الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب الْحَائِضِ تَنْفِرُ قَبْلَ أَنْ تُوَدِّعَ]
3072 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «حَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ قَالَتْ عَائِشَةُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَحَابِسَتُنَا هِيَ فَقُلْتُ إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ ثُمَّ حَاضَتْ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلْتَنْفِرْ»
ــ
قَوْلُهُ: (أَحَابِسَتُنَا هِيَ) أَيْ: أَخَّرَتْ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ حَتَّى يَلْزَمَنَا الْإِقَامَةُ لِأَجْلِهَا إِلَى أَنْ تَطُوفَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْحَيْضِ فَتَصِيرَ حَابِسَةً لَنَا عَنِ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَدِينَةِ.
3073 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ فَقُلْنَا قَدْ حَاضَتْ فَقَالَ عَقْرَى حَلْقَى مَا أُرَاهَا إِلَّا حَابِسَتَنَا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قَدْ طَافَتْ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ فَلَا إِذَنْ مُرُوهَا فَلْتَنْفِرْ»
ــ
قَوْلُهُ: (عَقْرَى حَلْقَى) قَالَ ذَلِكَ عَلَى زَعْمِ أَنَّهَا أَخَّرَتِ الْإِفَاضَةَ وَلَيْسَ هَذَا لِذَمِّ الْحَيْضِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (فَلَا إِذًا) أَيْ: فَلَا تَحْبِسُنَا إِذِ الْأَمَةُ يَجُوزُ لَهَا تَرْكُ طَوَافِ الصَّدَرِ لِلْعُذْرِ.
[باب حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]
3074 -
ــ
قَوْلُهُ: (فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِي) أَيْ: مَدَّهَا إِلَيْهِ فَحَلَّ زِرِّي هُوَ بِكَسْرِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاحِدُ أَزْرَارِ الْقَمِيصِ فَعَلَ ذَلِكَ إِظْهَارًا لِلْمَحَبَّةِ وَإِعْلَامًا بِالْمَوَدَّةِ لِأ جَلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ قَوْلُهُ: (فِي سَاجَةٍ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ: فِي نِسَاجَةٍ بِكَسْرِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ سِينٍ وَجِيمٍ، ضَرْبٌ مِنَ الْمَلَاحِفِ مَنْسُوجٌ، كَأَنَّهَا سُمِّيَتْ بِالْمَصْدَرِ يُقَالَ نَسَجَتْ نَسْجًا وَنِسَاجَةً، وَأَمَّا السَّاجَةُ بِحَذْفِ النُّونِ فَهُوَ الطَّيْلَسَانُ، قِيلَ: هُوَ الصَّحِيحُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ كِلَاهُمَا صَحِيحٌ قَوْلُهُ:(عَلَى الْمِشْجَبِ) بِمِيمٍ مَكْسُورَةٍ فَشِينٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ فَجِيمٍ فَمُوَحَّدَةٍ أَعْوَادٌ يُضَمُّ رُءُوسُهَا وَيُفْرَجُ بَيْنَ قَوَائِمِهَا يُوضَعُ عَلَيْهَا الثِّيَابُ قَوْلُهُ: (عَنْ حِجَّةٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا وَجْهَانِ فَقَالَ بِيَدِهِ، أَيْ: أَشَارَ بِيَدِهِ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، فَأَذَّنَ بِالتَّشَدُّدِ أَيْ نَادَى، أَوْ بِالتَّخْفِيفِ وَمَدِّ الْهَمْزَةِ، أَيْ: أَعْلَمَ وَأَظْهَرَ (حَاجٌّ) أَيْ: خَارِجٌ إِلَى
الْحَجِّ قَوْلُهُ: (يَلْتَمِسُ) أَيْ: يَطْلُبُ وَيَقْصِدُ أَنْ يَأْتَمَّ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، أَيْ: يَقْتَدِي وَيَعْمَلُ بِمِثْلِ عَمَلِهِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (اغْتَسِلِي) أَيْ: لِلتَّنْظِيفِ لَا لِلصَّلَاةِ وَالتَّطْهِيرِ وَاسْتَثْفِرِي مِنَ الِاسْتِثْفَارِ، وَهُوَ أَنْ تَشُدَّ فَرْجَهَا بِخِرْقَةٍ لِيَمْنَعَ سَيَلَانَ الدَّمِ (ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمَدِّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَرُوِيَ بِضَمِّ الْقَافِ وَهُوَ خَطَأٌ وَهِيَ لُغَةً النَّاقَةُ الَّتِي قُطِعَ طَرَفُ أُذُنِهَا وَهَاهُنَا قِيلَ: اسْمٌ لِنَاقَتِهِ صلى الله عليه وسلم بِلَا قَطْعِ أُذُنٍ، وَقِيلَ: بَلْ لِلْقَطْعِ قَوْلُهُ: (حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ) أَيْ: عَلَتْ بِهِ أَوْ قَامَتْ مُسْتَوِيَةً عَلَى قَوَائِمِهَا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ بَعْدَ تَمَامِ طُلُوعِ الْبَيْدَاءِ لَا فِي أَثْنَاءِ طُلُوعِهِ وَالْبَيْدَاءُ الْمَفَازَةُ وَهَاهُنَا اسْمُ مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَجَوَابُ إِذَا قَوْلُهُ: فَأَهَلَّ، وَالْفَاءُ زَائِدَةٌ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى:{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [النصر: 3] فِي جَوَابِ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} [النصر: 1] وَجُمْلَةُ (قَالَ جَابِرٌ نَظَرْتُ إِلَى) مُعْتَرِضَةٌ (إِلَى مَدِّ بَصَرِي) أَيْ: مُنْتَهَى بَصَرِي، وَأَنْكَرَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ ذَلِكَ، وَقَالَ: الصَّوَابُ مَدَى بَصَرِي بِفَتْحِ الْمِيمِ قَالَ النَّوَوِيُّ: لَيْسَ بِمُنْكَرٍ بَلْ هُمَا لُغَتَانِ وَالْمَدُّ أَشْهُرُ.
قَوْلُهُ: (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) أَيْ: قُدَّامَهُ بَيْنَ رَاكِبٍ وَمَاشٍ، أَيْ: فَرَأَيْتُ مَا لَا يُحْصَى بَيْنَ رَاكِبٍ وَمَاشٍ وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، أَيْ: وَرَأَيْتُ عَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، أَوْ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَعَلَى الْأَوَّلِ: مِثْلَ ذَلِكَ بِالنَّصْبِ، وَعَلَى الثَّانِي بِالرَّفْعِ قَوْلُهُ:(وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ. . . إِلَخْ) هُوَ حَثٌّ عَلَى التَّمَسُّكِ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ فِعْلِهِ فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ، قِيلَ: بِالْإِفْرَادِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ الْمُرَادُ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ لَا بِتَلْبِيَةِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الشِّرْكِ. لَبَّيْكَ. . . إِلَخْ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ بِتَقْدِيرِ قَالَ (بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ) قَالَ الْقَاضِي: كَقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: لَبَّيْكَ ذَا النَّعْمَاءِ وَالْفَضْلِ الْحَسَنِ، لَبَّيْكَ مَرْغُوبًا إِلَيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ، وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ، وَكَقَوْلِ أَنَسٍ: لَبَّيْكَ حَقًّا تَعَبُّدًا وَرِقًّا. قُلْتُ: وَكَقَوْلِ الْقَائِلِ:
لَبَّيْكَ عَدَدَ الرَّمْلِ وَالتُّرَابِ وَنَحْوَ ذَلِكَ " فَلَمْ يَرُدَّ " أَيْ: فَهُوَ مِنْهُ تَقْرِيرٌ لِلزِّيَادَةِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا نَعَمْ حَيْثُ لَزِمَ تَلْبِيَةٌ فَهِيَ أَفْضَلُ قَوْلُهُ: (لَسْنَا نَنْوِي) أَيْ: غَالِبُنَا، وَإِلَّا فَفِيهِمْ مَنِ اعْتَمَرَ كَعَائِشَةَ عَلَى مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ نَفْسِهِ فِي حَالِ عَائِشَةَ، أَوْ قَارَنَ فَقَالَ: وَاتَّخِذُوا، أَيْ: لِيُعْلَمَ تَفْسِيرُهُ بِالْفِعْلِ الَّذِي يُبَاشِرُهُ، وَكَانَ أَبِي: هُوَ الْأَبُ الْمُضَافُ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَهُوَ مُعَدٌّ مِنْ كَلَامِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ يَقُولُ أَيْ مُحَمَّدٌ يَقُولُ: إِنَّهُ قَرَأَ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ قَالَ جَعْفَرٌ: وَلَا أَعْلَمُ. . . إِلَخْ قَالَ النَّوَوِيُّ: لَيْسَ شَكًّا فِي رَفْعِهِ لِأَنَّ لَفْظَةَ الْعِلْمِ تُنَافِي الشَّكَّ، بَلْ هُوَ جَزْمٌ يَرْفَعُهُ وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] أَيْ: فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] بَعْدَ الْفَاتِحَةِ.
(نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ) يُفِيدُ أَنَّ بِدَايَةَ اللَّهِ - تَعَالَى ذِكْرًا - تَقْتَضِي الْبُدَاءَةَ عَمَلًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقْتَضِي نَدْبَ الْبُدَاءَةِ عَمَلًا لَا وُجُوبًا وَالْوُجُوبُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ قَوْلُهُ:(فَرَقِيَ) بِكَسْرِ الْقَافِ قَوْلُهُ: (ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ) أَيْ: بَيْنَ مَرَّاتِ هَذَا الذِّكْرِ بِمَا شَاءَ وَقَالَ الذِّكْرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (حَتَّى انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ) بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ، أَيِ: انْحَدَرَتَا بِالسُّهُولَةِ حَتَّى وَصَلَتَا إِلَى بَطْنِ الْوَادِي قَوْلُهُ: (حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا) أَيْ: خَرَجَتَا مِنَ الْبَطْنِ إِلَى طَرَفِهِ الْأَعْلَى مَشَى، أَيْ: سَارَ عَلَى السُّكُونِ قَوْلُهُ: (لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي. . . إِلَخْ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ بَعْدَمَا ظَهَرَ لِي عَزْمُ الْحَجِّ
وَجَعْلُهُ عُمْرَةً، أَرَادَ تَطْيِيبَ قُلُوبِهِمْ بِالْفَسْخِ وَعَدَمِ الْمُوَافَاةِ مَعَهُ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ:(جَعْشُمٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِهَا كَذَا ضَبَطَهُ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ مُسْلِمٍ وَضَبَطَهُ فِي الْمَفَاتِيحِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَالشِّينِ، وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ: بِضَمِّ الْجِيمِ وَبِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِهَا ذَكَرَهَا الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ (أَلِعَامِنَا) الْمُرَادُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ هَلِ التَّمَتُّعُ لِعَامِنَا هَذَا؟ وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَالظَّاهِرِيَّةِ: أَهَلِ الْفَسْخُ لِعَامِنَا هَذَا؟ فَعَلَى الْأَوَّلِ (دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ) أَيْ: حَلَّتْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَصَحَّتْ وَعَلَى الثَّانِي دَخَلَتْ نِيَّةُ الْعُمْرَةِ فِي نِيَّةِ الْحَجِّ بِحَيْثُ إِنَّ مَنْ نَوَى الْحَجَّ صَحَّ الْفَرَاغُ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ (لَا) أَيْ: لَا فِي هَذَا الْعَامِ وَحْدَهُ قَوْلُهُ: (بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ) أَيْ: آخِرِ الدَّهْرِ (بِبُدْنٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَوْ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ بَدَنَةٍ قَوْلُهُ:(مُحَرِّشًا) مِنَ التَّحْرِيشِ وَهُوَ الْإِغْرَاءُ، قِيلَ: أُرِيدَ بِهِ هَاهُنَا ذِكْرُ مَا يُوجِبُ عِتَابَهُ لَهَا حِينَ. . . إِلَخْ. قَوْلُهُ: فَرَضْتَ الْحَجَّ أَيْ: أَلْزَمْتَهُ نَفْسَكَ بِالْإِحْرَامِ (وَوَجَّهُوا) بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ، أَيْ: تَوَجَّهُوا كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَوْ وَجَّهُوا وُجُوهَهُمْ أَوْ رَوَاحِلَهُمْ.
