الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب فِتْنَةِ الدَّجَالِ وَخُرُوجِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَخُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ]
4071 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّجَّالُ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُسْرَى جُفَالُ الشَّعَرِ مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ»
ــ
قَوْلُهُ: (جُفَالُ الشَّعْرِ) الْجُفَالُ كَالْغُرَابِ، أَيْ: كَثِيرُ الشَّعْرِ صُورَةُ جَنَّةِ حَقِيقِيَّةٌ.
4072 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالُوا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ سُبَيْعٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ «حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ بِالْمَشْرِقِ يُقَالُ لَهَا خُرَاسَانُ يَتْبَعُهُ أَقْوَامٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ»
ــ
قَوْلُهُ: (يُقَالُ لَهَا خُرَاسَانَ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ قَدْ جَاءَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ أَصْبَهَانَ (الْمَجَانُّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ جَمْعُ مِجَنٍّ بِكَسْرِ مِيمٍ وَفَتْحِ جِيمٍ وَتَشْدِيدِ نُونٍ وَهُوَ التُّرْسُ (الْمُطْرَقَةُ) بِالتَّخْفِيفِ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ الْإِطْرَاقِ وَرُوِيَ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَالتُّرْسُ الْمُطْرَقُ الَّذِي جُعِلَ عَلَى ظَهْرِهِ طِرَاقٌ وَالطِّرَاقُ بِالْكَسْرِ جِلْدٌ يُقْطَعُ عَلَى مِقْدَارِ التُّرْسِ فَيُلْصَقُ عَلَى ظَهْرِهِ شَبَّهَ وُجُوهَهُمْ بِالتُّرْسِ لِبَسْطِهَا وَتَدْوِيرِهَا وَبِالْمِطْرَقَةِ لِغِلَظِهَا وَكَثْرَةِ لَحْمِهَا.
4073 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ «مَا سَأَلَ أَحَدٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الدَّجَّالِ أَكْثَرَ مِمَّا سَأَلْتُهُ وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ أَشَدَّ سُؤَالًا مِنِّي فَقَالَ لِي مَا تَسْأَلُ عَنْهُ قُلْتُ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ مَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ قَالَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ»
ــ
قَوْلُهُ: (وَالشَّرَابُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا مَعَهُ) وَلَا يَكُونُ عِنْدَ أَحَدٍ غَيْرَهُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ وَهَذِهِ فِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِمَا أَشَدَّ حَاجَةٍ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ مِنْهُمَا عِنْدَ غَيْرِهِ فَبِالضَّرُورَةِ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ وَيَأْخُذُونَ بِقَوْلِهِ أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ أَنْ يَجْعَلَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ بِيَدِهِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ غَيْرُهُ شَيْئًا مِنْهُمَا.
4074 -
ــ
قَوْلُهُ: (فَمِنْ بَيْنَ قَائِمٍ وَجَالِسٍ) أَيْ: فَكَانَ النَّاسُ مِنْ
بَيْنَ هَذَيْنَ الْقِسْمَيْنِ (لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ) بَدَلَ مِنْ قَوْلِهِ: لِأَمْرٍ بِإِعَادَةِ الْجَارِ (مِنَ الْفَرَحِ وَقُرَّةِ الْعَيْنِ) سَيَعْلَمُ أَنَّ فَرَحَهُ كَانَ بِسَبَبِ أَمْنِ الْمَدِينَةِ مِنْ شَرِّ اللَّعِينِ (فِي قَوَارِبِ السَّفِينَةِ) مَعَ قَارِبٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ وَهِيَ سَفِينَةٌ صَغِيرَةٌ تَكُونُ مَعَ أَصْحَابِ السُّفُنِ الْكِبَارِ الْبَحْرِيَّةِ يَتَّخِذُونَهَا لِحَوَائِجِهِمْ قَوْلُهُ: (أَهْدَبُ) كَثِيرُ الْهُدْبِ أَوْ طَوِيلُهُ، وَالْهُدْبُ بِضَمَّتَيْنِ أَوْ سُكُونِ الثَّانِي شَعْرُ أَشَفْارِ الْعَيْنِ قَوْلُهُ:(الْجَسَّاسَةُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْأُولَى، قِيلَ: هِيَ تَجُسُّ الْأَخْبَارَ فَتَأْتِي بِهَا الدَّجَّالَ، قِيلَ: هِيَ الدَّابَّةُ الَّتِي تَخْرُجُ آخِرَ الزَّمَانِ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ (هَذَا الدَّيْرُ) ضُبِطَ بِفَتْحِ دَالٍ وَسُكُونِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتَ هُوَ خَانُ النَّصَارَى، وَفِي الْمَغْرِبِ صَوْمَعَةُ الرَّاهِبِ (رَمَقْتُمُوهُ) فِي الْقَامُوسِ رَمَقَهُ كَفَرِحَ غَشِيَهُ وَلَحِقَهُ، أَوْ دَنَا مِنْهُ (بِالْأَشْوَاقِ) جَمْعُ شَوْقٍ أَيْ مُلْتَبِسًا بِهَا (شَدِيدُ الْوَثَاقِ) بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ مَا يُوثَقُ بِهِ (نَاوَى قَوْمًا) أَيْ: عَادَاهُمْ (فَأَظْهَرَهُ) أَيْ: نَصَرَهُ (زُغَرُ) بِزَايٍ وَغَيْنٍ مُعْجَمَتَيْنِ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ هُوَ كَعُمَرُ فَلِذَلِكَ لَا يَنْصَرِفُ بَلْدَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِالشَّامِ (بَيْنَ عَمَّانَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ مَدِينَةٌ قَدِيمَةٌ بِالشَّامِ (يُطْعِمُ) بِضَمِّ الْيَاءِ، أَيْ: يُعْطِي (بُحَيْرَةُ طَبَرِيَّةَ) هُوَ تَصْغِيرُ بَحْرٍ وَطَبَرِيَّةُ بَلْدَةٌ بَنَاهَا بَعْضُ مُلُوكِ الرُّومِ وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا طَبَرَانِيٌّ وَلِطَبَرِسْتَانَ بِخُرَاسَانَ طَبَرِيٌّ كَذَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ
(تَدْفُقُ) تَدْفَعُ الْمَاءَ بِقُوَّةٍ وَسُرْعَةٍ مِنْ بَابِ نَصَرَ (جَنَبَتَاهَا) تَثْنِيَةُ الْجَنَبَةِ بِفَتْحَتَيْنِ الطَّرَفُ (فَزَفَرَ) فِي الصِّحَاحِ الزَّفْرُ أَوَّلُ صَوْتِ الْحِمَارِ وَالشَّهِيقُ آخِرُهُ؛ لِأَنَّ الزَّفِيرَ إِدْخَالُ النَّفَسِ وَالشَّهِيقَ إِخْرَاجُهُ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ (شَاهِرٌ) أَيْ: مُبْرِزٌ لَهُ.
