الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعلت الثانية على القياس، فصار: أياة كحياة، ثم قدمت اللام إلى موضع العين، فصار آية ووزنها فلعة.
والأعشى تقدمت ترجمته في الإنشاد التاسع عشر بعد المائة.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والستون بعد الستمائة:
(661)
بآية ما كانوا ضعافاً ولا عزلا
على أن "آية" مضافة إلى الجملة الفعلية المنفية. قال الدماميني: يمكن أن يدعى أن ما مصدرية، ولا النافية محذوفة لدلالة ما بعدها عليها، والمعنى: بأية كونهم لا ضعافاً ولا عزلاً. انتهى. وتكلفه ظاهر لعدم تبادر الذهن إليه، وهذا عجز وصدره:
ألكني إلى قومي السلام رسالة
وبعده:
ولا سيئي زي إذا ما تلبسوا
…
إلى حاجة يوماً مخيسة بزلا
وأنشدهما سيبويه في باب "الصفة المشبهة" ونسبهما إلى عمرو بن شأس قال: واعلم أن كينونة الألف واللام في الاسم الآخر أحسن وأكثر من أن لا يكون فيه الألف واللام، لأن الأول في الألف واللام، وفي غيرها ههنا على حال واحدة، وليس كالفاعل، فكان إدخالهما أحسن، كما كان ترك التنوين أكثر، وكان الألف واللام أولى، لأن معناه حسن وجهه، فكما لا يكون هذا -يعني وجهه- إلا معرفة، اختاروا في ذلك المعرفة، والأخرى عربية، كما أن التنوين عربي مطرد، ومن ذلك قوله: هو حديث عهد بالوجع، وقال عمرو بن شأس:
ألكني إلى قومي السلام رسالة .. البيتين.
وقال حميد الأرقط:
لاحق بطن بقراً سمين
انتهى.
قال الأعلم: الشاهد في إضافة "سيئي" إلى "زي" وهو نكرة، وصف أنه تغرب عن قومه بني أسد، فحمل رجلاً إليهم السلام، وجعل آية كونه منهم معرفته بهم ما وصفهم به من القوة على العدو، ووفادتهم على الملوك بأحسن الزي، ومعنى ألكني: بلغ عني، وكن رسولي، وهو من الألوكة، وهي الرسالة، والعزل: الذين لا سلاح معهم، واحدهم: أعزل، ومعنى: تلبسوا: ركبوا، ويروى:"ترحلوا" والمخيسة: المذللة بالركوب، يعني: الرواحل، والبزل: المسنة، واحدها بازل، وهو جمع غريب. انتهى.
وقال ابن خلف: الشاهد في تنكير "زي" وترك إدخال الألف واللام عليه، وهذا على من قال: مررت برجل حسن وجهه، ومن قال: بحسن الوجه، قال: سيئ الزي، ومن قال: الحسن الوجه، قال: بسيء الزي، ومن قال: بحسن وجهاً، قال: سيئين زياً، وصف أنه تغرب عن قومه بني أسد، فحمل رجلاً منهم السلام، وجعل آية كونه منهم معرفته بهم بما وصفهم به من القوة على العدو، ووفادتهم على الملوك بأحسن الزي. وقوله: ألكني: بلغهم رسالتي، والألوكة: الرسالة قال لبيد:
وغلام أرسلته أمه
…
بألوك فبذلنا ما سأل
ويقال: ألوكة أيضاً، وأراد ألئكني، فخفف الهمزة، وليس قولهم: ألكني
من لفظ الألوكة، وفيه قلب، ورسالة: بدل من السلام، كأنه قال: ألكني إلى قومي رسالة، والآية: العلامة، وما: جحد، والعزل: جمع أعزل، وهو الذي ليس معهم السلاح، وسيئي: منصوب معطوف على ما تقدم. وقوله: تلبسوا، يريد به لبسوا ثيابهم، وإلى حاجة: متعلق به، والمخيسة: المذلله من الإبل، والمحبوسة، ونصب مخيسة بإضمار فعل، كأنه قال: إذا ما تلبسوا وركبوا مخيسة بزلاً، ويجوز أن ينصب بـ "تلبسوا"، ويكون تقديره: إذا لبسوا يوماً مخيسة، يريد: شدوا عليها الرحال وزينوها، ويكون مثل قولهم: بينت الشيء وتبينته: إذا استبنته في معنى واحد، والبزل: جمع بازل وهو جمع غريب، وهو الذي مضت له تسع سنين، ودخل في العاشرة، والذي وقع في شعره:
إلكني إلى قومي السلام ورحمة الإله فما كانوا ضعافاً ولا عزلاً
ولا سيئي زي إذا ما تلبسوا
…
لبعض الهوى أدما مخيسة بزلا
انتهى كلام ابن خلف.
وقال المصنف: ينبغي أن يكون ألكني على حذف الجار، أي: ألك عني، والزي، بالكسر: اللباس والهيئة.
والشاعر هو: عمرو بن شأس، بن عبيد بن ثعلبة الأسدي، وعمرو له صحبة، وشهد القادسية، وله فيها أشعار، قال ابن الأعرابي: عمرو بن شأس الأسدي أدرك الإسلام وهو شيخ كبير، وكان له ابن يسمى عراراً –بمهملات- من أمة له سوداء، وكانت له امرأة تعير عراراً بسواده، وتشتمه وتؤذيه، وجهد عمرو أن يصلح بينهما، فلم يقدر، وجعل الشر يزيد بينهما، فقال لها: يا أم حسان أرى تحاملك على ابني عرار، وتعييرك له بالسواد! فكفي عنه، فلم تقبل، فطلقها، وقال قصيدة منها:
أرادت عراراً بالهون ومن يرد
…
عرارا لعمري بالهوان لقد ظلم
فإن عرارا إن يكن غير واضح
…
فإني أحب الجون ذا المنكب العمم
فإن كنت مني أو تريدين صحبتي
…
فكوني له كالسمن ربت به الأدم
وإلا فبيني مثل ما بان راكب
…
تيمم خمساً ليس في سيره أمم
قال ابن الأعرابي: هذه القصيدة قالها في الإسلام، ثم إنه بعدما طلقها، ندم وقال فيها أشعارً. قال ابن سلام الجمحي: لما قتل الحجاج عبد الرحمن بن الأشعث بعث برأسه مع عرار بن عمرو إلى عبد الملك بن مروان، فكان كلما سأله عن أمر يخبره بأحسن جواب، وأعذب بيان، فتجب عبد الملك من فصاحته وفطنته مع سواده، وقال متمثلاً:
وإن عراراً إن يكن غير واضح .. البيت.
فضحك عرار، فقال عبد الملك: ما هذا الضحك؟ فقال عرار: أتعرف يا أمير المؤمنين عراراً؟ فقال: لا، قال: أنا والله عرار الذي قيل فيه هذا الشعر، فضحك عبد الملك وتعجب من هذا الاتفاق، وأحسن جائزته.