قَوْلُهُ: (بِنَمِرَةَ)
بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ (لَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ. . . إِلَخْ) كَلِمَةُ إِلَّا بِمَعْنَى لَكِنْ وَمَا بَعْدَهُ مَفْعُولٌ مُقَدَّرٌ، أَيْ: مَا شَكُّوا وَلَكِنْ جَزَمُوا أَنَّهُ وَاقِفٌ قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ) جَبَلٌ بِمُزْدَلِفَةَ (فَأَجَازَ) أَيْ: جَاوَزَ مُزْدَلِفَةَ (زَاغَتِ) الشَّمْسُ، أَيْ: زَالَتْ (فَرُحِلَتْ) بِتَخْفِيفِ الْحَاءِ أَيْ جُعِلَ عَلَيْهَا الرَّحْلُ قَوْلُهُ: (بَطْنَ الْوَادِي) هُوَ وَادِي عُرَنَةَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَنُونٍ (إِنَّ دِمَاءَكُمْ) قِيلَ: تَقْدِيرُهُ سَفْكُ دَمٍ وَاحِدٍ حَرَامٌ إِذِ الذَّوَاتُ لَا تُوصَفُ بِتَحْرِيمٍ وَلَا تَحْلِيلٍ، وَأَمْوَالَكُمْ: فَيَتَقَدَّرُ فِي كُلِّ مَا يَلِيقُ بِهِ كَتَنَاوُلِ دِمَائِكُمْ وَتَعَرُّضِهَا، ثُمَّ لَيْسَ الْكَلَامُ مِنْ مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ لِلْجَمْعِ لِإِفَادَةِ التَّفْرِيقِ حَتَّى يَصِيرَ الْمَعْنَى أَنَّ دَمَ كُلِّ أَحَدٍ وَمَالَهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ، بَلِ الْأَوَّلُ لِإِفَادَةِ الْعُمُومِ، أَيْ: دَمُ كُلِّ أَحَدٍ حَرَامٌ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَالثَّانِي لِإِفَادَةِ أَنَّ مَالَ كُلِّ أَحَدٍ حَرَامٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَمَّا حُرْمَةُ الدَّمِ عَلَى نَفْسِهِ فَلَيْسَ بِمَقْصُودٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ خَارِجِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَعَرُّضَ الْمَرْءِ لِدَمِ نَفْسِهِ مَمْنُوعٌ طَبْعًا فَلَا حَاجَةَ إِلَى ذِكْرِهِ إِلَّا نَادِرًا قَوْلُهُ:(تَحْتَ قَدَمِي) إِبْطَالٌ لِأُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا مُؤَاخَذَةَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِمَا فَعَلَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ بِمَا وَقَعَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يُؤْخَذُ الزَّائِدُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ بِمَا وَقَعَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ عَقْدِ الرِّبَا قَوْلُهُ: (بِأَمَانَةِ اللَّهِ) أَيِ: ائْتَمَنَكُمْ عَلَيْهِنَّ فَيَجِبُ حِفْظُ أَمَانَتِهِ وَصِيَانَتُهَا عَنِ الضَّيَاعِ بِمُرَاعَاةِ الْحُقُوقِ قَوْلُهُ: (بِكَلِمَةِ اللَّهِ) أَيْ: إِبَاحَتِهِ وَحُكْمِهِ، قِيلَ: الْمُرَادُ بِهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ أَيْ بِالْكَلِمَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا بِالْإِبَاحَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَانْكِحُوا وَقِيلَ: كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ، إِذْ لَا تَحِلُّ مُسْلِمَةٌ لِغَيْرِ مُسْلِمٍ، وَقِيلَ: كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]
قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يُوطِئْنَ. . . إِلَخْ) صِيغَةُ جَمْعِ الْإِنَاثِ مِنَ الْإِيطَاءِ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ مَعْنَاهُ أَنْ لَا يُمَكِّنَّ مِنْ أَنْفُسِهِنَّ أَحَدًا سِوَاكُمْ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِاشْتِرَاطِ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ الزِّنَا عَلَى الْوُجُوهِ كُلِّهَا مَمْنُوعٌ. قُلْتُ: يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي جِمَاعِهِنَّ يَشْمَلُ عَادَةً لِكُلِّ أَحَدٍ سِوَى الزَّوْجِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: أَحَدٌ سِوَاكُمْ، لَكِنْ لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ: ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ أَنْ يَأْذَنَّ لِأَحَدٍ مِنَ الرِّجَالِ يَدْخُلُ فَيَتَحَدَّثُ إِلَيْهِنَّ وَكَانَ عَادَةُ الْعَرَبِ تَحْدِيثَ الرِّجَالِ إِلَى النِّسَاءِ، وَقَوْلُهُ: تَكْرَهُونَ دُخُولَهُ سَوَاءٌ كَرِهْتُمُوهُ فِي نَفْسِهِ أَمْ لَا، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُخْتَارُ لَا يَأْذَنَّ لِأَحَدٍ تَكْرَهُونَ دُخُولَهُ فِي بُيُوتِكُمْ سَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا، أَوِ امْرَأَةً، أَجْنَبِيًّا أَوْ مَحْرَمًا مِنْهَا (مُبَرِّحٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ بَعْدَهَا حَاءٌ مُهْمَلَةٌ، أَيْ: غَيْرُ شَدِيدٍ وَلَا شَاقٍّ (وَيَنْكُبُهَا) مُوَحَّدَةٌ فِي آخِرِهِ، أَيْ: يُمِيلُهَا يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يُشْهِدَ اللَّهَ عَلَيْهِمْ يُقَالُ نَكَبْتُ الْإِنَاءَ نَكْبًا وَنَكَّبْتُهُ تَنْكِيبًا إِذَا أَمَالَهُ وَكَبَّهُ وَجَاءَ بِمُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ مَوْضِعَ مُوَحَّدَةٍ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مَعْنًى.