4075 -
ــ
قَوْلُهُ: (سَمِعَ النَّوَّاسَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ (ابْنَ سَمْعَانَ) بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِهَا غَيْرُ مُنْصَرِفٍ قَوْلُهُ: (فَخَفَضَ فِيهِ وَرَفَعَ) الْمَشْهُورُ تَخْفِيفُ الْفَاءِ فِي خَفَضَ وَرَفَعَ وَرُوِيَ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ فِيهِمَا عَلَى التَّضْعِيفِ وَالتَّكْثِيرِ وَالْمَعْنَى، أَيْ: بَالَغَ فِي تَقْرِيبِهِ وَاسْتَعْمَلَ فِيهِ كُلَّ فَنٍّ مِنْ خَفْضٍ وَرَفْعٍ (حَتَّى ظَنَنَّاهُ) لِغَايَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي تَقْرِيبِهِ (أَنَّهُ فِي طَائِفَةٍ) مِنْ نَخْلِ الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ: أَيْ: حَقَّرَ أَمْرَهُ بِأَنَّهُ أَعْوَرُ وَأَهْوَنَهُ عَلَى اللَّهِ وَأَنَّهُ يَضْمَحِلُّ أَمْرُهُ وَعَظْمُهُ بِجَعْلِ الْخَوَارِقِ بِيَدِهِ، أَوْ خَفَّضَ صَوْتَهُ لَعَلَّهُ يُفِيدُ كَثْرَةَ التَّكَلُّمِ فِيهِ ثُمَّ رَفَعَهُ بَعْدَ الِاسْتِرَاحَةِ لِيَبْلُغَ كَلَامَهُ. قُلْتُ: وَالْمَعْنَيَانِ لَا يُنَاسِبُهُمَا الْغَايَةُ قَوْلُهُ: (أَخْوَفَنِي عَلَيْكُمْ) أَخْوَفُ اسْمُ تَفْضِيلٍ الْمَبْنِيُّ لِلْمَفْعُولِ وَأَصْلُهُ أَخْوَفُ مُخَوَّفَاتِي عَلَيْكُمْ، ثُمَّ حَذَفَ الْمُضَافَ إِلَى الْيَاءِ فَاتَّصَلَ بِهَا أَخْوَفُ، لَكِنْ جِيءَ بِالنُّونِ بَيْنَهُمَا تَشْبِيهًا بِالْفِعْلِ وَقَدْ جَاءَ مِثْلُهُ عَلَى قِلَّةٍ كَذَا قِيلَ:(إِنْ يَخْرُجْ) كَلِمَةُ إِنْ شَرْطِيَّةٌ، قِيلَ: قَالَهُ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ بِوَقْتِهِ، ثُمَّ عَلِمَ بِوَقْتِهِ وَأَنَّ عِيسَى يَقْتُلُهُ) وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ إِعْلَامَ النَّاسِ بِقُرْبِ خُرُوجِهِ (وَالْحَجِيجُ) الْغَالِبُ الْحُجَّةِ فَامْرُؤٌ مِنْ بَابِ عُمُومِ النَّكِرَةِ فِي الْإِثْبَاتِ مِثْلَ عَلِمَتْ نَفْسٌ وَتَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ فَلِذَلِكَ صَحَّ وُقُوعُهُ مُبْتَدَأً مَعَ كَوْنِهِ نَكِرَةً
(قَطَطٌ) بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ: شَدِيدُ جُعُودَةِ الشَّعْرِ (عَيْنُهُ قَائِمَةٌ) أَيْ: بَاقِيَةٌ فِي مَوْضِعِهَا صَحِيحَةٌ، وَإِنَّمَا ذَهَبَ نَظَرُهَا وَإِبْصَارُهَا (أَشْبَهَهُ) مِنَ التَّشْبِيهِ، أَيْ: أَرَاهُ شَبِيهًا (بِابْنِ قَطَنٍ) بِفَتْحَتَيْنِ (فَلْيَقْرَأْ) فِي نُسْخَةٍ عَلَيْهِ، أَيْ: لِأَجْلِ دَفْعِ ضَرَرِهِ (فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ) أَيْ: أَوَائِلَهَا وَقَدْ جَاءَ مِنْ أَوَاخِرِهَا فَالْوَجْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ وَالْكُلُّ أَفْضَلُ قَوْلُهُ: (مِنْ خَلَّةٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ طَرِيقٍ بَيْنَهُمَا رُوِيَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الْحُلُولِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قَدْ جَاءَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ خُرَاسَانَ وَمِنْ أَصْبَهَانَ وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّ مَبْدَأَ خُرُوجِهِ مِنْ خُرَاسَانَ مِنْ نَاحِيَةِ أَصْبَهَانَ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْحِجَازِ فِيمَا بَيْنَ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ (فَعَاثَ) مِنَ الْعَيْثِ وَهُوَ أَشَدُّ الْفَسَادِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ رُوِيَ بِفَتْحِ الثَّاءِ عَلَى أَنَّهُ فِعْلُ مَاضٍ وَبِكَسْرِهَا مُنَوَّنًا عَلَى أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ. قُلْتُ: عَلَى الْأَوَّلِ مِنَ الْعَيْثِ وَعَلَى الثَّانِي مِنَ الْعُثَى، أَوِ الْعُثُوِّ كُلٌّ بِمَعْنَى الْإِفْسَادِ.
