الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخمسون بعد الخمسمائة:
(550)
ما زال مذ عقدت يداه إزاره
تمامه:
فسما فأدرك خمسة الأشبار
على أن "مذ" اسم وليها الجملة الفعلية. والبيت من قصيدة للفرزدق يمدح بها يزيد بن المهلب، وقبله:
لأمدحن بني المهلب مدحة
…
غراء ظاهرة على الأشعار
مثل النجوم إمامها قمر لها
…
يجلو الدجى ويضيء ليل الساري
ورثوا الطعان عن المهلب والقرى
…
وخلائقاً كتدفق الأنهار
إلى أن قال:
أما يزيد فإنه تأبى له
…
نفس موطنة على المقدار
ورادة شعب المنية بالقنا
…
فتدر كل معاند نعار
[وإذا النفوس جشأن طامن جأشها
…
ثقة به لحماية الأدبار
ملك عليه مهابة الملك التقى
…
قمر التمام به وشمس نهار]
وإذا الرجال مذ عقدت يداه إزاره
…
وسما فأدرك خمسة الأشبار
قوله: تأبي له نفس، أي، القعود عن الحرب. وقوله: موطنة على المقدار، أي: تقول نفسه عند افتتاح المهالك: لا يصيبني إلا ما قدر الله، والمقدار بمعنى القدر، وورادة مبالغة وارد: صفة نفس، وشعب: مفعول ورادة بمعنى فروع المنية،
وأنواعها مستعار من الشعب التي هي أغصان الشجرة جمع شهبة، وفاعل تدر: ضمير القنا، من أدرت الريح السحاب واستدرته، أي: استحلبته، و"كل": مفعوله، والمعاند: العرق الذي يسيل ولا يرقأ، ويقال له: عاند أيضاً، وفعله من باب نصر، والنعار: من نعر العرق ينعر، بالفتح فيهما، أي: فار منه الدم، وجشأت نفس فلان: إذا ارتفعت من حزن أو فزع، وجأش القلب: رواعه إذا اضطربت عند الفزع، يقال: فلان رابط الجأش، أي: يربط نفسه عن الفرار لشجاعته، وطامن: مقولب طمأن، بالهمز بمعنى سكن، وثقة: فاعله، والتقى: فعل ماض، وقمر التمام فاعله، والتمام، بفتح التاء وكسرها، إذا تم ليلة البدر، وأما ليل التمام فمكسور لا غير، وهو أطول ليلة في السنة، وخضع الرقاب: حال من مفعول رأيتهم، وخضع، بضمتين جمع خضوع: مبالغة خاضع من الخضوع وهو التطامن والتواضع، وهو قريب من الخشوع، إلا أن الخشوع أكثر ما يكون في الصوت والخضوع في الرقاب، ونواكس، جمع ناكس، وروي "نواكسي" على أن جمع التكسير جمع جمع سلامة، وقد تكلمنا بما لا مزيد عليه في الشاهد الثلاثين من شواهد الرضي، وقوله: فسما فأدرك إلى آخره، سما: ارتفع وشب، وأدرك: بلغ، وقوله: خمسة أشبار، أراد طول خمسة أشبار بشبر الرجال، وهي ثلثا قامة الرجل، وينسب إليها، ويقال: غلام خماسي، يراد قد أيفع، قاله ابن دريد، وفي "الصحاح" و"العباب" غلام رباعي وخماسي، أي: طوله أربعة أشبار وخمسة أشبار، ولا يقال: سداسي ولا سباعي، لأنه إذا بلغ ستة أشبار أو سبعة أشبار، صار رجلاً، والغلام إذا بلغ خمسة أشبار عندهم تخيلوا فيه الخير والشر، ولهذا قال بعض العرب، أيما غلام بلغ خمسة أشبار، فاتهمته قتلته، وقد قيل في هذا غير ما قلنا، وجمعنا كلام الناس فيه في شرح ذلك الشاهد من شواهد الرضي.