الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قفي فادي أسيرك إن قومي
…
وقومك لا أرى لهم اجتماعا
وكيف تجامع مع ما استحلا
…
من الحرم الكبار وما أضاعا
ألم يحزنك أن حبال قيس
…
وتغلب قد تباينت انقطاعا
يطيعون الغواة وكان شراً
…
لمؤتمر الغواية أن يطاعا
ألم يحزنك أن ابني نزار
…
أسالا من دمائهم التلاعا
وفيها شواهد أخر أوردناها في شواهد الرضى.
وقوله: قفي فادي إلى آخره .. خطاب لضباعة بنت زفر الممدوح، لأنه كان عند والدها أسيراً له، والمفاداة: أخذ الفدية من الأسير وإطلاقه، وحرف الدماميني هذه الكلمة: ب "داري" من المداراة، وفسرها بقوله: لايني واخفضي جناحك. والحبال: المواصلة والعهود التي كانت بين قيس وتغلب، وتباينت: تفرقت، روي أن ضباعة لما سمعت قوله: ألم يحزنك .. إلى آخره، قالت: بلى والله لقد حزنني: وحزنه، وأحزنه لغتان، والمؤتمر: الذي يرى الغواية رأياً، ويأمر بها نفسه، وابنا نزار: ربيعة ومضر. والتلعة: مسيل من الارتفاع إلى بطن الوادي، ولما لم يقف الدماميني على منشأ القصيدة وأصلها، قال: أراد أسيرك: محبك الذي أسرته بمحبتك، هذا الظاهر، ويحتمل أن يكون أراد أسير أبيك، فإن أباها زفر كان قد أسره، ثم من عليه فأطلقه وأعطاه مائة من الإبل. انتهى كلامه. وقلده ابن الملا، ونقل هذا الكلام، وكلا الاحتمالين خلاف الواقع. وترجمة القطامي تقدمت في الإنشاد الثامن والخمسين بعد المائتين.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والتسعون بعد الستمائة:
(692)
يكون مزاجها عسل وماء
صدره:
كأن سبيئة من بيت رأس
لما تقدم قبله، فمزاجها بالنصب: خبر يكون، وعسل: اسمها، وهذا جائز عند المحقق الرضي، واستشهد به الجواز الإخبار عن النكرة بالمعرفة في بابي " إن وكان".
قال الزمخشري في شرح شواهد سيبوية: وإنما جاز هذا، لأن العسل والماء من الأجناس يؤدي نكرته على معرفته في المعنى لا فرق بين شربت ماء وشربت عسلاً. انتهى. وسبقه ابن جني إلى هذا التوجيه في "المحتسب" ونقله عمن قبله، وتبعه ابن السيد في "أبيات المعاني" واللخمي في شرح أبيات "الجمل" وغيرهم، وقد نقلنا الجميع فيما بعد الشاهد الواحد والأربعين بعد السبعمائة من شواهد الرضي. وحكم المصنف هنا بأنه من باب ضرورة الشعر، وفي الباب الثامن بأنه من باب القلب، وهذا أيضاً من الضرورة، وأوردهما ابن عصفور في كتاب "الضرائر" وروي برفع مزاجها أيضاً، واختلف في التوجيه أيضاً، فنقل الرضي عن أبي البقاء بأنه حكم على أن يكون بالزيادة، فتكون الجملة في موضع نصب صفة ثانية ل "سبيئة" أو حال منها، وتبعه ابن الناظم في شرح الألفية، فحكم بزيادتها في قولها:
أنت تكون ماجد نبيل
فماجد خبر أنت، وارتضاه المصنف في شرح أبياته، وأنكر زيادتها بلفظ المضارع هنا، فحكم بضمير الشأن في تكون، وجعل جملة:"مزاجها عسل وماء" خبرها، وحرجه اللخمي: على أن اسم "تكون" ضمير سبيئة، وجملة:"مزاجها عسل وماء" خبرها، قال: ويجوز ان يكون خبرها قوله: من بيت رأس، وجملة تكون من بيت رأس: صفة لسبيئة، وجملة مزاجها عسل وماء: صفة ثانية لسبيئة، وعلى هذين الوجهين يقال: تكون بالمثناة الفوقية، وكذا خرجه ابن السيد في "أبيات المعاني" والسبيئة بالهمزة ككريمة: الخمر، قال صاحب "القاموس": سبأ الخمر كجعل سبئاً وسباء ومسبئاً: شراها كاستبأها، وبياعها السباء. والسبيئة ككريمةك الخمر. انتهى. وبيت رأس: قرية. قال ابن السيد فيما كتبه على كامل المبرد، قال عبيد الله بن عبد الله بن خرداذبة: بيت رأس: اسم قرية بالشام من ناحية الأردن، كانت الخمور تباع فيها، وفيها ماتت حبابة جارية يزيد بن عبد الملك، فمات يزيد بعد بضع سنين جزعاً عليها. انتهى. وقيل: بيت: موضع الخمر، ورأس: اسم للخمار، وقصد إلى بيت الخمار، لأن خمرة أطيب الخمر، وقيل: الرأس هنا بمعنى الرئيس، أي: من بيت رئيس، قال اللخمي: وهذا أحسن الأقوال، لأن الرؤساء إنما تشرب الخمر ممزوجة، وإنما اشترط أن يمزجها، لأنها خمرة شامية صليبة، فإن لم تمزج، قتلت شاربها وخص العسل والماء، لأن العسل أحلى ما يخالطها، وأنه يذهب بمرارتها. وأما الماء، فيبردها ويلينها، وإنما يشربها الرؤساء والملوك ممزوجة كراهية أن تخرجهم عن عقولهم، ألا ترى إلى قول عدي بن زيد:
رب ركب قد أناخوا حولنا
…
يشربون الخمر بالماء الزلال
وقد عابت على جزيمة الأبرش أخته شرب الخمر صرفاً لأمر لحقها من ذلك، فقالت له:
ذاك من شربك المدامة صرفاً
…
وتماديك في الصبا والمجون