قَوْلُهُ: (حَبْلَ الْمُشَاةِ) رُوِيَ بِمُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَسُكُونِ مُوَحَّدَةٍ هُوَ فِي الْأَصْلِ مَا طَالَ مِنَ الرَّمْلِ وَضَخُمَ، قِيلَ: هُوَ الْمُرَادُ أُضِيفَ إِلَى الْمُشَاةِ لِاجْتِمَاعِهِمْ هُنَالِكَ تَوَقُّفًا عَنْ مُوَافَقَةِ الرِّكَابِ، وَقِيلَ: بَلْ الْمُرَادُ صَفُّ السَّابِقِ وَمُجْتَمَعُهُمْ تَشْبِيهًا لَهُ بِحَبْلِ الرَّمْلِ وَرُوِيَ بِجِيمٍ وَيَاءٍ مَفْتُوحَتَيْنِ وَأُضِيفَ إِلَى الْمُشَاةِ لِأَنَّهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الصُّعُودِ عَلَيْهِ دُونَ الرَاكِبِ قَوْلُهُ: (وَقَدْ شَنَقَ الْقَصْوَاءَ) بِفَتْحِ نُونٍ خَفِيفَةٍ مِنْ بَابِ ضَرَبَ، أَيْ: ضَمَّ وَضَيَّقَ (مَوْرِكَ رَحْلِهِ) بِفَتْحِ مِيمٍ وَكَسْرِ رَاءٍ وَفَتْحِهَا وَالرَّحْلُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مَعْرُوفٌ. قَوْلُهُ: (السَّكِينَةَ)
بِالنَّصْبِ أَيْ الْزَمُوهَا حَبْلًا بِمُهْمَلَةٍ فَسَاكِنَةٍ وَالْحِبَالُ فِي الرِّمَالِ كَالْجِبَالِ فِي الْحَجَرِ قَوْلُهُ: (حَتَّى أَسْفَرَ) الضَّمِيرُ لِلصُّبْحِ (وَسِيمًا) أَيْ: حَسَنًا (الظُّعُنُ) بِضَمِّ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ ظَعِينَةٍ كَالسُّفُنِ جَمْعُ سَفِينَةٍ وَهِيَ الْمَرْأَةُ فِي الْهَوْدَجِ قَوْلُهُ: (مُحَسِّرٌ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُشَدَّدَةِ مَوْضِعٌ مَعْلُومٌ مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ بِخَاءٍ وَذَالٍ مُعْجَمَتَيْنِ هُوَ الرَّمْيُ بِالْأَصَابِعِ وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ صِغَرِ الْحَصَى قَوْلُهُ: (مَا غَبَرَ) بِغَيْنٍ، ثُمَّ بَاءٍ، أَيْ: مَا بَقِيَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْهَدْيَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَهُوَ مِنْ أَدِلَّةِ جَوَازِ الشَّرِكَةِ فِي الْهَدَايَا (بِبَضْعَةٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ. لَوْلَا أَنْ تَغْلِبَكُمُ النَّاسُ: تَبَرُّكًا بِفِعْلِهِ وَاتِّبَاعًا لَهُ أَوْ لِعَدِّهِمْ ذَلِكَ مِنَ الْمَنَاسِكِ.