(يَا عِبَادَ اللَّهِ اثْبُتُوا) قَالَ الْقَاضِي أَبُو بِكْرٍ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَثْبِيتًا لِلْخَلْقِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ اثْبُتُوا عَلَى الْإِسْلَامِ يُحَذِّرُهُمْ مِنْ فِتْنَتِهِ قَوْلُهُ:(وَمَا لَبِثَهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَتُضَمُّ، أَيْ: مِقْدَارَ مُكْثِهِ (اقْدُرُوا لَهُ) أَيِ: اقْدُرُوا لِلْيَوْمِ لِأَدَاءِ مَا فِيهِ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ قَدْرَ يَوْمٍ وَاحِدٍ وَحُدُّوا ذَلِكَ الْقَدْرَ فَصَلُّوا فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ (أَنْ تُمْطِرَ) مِنَ الْإِمْطَارِ (أَنْ تُنْبِتَ) مِنَ الْإِنْبَاتِ (وَتَرُوحُ) أَيْ: تَرْجِعُ آخِرَ النَّهَارِ (سَارِحَتُهُمْ) مَاشِيَتُهُمْ (أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًى) بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ ذُرْوَةٍ بِضَمٍّ، أَوْ كَسْرٍ وَهُوَ أَعْلَى سَنَامِ الْبَعِيرِ (فَيَرُدُّونَ) مِنَ الرَّدِّ، أَيْ: يَكْذِبُونَهُ
(فَيُصْبِحُونَ) مِنْ أَصْبَحَ (مُمْحِلِينَ) مُجْدِبِينَ (بِالْخَرِبَةِ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ، أَيِ: الْأَرْضِ الْخَرَابِ (كَيَعَاسِيبَ النَّحْلِ) أَيْ: كَمَا يَتْبَعُ النَّحْلُ الْيَعَاسِيبَ جَمْعُ يَعْسُوبٍ وَهُوَ كَبِيرُ النَّحْلِ وَلَا يُفَارِقُهُ النَّحْلُ (جِزْلَتَيْنِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الزَّايِ، أَيْ: قِطْعَتَيْنِ (رَمْيَةَ الْغَرَضِ) بِفَتْحِ غَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ الْهَدَفُ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ أَنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَ الْقِطْعَتَيْنِ يَكُونُ بِقَدْرِ رَمْيَةِ السَّهْمِ إِلَى الْهَدَفِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَصْفُ الضَّرْبَةِ، أَيْ: تُصِيبُهُ إِصَابَةَ رَمْيَةِ الْغَرَضِ (فَيُقْبِلُ) مِنَ الْإِقْبَالِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ إِحْيَاءُ الْمَوْتَى فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ وَجَاءَ هَذَا لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي النُّبُوَّةَ فَيَمْتَزِجُ الصَّادِقُ بِالْكَاذِبِ وَإِنَّمَا يَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ فَكُلَّمَا ظَهَرَ عَلَى يَدَيْهِ فَإِنَّهَا فِتْنَةٌ مُعَارِضَةٌ لِلدَّلَالَةِ الظَّاهِرَةِ الْيَقِينِيَّةِ (يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ) أَيْ: يَسْتَنِيرُ وَتَظْهَرُ عَلَيْهِ أَمَارَاتُ السُّرُورِ (عِنْدَ الْمَنَارَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ فِي مَوْضِعِ نُزُولِهِ قَالَ وَقَدْ وُجِدَتْ مَنَارَةٌ فِي زَمَانِنَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ مِنْ حِجَارَةٍ بِيضٍ، وَلَعَلَّ هَذَا يَكُونُ مِنْ دَلِيلِ النُّبُوَّةِ الظَّاهِرَةِ قَالَ السُّيُوطِيُّ: هُوَ مِنَ الدَّلَائِلِ بِلَا رَيْبَ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُوحِيَ إِلَيْهِ بِجَمِيعِ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ وَقَدْ رَوَيْتُ مَرَّةً الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ وَهُوَ قَوْلُهُ: (صلى الله عليه وسلم «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْعَثُ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ أَمْرَ دِينِهَا» فَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ أَنَّهُ اسْتَنْكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ مَا كَانَ التَّارِيخُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَقُولَ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ وَإِنَّمَا حَدَثَ التَّارِيخُ بَعْدَهُ فَقُلْتُ إِنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَلِمَ بِجَمِيعِ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ فَعَلَّقَ أُمُورًا كَثِيرَةً عَلَى مَا عَلِمَ أَنَّهُ سَيَحْدُثُ بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي وَقْتِهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ عِيسَى عليه السلام يَنْزِلُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَفِي رِوَايَةٍ بِمُعَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ السُّيُوطِيُّ: حَدِيثُ نُزُولِ عِيسَى بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ أَرْجَحُ وَلَا يُنَافِيهِ سَائِرُ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَهُوَ شَرْقِيِّ دِمَشْقَ وَهُوَ مُعَسْكَرُ الْمُسْلِمِينَ إِذْ ذَاكَ وَالْأُرْدُنُّ اسْمُ الْكُورَةِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ دَاخِلٌ فِيهِ فَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي
بَيْتِ الْمَقْدِسِ الْآنَ مَنَارَةٌ بَيْضَاءُ فَلَا بُدَّ أَنْ تَحْدُثَ قَبْلَ نُزُولِهِ.
