4030 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ وَجَدَ رِيحًا طَيِّبَةً فَقَالَ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ قَالَ هَذِهِ رِيحُ قَبْرِ الْمَاشِطَةِ وَابْنَيْهَا وَزَوْجِهَا قَالَ وَكَانَ بَدْءُ ذَلِكَ أَنَّ الْخَضِرَ كَانَ مِنْ أَشْرَافِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَانَ مَمَرُّهُ بِرَاهِبٍ فِي صَوْمَعَتِهِ فَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرَّاهِبُ فَيُعَلِّمُهُ الْإِسْلَامَ فَلَمَّا بَلَغَ الْخَضِرُ زَوَّجَهُ أَبُوهُ امْرَأَةً فَعَلَّمَهَا الْخَضِرُ وَأَخَذَ عَلَيْهَا أَنْ لَا تُعْلِمَهُ أَحَدًا وَكَانَ لَا يَقْرَبُ النِّسَاءَ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ زَوَّجَهُ أَبُوهُ أُخْرَى فَعَلَّمَهَا وَأَخَذَ عَلَيْهَا أَنْ لَا تُعْلِمَهُ أَحَدًا فَكَتَمَتْ إِحْدَاهُمَا وَأَفْشَتْ عَلَيْهِ الْأُخْرَى فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى أَتَى جَزِيرَةً فِي الْبَحْرِ فَأَقْبَلَ رَجُلَانِ يَحْتَطِبَانِ فَرَأَيَاهُ فَكَتَمَ أَحَدُهُمَا وَأَفْشَى الْآخَرُ وَقَالَ قَدْ رَأَيْتُ الْخَضِرَ فَقِيلَ وَمَنْ رَآهُ مَعَكَ قَالَ فُلَانٌ فَسُئِلَ فَكَتَمَ وَكَانَ فِي دِينِهِمْ أَنَّ مَنْ كَذَبَ قُتِلَ قَالَ فَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ الْكَاتِمَةَ فَبَيْنَمَا هِيَ تَمْشُطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ سَقَطَ الْمُشْطُ فَقَالَتْ تَعِسَ فِرْعَوْنُ فَأَخْبَرَتْ أَبَاهَا وَكَانَ لِلْمَرْأَةِ ابْنَانِ وَزَوْجٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَرَاوَدَ الْمَرْأَةَ وَزَوْجَهَا أَنْ يَرْجِعَا عَنْ دِينِهِمَا فَأَبَيَا فَقَالَ إِنِّي قَاتِلُكُمَا فَقَالَا إِحْسَانًا مِنْكَ إِلَيْنَا إِنْ قَتَلْتَنَا أَنْ تَجْعَلَنَا فِي بَيْتٍ فَفَعَلَ فَلَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَجَدَ رِيحًا طَيِّبَةً فَسَأَلَ جِبْرِيلَ فَأَخْبَرَهُ»
ــ
قَوْلُهُ: (بَدْءُ ذَلِكَ) أَيِ: ابْتِدَاؤُهُ وَسَبَبُهُ (مَمَرُّهُ بِرَاهِبٍ) يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الرَّاهِبِينَ قَبْلَ زَمَانِ عِيسَى (فَعَلَّمَهَا) مِنَ التَّعْلِيمِ، أَيْ: عَلَّمَهَا الْإِسْلَامَ (أَنْ لَا تُعْلِمَهُ) مِنَ الْإِعْلَامِ، أَيْ: لَا تُخْبِرُ أَحَدًا بِأَنَّ فُلَانًا عَلَّمَنِي هَذَا (لَا يَقْرَبُ) مِنْ قَرِبَ كَسَمِعَ قَوْلُهُ: (فَتَزَوَّجَ) أَيِ: الْكَاتِمُ (الْمُشْطُ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ وَهُوَ آلَةٌ يُمَشَّطُ بِهَا (تَعِسَ) كَسَمِعَ، أَيْ: هَلَكَ وَهُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِالْهَلَاكِ (فَرَاوَدَ الْمَرْأَةَ) أَيْ: أَكْثَرَ الذَّهَابَ وَالْمَجِيءَ إِلَيْهَا، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ يَتَكَلَّمُونَ فِي حِفْظِهِ وَهُوَ يُحْتَمَلُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ سَمِعْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ قَالَا مَحِلُّهُ الصِّدْقُ عِنْدَنَا، قُلْتُ: يُحْتَجُّ، قَالَا
لَا، وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُمْ.
4031 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ»
ــ
قَوْلُهُ: (فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا) أَيْ: رِضَا اللَّهِ تَعَالَى عَنْهُ جَزَاءً لِرِضَاهُ، أَوْ فَلَهُ جَزَاءُ رِضَاهُ وَكَذَا قَوْلُهُ: فَلَهُ السُّخْطُ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْصِيلٌ لِمُطْلَقِ الْمُبْتَلِينَ لَا لِمَنْ أَحَبَّهُمْ فَابْتَلَاهُمْ إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَعَالَى يُوَفِّقُهُمْ لِلرِّضَا فَلَا يَسْخَطُ مِنْهُمْ أَحَدٌ.
4032 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ»
ــ
قَوْلُهُ: (لَا يُخَالِطُ النَّاسَ) أَيْ: يُسَاكِنُهُمْ وَيُعَامِلُهُمْ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُخَالِطَ الصَّابِرَ خَيْرٌ مِنَ الْمُعْتَزِلِ.
4033 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ طَعْمَ الْإِيمَانِ وَقَالَ بُنْدَارٌ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ مَنْ كَانَ يُحِبُّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَمَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَمَنْ كَانَ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ»
ــ
قَوْلُهُ: (وَجَدَ طَعْمَ الْإِيمَانِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فِي الصِّحَاحِ الطَّعْمُ بِالْفَتْحِ مَا يُؤَدِّيهِ الذَّوْقُ يُقَالُ طَعِمَهُ وَالطُّعْمُ بِالضَّمِّ الطَّعَامُ، وَفِي الْقَامُوسِ طَعْمُ الشَّيْءِ يَعْنِي بِالْفَتْحِ حَلَاوَتَهُ وَمَرَارَتَهُ وَمَا بَيْنَهُمَا يَكُونُ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَفِي الْجُمْلَةِ فَقَدِ اسْتُعِيرَ اسْمُ الطَّعْمِ، أَوِ الْحَلَاوَةِ لِمَا يَجِدُهُ الْمُؤْمِنُ الْكَامِلُ فِي الْقَلْبِ بِسَبَبِ الْإِيمَانِ مِنَ الِانْشِرَاحِ وَالِاتِّسَاعِ وَلَذَّةِ الْقُرْبِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ:(مَنْ كَانَ يُحِبُّ الْمَرْءَ) أَيْ: أَيَّ امْرِئٍ كَانَ (يُلْقَى) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِلْقَاءِ (فِي النَّارِ) أَيْ: نَارِ الدُّنْيَا (أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ) قَيْدٌ عَلَى حَسَبِ وَقْتِهِ إِذِ النَّاسُ كَانُوا فِي وَقْتِهِ أَسْلَمُوا بَعْدَ سَبْقِ الْكُفْرِ (أَهْوَنُ) وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ مَعْنَى بَعْدَ أَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ الْإِسْلَامَ وَهَدَاهُ إِلَيْهِ.
4034 -
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ح وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَا حَدَّثَنَا رَاشِدٌ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحِمَّانِيُّ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ «أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ وَلَا تَتْرُكْ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ وَلَا تَشْرَبْ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ»
ــ
قَوْلُهُ: (أَنْ لَا تُشْرِكَ) صِيغَةُ نَهْيٍ وَأَنْ لَا تَفْسِيرِيَّةٌ، أَوْ مَصْدَرِيَّةٌ عِنْدَ مَنْ جَوَّزَ دُخُولَهَا عَلَى الْإِنْشَاءِ، أَوْ صِيغَةُ مُضَارِعٍ وَأَنْ نَاصِبَةٌ مَصْدَرِيَّةٌ،