الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد وقع البيت الشاهد في كتب النحو محرفاً، ولم يشرحه أحد على وجه الصواب، ولله الحمد على هذه النعمة وغيرها.
وترجمة جرير تقدمت في الإنشاد الحادي عشر.
وأنشد بعده:
وإني لرام نظرة قبل التي
…
البيت
وتقدم شرحه في الإنشاد الواحد والعشرين بعد الستمائة.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثلاثون بعد الستمائة:
(630)
كأن وقد أتى حول كميل
…
أثافيها حمامات مثول
على أن جملة: "وقد أتى حول كميل" معترضة بين "كأن" واسمها، قال أبو علي في "التذكرة": لا يجوز: إن -وقولي حق- زيداً قائم، لأن "إن" لما لم تغير الكلام صار حرف العطف كأنه مبدوء به، ألا تراك تقول: إن زياداً قائم وعمرو! ولا يجوز ذلك في كان. فإن قلت: لم لا أقول: إن زيداً وعمرو قائمان، وأحمل عمراً على الموضع؟ فالجواب: إن الموضع لم يحصل بعد، وإنما يحصل الموضع للمبتدأ إذا انضم إليه الخبر، وإنما جاز الاعتراض في "كأن" كما جاز بين الفعل والفاعل، لأنها تغير معنى الابتداء، بخلاف إن، قال:
لا هل أتاها والحوادث جمة
…
بأن امرأ القيس بن تملك بيقرا
انتهى. أراد أن الباء زائدة في الفاعل. وبيقر معناه: نزل في الحضر، وترك قومه
بالبادية، وقيل: خرج إل حيث لا يدرى. وقول المصنف: ويمكن أن تكون هذه الجملة حالية .. إلخ، هذا قول ابن جني، فإنه لم يرض بجعلها اعتراضية، قال في باب الاعتراض من "الخصائص": هذا البيت لا اعتراض فيه، وذلك أن الاعتراض لا موضع له من الإعراب، ولا يعمل فيه شيء من الكلام المعترض به بين بعضه وبعض على ما تقدم. فأما قوله:"وقد أتى حول جديد" فذو موضع من الإعراب، وموضعه النصب بما في كأن من معنى التشبيه، ألا ترى أن معناه: أشبهت، وقد أتى حول جديد حمامات مثولاً، أو: أشبهها –وقد مضى حول جديد- بحمامات مثول، أي: أشبهها في هذا الوقت، وعلى هذه الحال بكذا. انتهى كلامه.
وقد أنشد أبو زيد هذا البيت في أواخر "نوادره" ثالث أبيات لأبي الغول الطهوي، وهي:
أما تنفك تركبني بلومى
…
لهجت بها كما لهج الفصيل
أتنسى –لا هداك الله- سلمى
…
وعهد شبابها الحسن الجميل
كأن وقد أتى حول جديد
…
أثافيها حمامات مثول
لومى: فعلى، من اللوم، مثل: عطشى. انتهى. يريد أنه مصدر أنث بالألف المقصورة، وقد جاء تأنيثه بالألف الممدودة أيضاً، قال أبو العيال الهذلي:
ينأى بجانبه ويزعم أنه
…
ناج من اللوماء غير ظنين
ويقال: لهج بالشيء لهو لهج ولهوج وألهج فهو ملهج: إذا تولع به واعتاده، ولهج الفصيل بأمه: إذا تناول ضرعها يمتصه ولزمه، والفصيل: المفصول عن الرضاع من أولاد النوق، والجمع فصال، لأنه وإن كان اسماً، فقد جرى مجرى الصفة حيث قالوا في الأنثى: فصيلة: كظريف وظريفة، قدروا في الانفصال عن الأم، يخاطب بذلك من يلومه، وضرب الركوب مثلاً للغلبة والقهر، أي: ما تنفك تعلوني بملامك، وتقهرني بكلامك، وجملة:"لا هداك الله" دعاء على لائمه، وهي معترضة بين تنسى ومفعوله، وجملة:"وعهد شبابها الحسن الجميل" المبتدأ والخبر حال من سلمى، والأثافي: جمع أثفية، وهي الأحجار التي تنصب عليها القدر فتسود من النار والدخان، شبهها بالحمامات القائمة على رجلها، وقد مر عليها حول بعد ارتحال سلمى من ذلك المكان.
وفي جميع النسخ: "حول جديد" والثابت هنا: "حول كميل" أي: كامل، والمثول: جمع ماثلة، وهي المنتصبة، يقال: مثلت بين يديه مثولاً، من باب قعد، أي انتصبت قائماً، وجاء من باب كرم أيضاً.
وأبو الغول الطهوري: نسبة إلى طهية، قال الآمدي في "المؤتلف والمختلف": هو من قوم من بني طهية يقال لهم: بنو عبد شمس بن أبي سود، وكان يكنى أبا البلاد وقيل له: أبو الغول، لأنه فيما زعم رأى غولاً، فقتلها. انتهى. ولم أقف على كونه جاهلياً أو إسلامياً. وأما الغول النهشلي، فهو شاعر إسلامي في الدولة المروانية.
وأنشد بعده:
كأن قلوب الطير رطباً ويابساً
…
لدى وكرها والعناب والحشف البالي
على أن رطباً ويابساً حال من اسم كأن، والعامل كأن، وأراد تشبيه البيت