قَوْلُهُ: (بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ) أَيْ: بَيْنَ حُلَّتَيْنِ شَبِيهَتَيْنِ بِالْمَصْبُوغِ بِالْهُرْدِ وَالْهُرْدُ بِالضَّمِّ بَيِّنٌ مَعْرُوفٌ، وَقِيلَ: الثَّوْبُ الْهَرَوِيُّ الَّذِي يُصْبَغُ بِالْوَرْسِ، ثُمَّ بِالزَّعْفَرَانِ قَوْلُهُ: وَوَاضِعٌ هَكَذَا بِصُورَةِ الْمَرْفُوعِ فِي نُسَخِ ابْنِ مَاجَهْ، وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَاضِعًا بِالنَّصْبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يُقْرَأَ بِالنَّصْبِ فَإِنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ كَثِيرًا مَا يَكُونُ الْمَنْصُوبُ بِصُورَةِ الْمَرْفُوعِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ خَبَرَ مَحْذُوفٍ، أَيْ: هُوَ وَاضِعٌ قَوْلُهُ: (جُمَانٌ) أَيْ: عِرْقٌ كَمَا فِي رِوَايَةٍ، وَإِلَّا فَالْجُمَانُ هُوَ اللُّؤْلُؤُ نَفْسُهُ فَلَا يَصِحُّ تَشْبِيهُهُ بِهِ (وَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ أَنْ يَجِدَ رِيحَ نَفَسِهِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ (إِلَّا مَاتَ) فِي النِّهَايَةِ هُوَ حَقٌّ وَاجِبٌ وَاقِعٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ} [الأنبياء: 95] أَيْ: حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهَا قَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ قَدْ جَاءَ أَنَّهُ يُقَاتِلُ الْمِلَلَ كُلَّهَا فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ يُقَاتِلُهُمْ بِنَفْسِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ مَنْ كَانَ مَعَ الدَّجَّالِ مَاتَ هَكَذَا وَغَيْرُهُمْ يَمُوتُ بِالسَّيْفِ (عِنْدَ بَابِ لُدٍّ) بِضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ اسْمُ جَبَلٍ، أَوْ قَرْيَةٍ بِالشَّامِ قَوْلُهُ:(لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ) أَيْ لَا قُوَّةَ وَلَا قُدْرَةَ وَلَا طَاقَةَ وَمَعْنَى التَّشْبِيهِ تَضْعِيفُ الْقُوَّةِ قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَفِي النِّهَايَةِ الْمُبَاشَرُ وَالدِّفَاعُ إِنَّمَا تَكُونُ بِالْيَدِ فَكَأَنَّ يَدَيْهِ مَعْدُومَتَانِ لِعَجْزِهِ عَنِ الدَّفْعِ قُلْتُ: وَكَأَنَّهُ تَعَالَى مَا أَرَادَ مَوْتَهُمْ بِرِيحِ نَفْسِ عِيسَى عليه السلام، وَإِلَّا لَمَا كَانَتْ حَاجَةٌ إِلَى قِتَالِهِمْ.
قَوْلُهُ: (فَأُحْرِزَ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الْإِحْرَازِ وَهُوَ الْجَمْعُ وَالضَّمُّ وَالْإِدْخَالُ فِي الْحِرْزِ قَوْلُهُ: (حَدَبٌ) أَيْ: مُرْتَفَعٌ مِنَ الْأَرْضِ (يَنْسِلُونَ) يُسْرِعُونَ (نَغَفٌ) بِفَتْحَتَيْنِ وَالْغَيْنُ مُعْجَمَةٌ وَآخِرُهُ فَاءٌ دُودٌ يَكُونُ
فِي أَنْفِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَاحِدُهُ نَغَفَةٌ (فَرْسَى) كَقَتْلَى لَفْظًا وَمَعْنًى جَمْعُ فَرَسٍ مِنْ فَرَسِ الذَّنْبِ (زُهْمُهُمْ) فِي الْقَامُوسِ الزُّهْمُ بِالضَّمِّ الرِّيحُ الْمُنْتِنَةُ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: هُوَ بِفَتْحِ الزَّايِ وَالْهَاءِ النَّتِنُ وَكَلَامُ الصِّحَاحِ أَمْيَلُ إِلَى مَا فِي الْقَامُوسِ وَكَذَا وَكَلَامُ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ قَوْلُهُ: (لَا يَكُنْ) أَيْ: لَا يَسْتُرُ وَلَا يَقِي (كَالزَّلَفَةِ) بِفَتْحَتَيْنِ وَآخِرُهُ فَاءٌ مَصَانِعُ الْمَاءِ وَقَدْ جَاءَ بِالْقَافِ (الْمُصَابَةِ) هُمُ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ مِنَ الْعَشَرَةِ إِلَى الْأَرْبَعِينَ وَلَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا (بِقِحْفِهَا) بِالْكَسْرِ، أَيْ: بِقِشْرِهَا وَأَصْلُهُ مَا فَوْقَ الدِّمَاغِ مِنَ الرَّأْسِ (فِي الرِّسْلِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ اللَّبَنُ (اللِّقْحَةُ) بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ النَّاقَةُ الْقَرِيبَةُ الْعَهْدِ بِالنِّتَاجِ (الْفِئَامُ) بِالْهَمْزَةِ كَكِتَابٍ الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ (الْفَخِذُ) هُوَ دُونَ الْقَبِيلَةِ وَفَوْقَ الْبَطْنِ (يَتَهَارَجُونَ) أَيْ: يَتَشَاجَرُونَ قَوْلُهُ: (وَحَذَّرْنَاهُ) مِنَ التَّحْذِيرِ.
4076 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَيُوقِدُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ قِسِيِّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَنُشَّابِهِمْ وَأَتْرِسَتِهِمْ سَبْعَ سِنِينَ»
ــ
قَوْلُهُ: (مِنْ قِسِيِّ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ جَمْعُ قَوْسٍ (وَنُشَّابِهِمْ) بِضَمِّ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ السِّهَامُ.
4077 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ رَافِعٍ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ السَّيْبَانِيِّ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ أَكْثَرُ خُطْبَتِهِ حَدِيثًا حَدَّثَنَاهُ عَنْ الدَّجَّالِ وَحَذَّرَنَاهُ فَكَانَ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ قَالَ إِنَّهُ لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ مُنْذُ ذَرَأَ اللَّهُ ذُرِّيَّةَ آدَمَ أَعْظَمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا إِلَّا حَذَّرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ وَأَنَا آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ وَأَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ وَهُوَ خَارِجٌ فِيكُمْ لَا مَحَالَةَ وَإِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْكُمْ فَأَنَا حَجِيجٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَإِنْ يَخْرُجْ مِنْ بَعْدِي فَكُلُّ امْرِئٍ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ خَلَّةٍ بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ فَيَعِيثُ يَمِينًا وَيَعِيثُ شِمَالًا يَا عِبَادَ اللَّهِ فَاثْبُتُوا فَإِنِّي سَأَصِفُهُ لَكُمْ صِفَةً لَمْ يَصِفْهَا إِيَّاهُ نَبِيٌّ قَبْلِي إِنَّهُ يَبْدَأُ فَيَقُولُ أَنَا نَبِيٌّ وَلَا نَبِيَّ بَعْدِي ثُمَّ يُثَنِّي فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ وَلَا تَرَوْنَ رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا وَإِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ أَوْ غَيْرِ كَاتِبٍ وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنَّ مَعَهُ جَنَّةً وَنَارًا فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ فَمَنْ ابْتُلِيَ بِنَارِهِ فَلْيَسْتَغِثْ بِاللَّهِ وَلْيَقْرَأْ فَوَاتِحَ الْكَهْفِ فَتَكُونَ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا كَمَا كَانَتْ النَّارُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَقُولَ لِأَعْرَابِيٍّ أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ لَكَ أَبَاكَ وَأُمَّكَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَبُّكَ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيَتَمَثَّلُ لَهُ شَيْطَانَانِ فِي صُورَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَقُولَانِ يَا بُنَيَّ اتَّبِعْهُ فَإِنَّهُ رَبُّكَ وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يُسَلَّطَ عَلَى نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَيَقْتُلَهَا وَيَنْشُرَهَا بِالْمِنْشَارِ حَتَّى يُلْقَى شِقَّتَيْنِ ثُمَّ يَقُولَ انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا فَإِنِّي أَبْعَثُهُ الْآنَ ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رَبًّا غَيْرِي فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ وَيَقُولُ لَهُ الْخَبِيثُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ رَبِّيَ اللَّهُ وَأَنْتَ عَدُوُّ اللَّهِ أَنْتَ الدَّجَّالُ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ بَعْدُ أَشَدَّ بَصِيرَةً بِكَ مِنِّي الْيَوْمَ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الطَّنَافِسِيُّ فَحَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيُّ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ الرَّجُلُ أَرْفَعُ أُمَّتِي دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ قَالَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَاللَّهِ مَا كُنَّا نُرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ إِلَّا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ قَالَ الْمُحَارِبِيُّ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَأْمُرَ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ فَتُمْطِرَ وَيَأْمُرَ الْأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ فَتُنْبِتَ وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَمُرَّ بِالْحَيِّ فَيُكَذِّبُونَهُ فَلَا تَبْقَى لَهُمْ سَائِمَةٌ إِلَّا هَلَكَتْ وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَمُرَّ بِالْحَيِّ فَيُصَدِّقُونَهُ فَيَأْمُرَ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ فَتُمْطِرَ وَيَأْمُرَ الْأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ فَتُنْبِتَ حَتَّى تَرُوحَ مَوَاشِيهِمْ مِنْ يَوْمِهِمْ ذَلِكَ أَسْمَنَ مَا كَانَتْ وَأَعْظَمَهُ وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ وَأَدَرَّهُ ضُرُوعًا وَإِنَّهُ لَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنْ الْأَرْضِ إِلَّا وَطِئَهُ وَظَهَرَ عَلَيْهِ إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ لَا يَأْتِيهِمَا مِنْ نَقْبٍ مِنْ نِقَابِهِمَا إِلَّا لَقِيَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِالسُّيُوفِ صَلْتَةً حَتَّى يَنْزِلَ عِنْدَ الظُّرَيْبِ الْأَحْمَرِ عِنْدَ مُنْقَطَعِ السَّبَخَةِ فَتَرْجُفُ الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ فَلَا يَبْقَى مُنَافِقٌ وَلَا مُنَافِقَةٌ إِلَّا خَرَجَ إِلَيْهِ فَتَنْفِي الْخَبَثَ مِنْهَا كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَيُدْعَى ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الْخَلَاصِ فَقَالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ بِنْتُ أَبِي الْعَكَرِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ قَالَ هُمْ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ وَجُلُّهُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَإِمَامُهُمْ رَجُلٌ صَالِحٌ فَبَيْنَمَا إِمَامُهُمْ قَدْ تَقَدَّمَ يُصَلِّي بِهِمْ الصُّبْحَ إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِمْ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ الصُّبْحَ فَرَجَعَ ذَلِكَ الْإِمَامُ يَنْكُصُ يَمْشِي الْقَهْقَرَى لِيَتَقَدَّمَ عِيسَى يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَيَضَعُ عِيسَى يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ تَقَدَّمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَكَ أُقِيمَتْ فَيُصَلِّي بِهِمْ إِمَامُهُمْ فَإِذَا انْصَرَفَ قَالَ عِيسَى عليه السلام افْتَحُوا الْبَابَ فَيُفْتَحُ وَوَرَاءَهُ الدَّجَّالُ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ يَهُودِيٍّ كُلُّهُمْ ذُو سَيْفٍ مُحَلًّى وَسَاجٍ فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ الدَّجَّالُ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ وَيَنْطَلِقُ هَارِبًا وَيَقُولُ عِيسَى عليه السلام إِنَّ لِي فِيكَ ضَرْبَةً لَنْ تَسْبِقَنِي بِهَا فَيُدْرِكُهُ عِنْدَ بَابِ اللُّدِّ الشَّرْقِيِّ فَيَقْتُلُهُ فَيَهْزِمُ اللَّهُ الْيَهُودَ فَلَا يَبْقَى شَيْءٌ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ يَتَوَارَى بِهِ يَهُودِيٌّ إِلَّا أَنْطَقَ اللَّهُ ذَلِكَ الشَّيْءَ لَا حَجَرَ وَلَا شَجَرَ وَلَا حَائِطَ وَلَا دَابَّةَ إِلَّا الْغَرْقَدَةَ فَإِنَّهَا مِنْ شَجَرِهِمْ لَا تَنْطِقُ إِلَّا قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ الْمُسْلِمَ هَذَا يَهُودِيٌّ فَتَعَالَ اقْتُلْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّ أَيَّامَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً السَّنَةُ كَنِصْفِ السَّنَةِ وَالسَّنَةُ كَالشَّهْرِ وَالشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ وَآخِرُ أَيَّامِهِ كَالشَّرَرَةِ يُصْبِحُ أَحَدُكُمْ عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ فَلَا يَبْلُغُ بَابَهَا الْآخَرَ حَتَّى يُمْسِيَ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ الْقِصَارِ قَالَ تَقْدُرُونَ فِيهَا الصَّلَاةَ كَمَا تَقْدُرُونَهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الطِّوَالِ ثُمَّ صَلُّوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَكُونُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام فِي أُمَّتِي حَكَمًا عَدْلًا وَإِمَامًا مُقْسِطًا يَدُقُّ الصَّلِيبَ وَيَذْبَحُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيَتْرُكُ الصَّدَقَةَ فَلَا يُسْعَى عَلَى شَاةٍ وَلَا بَعِيرٍ وَتُرْفَعُ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ وَتُنْزَعُ حُمَةُ كُلِّ ذَاتِ حُمَةٍ حَتَّى يُدْخِلَ الْوَلِيدُ يَدَهُ فِي فِي الْحَيَّةِ فَلَا تَضُرَّهُ وَتُفِرَّ الْوَلِيدَةُ الْأَسَدَ فَلَا يَضُرُّهَا وَيَكُونَ الذِّئْبُ فِي الْغَنَمِ كَأَنَّهُ كَلْبُهَا وَتُمْلَأُ الْأَرْضُ مِنْ السِّلْمِ كَمَا يُمْلَأُ الْإِنَاءُ مِنْ الْمَاءِ وَتَكُونُ الْكَلِمَةُ وَاحِدَةً فَلَا يُعْبَدُ إِلَّا اللَّهُ وَتَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا وَتُسْلَبُ قُرَيْشٌ مُلْكَهَا وَتَكُونُ الْأَرْضُ كَفَاثُورِ الْفِضَّةِ تُنْبِتُ نَبَاتَهَا بِعَهْدِ آدَمَ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّفَرُ عَلَى الْقِطْفِ مِنْ الْعِنَبِ فَيُشْبِعَهُمْ وَيَجْتَمِعَ النَّفَرُ عَلَى الرُّمَّانَةِ فَتُشْبِعَهُمْ وَيَكُونَ الثَّوْرُ بِكَذَا وَكَذَا مِنْ الْمَالِ وَتَكُونَ الْفَرَسُ بِالدُّرَيْهِمَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا يُرْخِصُ الْفَرَسَ قَالَ لَا تُرْكَبُ لِحَرْبٍ أَبَدًا قِيلَ لَهُ فَمَا يُغْلِي الثَّوْرَ قَالَ تُحْرَثُ الْأَرْضُ كُلُّهَا وَإِنَّ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ شِدَادٍ يُصِيبُ النَّاسَ فِيهَا جُوعٌ شَدِيدٌ يَأْمُرُ اللَّهُ السَّمَاءَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى أَنْ تَحْبِسَ ثُلُثَ مَطَرِهَا وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ فَتَحْبِسُ ثُلُثَ نَبَاتِهَا ثُمَّ يَأْمُرُ السَّمَاءَ فِي الثَّانِيَةِ فَتَحْبِسُ ثُلُثَيْ مَطَرِهَا وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ فَتَحْبِسُ ثُلُثَيْ نَبَاتِهَا ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ السَّمَاءَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ فَتَحْبِسُ مَطَرَهَا كُلَّهُ فَلَا تُقْطِرُ قَطْرَةً وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ فَتَحْبِسُ نَبَاتَهَا كُلَّهُ فَلَا تُنْبِتُ خَضْرَاءَ فَلَا تَبْقَى ذَاتُ ظِلْفٍ إِلَّا هَلَكَتْ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ قِيلَ فَمَا يُعِيشُ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ قَالَ التَّهْلِيلُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ وَيُجْرَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مُجْرَى الطَّعَامِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ سَمِعْت أَبَا الْحَسَنِ الطَّنَافِسِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيَّ يَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ هَذَا الْحَدِيثُ إِلَى الْمُؤَدِّبِ حَتَّى يُعَلِّمَهُ الصِّبْيَانَ فِي الْكُتَّابِ
ــ
قَوْلُهُ: (أَرْفَعُ أُمَّتِي) أَيِ: الَّذِينَ هُمُ الْمَوْجُودُونَ يَوْمَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ تَفْضِيلَهُمْ عَلَى الصَّحَابَةِ وَقَدْ جَاءَ أَنَّهُ الْخَضِرُ فَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ قَدْ صَحِبَ أَيْضًا فَلَا إِشْكَالَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، لَكِنْ يَلْزَمُ الْإِشْكَالَ عَلَى أَنَّ الصِّدِّيقَ أَفْضَلُ الْأُمَّةِ وَأَنَّ الْأَرْبَعَةَ أَفْضَلُ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ بَقِيَّةَ
الْعَشَرَةِ كَمَا ذُكِرُوا فِي الْكُتُبِ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ نَبِيٌّ فَيُرْفَعُ الْإِشْكَالُ بِحَذَافِيرِهِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ نَقْبٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ هُوَ الطَّرِيقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ (صَلْتَةً) أَيْ: مُجَرَّدَةَ الظَّرِيبِ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ الْجَبَلُ (الْخَبَثُ) بِفَتْحَتَيْنِ، أَوْ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ (رَجُلٌ صَالِحٌ) قَالَ السُّيُوطِيُّ: هُوَ الْمَهْدِيُّ (يَنْكُصُ) قَالَ السُّيُوطِيُّ: النُّكُوصُ الرُّجُوعُ إِلَى وَرَاءٍ وَهُوَ الْقَهْقَرَى قَوْلُهُ: (افْتَحُوا الْبَابَ) أَيْ: بَابَ الْمَسْجِدِ قَوْلُهُ: (وَسَاجٍ) قِيلَ: هُوَ الطَّيْلَسَانُ الْأَخْضَرُ (لَنْ تَسْبِقَنِي بِهَا) أَيْ: لَنْ تُفَوِّتَهَا عَلَيَّ (وَيَهْزِمُ) كَيَضْرِبُ، أَيْ: بِكَسْرِهِمْ (إِلَّا الْغَرْقَدَةُ) هِيَ ضَرْبٌ مِنْ شَجَرِ الْعِضَاهِ (كَالشَّرَرَةِ) فِي الصِّحَاحِ الشَّرَرُ أَيْ: بِفَتْحَتَيْنِ مَا يَتَطَايَرُ مِنَ النَّارِ وَالْوَاحِدَةُ شَرَرَةٌ.
4078 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا وَإِمَامًا عَدْلًا فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ»
ــ
قَوْلُهُ: (حَكَمًا) بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ:
حَاكِمًا بَيْنَ النَّاسِ بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم لَا نَبِيًّا مُرْسَلًا بِشَرِيعَةٍ أُخْرَى (مُقْسِطًا) أَيْ: عَادِلًا فِي الْحُكْمِ (يَدُقُّ الصَّلِيبَ) أَيْ: يَكْسِرُهُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْ جِنْسِ الصَّلِيبِ شَيْءٌ حَتَّى لَا يُعْبَدَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى لِمَا فِي بَعْضِ الرَّوِايَّاتِ وَتَكُونُ السَّجْدَةُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (وَيَذْبَحُ الْخِنْزِيرَ) أَيْ: يُحَرِّمُ أَكْلَهُ، أَوْ يَقْتُلَهُ بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ فِي الْأَرْضِ لِيَأْكُلَهُ أَحَدٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُبْطِلُ دِينَ النَّصَارَى (وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ) أَيْ: لَا يَقْبَلُهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْكَفَرَةِ، بَلْ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ مَرَّةً، وَهَذَا بَيَانٌ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ الْجِزْيَةَ فِي دِينِهِ إِلَى زَمَانِ عِيسَى لَا أَنَّ عِيسَى يَأْتِي بِنَسْخِهَا، وَقِيلَ: يَضَعُ عَلَى الْكَفَرَةِ كُلِّهِمُ الْجِزْيَةَ وَلَا يَتْرُكَ أَحَدًا بِلَا جِزْيَةٍ كَمَا هُوَ شَأْنُ سَائِرِ الْأُمَرَاءِ فَإِنَّهُمْ أَحْيَانًا يَتْرُكُونَهَا مُرَاعَاةً لِبَعْضٍ.
(وَيَتْرُكُ الصَّدَقَةَ) أَيِ الزَّكَاةَ لِكَثْرَةِ الْأَمْوَالِ، وَهَذَا مِثْلُ الْأَوَّلِ (فَلَا يُسْعَى) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ يَتْرُكَ زَكَاتَهَا فَلَا يَكُونُ لَهَا سَاعٍ قَوْلُهُ: حُمَةٌ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُخَفَّفِ الْمِيمِ قَوْلُهُ: (مِنَ السِّلْمِ) بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ اللَّامِ، أَيِ الصُّلْحِ (وَتُسْلَبُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (كَفَاثُورِ الْفِضَّةِ) الْفَاثُورُ بِفَاءٍ وَمُثَلَّثَةٍ الْخُوَانُ وَقِيلَ: هُوَ طَسْتٌ، أَوْ جَامٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ.
4079 -
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ تُفْتَحُ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ فَيَخْرُجُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96] فَيَعُمُّونَ الْأَرْضَ وَيَنْحَازُ مِنْهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى تَصِيرَ بَقِيَّةُ الْمُسْلِمِينَ فِي مَدَائِنِهِمْ وَحُصُونِهِمْ وَيَضُمُّونَ إِلَيْهِمْ مَوَاشِيَهُمْ حَتَّى أَنَّهُمْ لَيَمُرُّونَ بِالنَّهَرِ فَيَشْرَبُونَهُ حَتَّى مَا يَذَرُونَ فِيهِ شَيْئًا فَيَمُرُّ آخِرُهُمْ عَلَى أَثَرِهِمْ فَيَقُولُ قَائِلُهُمْ لَقَدْ كَانَ بِهَذَا الْمَكَانِ مَرَّةً مَاءٌ وَيَظْهَرُونَ عَلَى الْأَرْضِ فَيَقُولُ قَائِلُهُمْ هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْأَرْضِ قَدْ فَرَغْنَا مِنْهُمْ وَلَنُنَازِلَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَهُزُّ حَرْبَتَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَتَرْجِعُ مُخَضَّبَةً بِالدَّمِ فَيَقُولُونَ قَدْ قَتَلْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ دَوَابَّ كَنَغَفِ الْجَرَادِ فَتَأْخُذُ بِأَعْنَاقِهِمْ فَيَمُوتُونَ مَوْتَ الْجَرَادِ يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَيُصْبِحُ الْمُسْلِمُونَ لَا يَسْمَعُونَ لَهُمْ حِسًّا فَيَقُولُونَ مَنْ رَجُلٌ يَشْرِي نَفْسَهُ وَيَنْظُرُ مَا فَعَلُوا فَيَنْزِلُ مِنْهُمْ رَجُلٌ قَدْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ يَقْتُلُوهُ فَيَجِدُهُمْ مَوْتَى فَيُنَادِيهِمْ أَلَا أَبْشِرُوا فَقَدْ هَلَكَ عَدُوُّكُمْ فَيَخْرُجُ النَّاسُ وَيَخْلُونَ سَبِيلَ مَوَاشِيهِمْ فَمَا يَكُونُ لَهُمْ رَعْيٌ إِلَّا لُحُومُهُمْ فَتَشْكَرُ عَلَيْهَا كَأَحْسَنِ مَا شَكِرَتْ مِنْ نَبَاتٍ أَصَابَتْهُ قَطُّ»
ــ
قَوْلُهُ: (مِنْ كُلِّ حَدَبٍ) مُرْتَفَعٍ مِنَ الْأَرْضِ (يَنْسِلُونَ) يُسْرِعُونَ (فَيَعُمُّونَ) مِنَ الْعُمُومِ (وَيَنْحَازُ) يُقَالُ انْحَازَ الْقَوْمُ تَرَكُوا مَرْكَزَهُمْ إِلَى آخِرِهِمْ (لَنُنَازِلَنَّ) التَّنَازُلُ كَالتَّقَاتُلِ هُوَ التَّضَارُبُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ وَهُوَ النُّزُولُ عَنِ الرَّاكِبِ أَيْ لَنُحَارِبَنَّ قَوْلُهُ: (فَتَشْكَرُ) بِفَتْحِ الْكَافِ، أَيْ: تَسْمَنُ وَتَمْتَلِئُ شَحْمًا (شَكِرَتْ) بِكَسْرِ الْكَافِ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ
رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
4080 -
حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَحْفِرُونَ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ ارْجِعُوا فَسَنَحْفِرُهُ غَدًا فَيُعِيدُهُ اللَّهُ أَشَدَّ مَا كَانَ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ وَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ عَلَى النَّاسِ حَفَرُوا حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاسْتَثْنَوْا فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ فَيَحْفِرُونَهُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ فَيُنْشِفُونَ الْمَاءَ وَيَتَحَصَّنُ النَّاسُ مِنْهُمْ فِي حُصُونِهِمْ فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فَتَرْجِعُ عَلَيْهَا الدَّمُ الَّذِي اجْفَظَّ فَيَقُولُونَ قَهَرْنَا أَهْلَ الْأَرْضِ وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ فَيَبْعَثُ اللَّهُ نَغَفًا فِي أَقْفَائِهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ بِهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ دَوَابَّ الْأَرْضِ لَتَسْمَنُ وَتَشْكَرُ شَكَرًا مِنْ لُحُومِهِمْ»
ــ
قَوْلُهُ: (فَيُنَشِّفُونَ الْمَاءَ) مِنْ نَشِفَ كَعَلِمَ، أَيْ: يَنْزَحُونَهُ (الَّذِي أَحْفَظُ) لَعَلَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي بِتَقْدِيرِ هَذَا الَّذِي أَحْفَظُهُ قَوْلُهُ: (شَكَرًا) بِفَتْحَتَيْنِ.
4081 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ حَدَّثَنِي جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ عَنْ مُؤْثِرِ بْنِ عَفَازَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «لَمَّا كَانَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى فَتَذَاكَرُوا السَّاعَةَ فَبَدَءُوا بِإِبْرَاهِيمَ فَسَأَلُوهُ عَنْهَا فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهَا عِلْمٌ ثُمَّ سَأَلُوا مُوسَى فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهَا عِلْمٌ فَرُدَّ الْحَدِيثُ إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَقَالَ قَدْ عُهِدَ إِلَيَّ فِيمَا دُونَ وَجْبَتِهَا فَأَمَّا وَجْبَتُهَا فَلَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ فَذَكَرَ خُرُوجَ الدَّجَّالِ قَالَ فَأَنْزِلُ فَأَقْتُلُهُ فَيَرْجِعُ النَّاسُ إِلَى بِلَادِهِمْ فَيَسْتَقْبِلُهُمْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ فَلَا يَمُرُّونَ بِمَاءٍ إِلَّا شَرِبُوهُ وَلَا بِشَيْءٍ إِلَّا أَفْسَدُوهُ فَيَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ فَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُمِيتَهُمْ فَتَنْتُنُ الْأَرْضُ مِنْ رِيحِهِمْ فَيَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ فَأَدْعُو اللَّهَ فَيُرْسِلُ السَّمَاءَ بِالْمَاءِ فَيَحْمِلُهُمْ فَيُلْقِيهِمْ فِي الْبَحْرِ ثُمَّ تُنْسَفُ الْجِبَالُ وَتُمَدُّ الْأَرْضُ مَدَّ الْأَدِيمِ فَعُهِدَ إِلَيَّ مَتَى كَانَ ذَلِكَ كَانَتْ السَّاعَةُ مِنْ النَّاسِ كَالْحَامِلِ الَّتِي لَا يَدْرِي أَهْلُهَا مَتَى تَفْجَؤُهُمْ بِوِلَادَتِهَا» قَالَ الْعَوَّامُ وَوُجِدَ تَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96]
ــ
قَوْلُهُ: (وَجْبَتُهَا) أَيْ: قِيَامُهَا (فَيَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ) الْجُؤَارُ رَفْعُ الصَّوْتِ وَالِاسْتِغَاثَةُ (ثُمَّ تَنْسِفُ) كَيَضْرِبُ، أَيْ: يُفَتِّتُهَا، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَمُؤْثِرُ بْنُ عَفَارَةَ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: هَذَا صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.