الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: ويوم دخلت الخدر .. إلى آخره، معطوف أيضاً على يوم، ولا سيما يوم، لكنه بني لإضافته إلى الفعل، والخدر، بالكسر، قال الأزهري: هو خشبات تنصب للجارية فوق قتب البعير مستورة بثوب، فهو الهودج الخدر، وخدر عنيزة بدل منه، يريد، أنه بعد أن عقر بعيره للنساء في "دار جلجل" ركب مع عنيزة على جملها، فكان يميل إلى هودجها، فيقبلها ويلاعبها، فقالت: لك الويلات، وفيه قولان، أحدهما، أنه دعاء عليه: إذا كانت تخاف أن يعقر بعيرها. والثاني: أنه غير مقصود بظاهره كقولهم: قاتله الله ما أشعره! ومرجلي: اسم فاعل من أرجله إذا صيره راجلاً، أي: ماشياً ليس له دابة، وقوله: تقول إذا مال الغبيط، بالغين المعجمة: قتب الهودج، وعقرت هنا بمعنى جرحت ظهره.
وقوله: فقلت لها سيري: أمر بالسير، وجناها: ما اجتنى منها من القبل، والمعلل: اسم فاعل من التعليل مصدر علله، أي: ألهاه، وأشغله بلذة.
وترجمة امرئ القيس تقدمت في الإنشاد الرابع من أول الكتاب.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الستون بعد الخمسمائة:
(560)
سلام الله يا مطر عليها
تمامه: وليس عليك يا مطر السلام
على أن تنوين مطر للضرورة، واقتصر على المضطر إليه من التنوين وهو النون الساكنة، فألحقت وبقيت حركة ما قبلها على حالها، إذ لا ضرورة إلى تغييرها، فإنها تندفع بزيادة النون، وهذا مذهب سيبويه والخليل والمازني، قال النحاس: والأخفش المجاشعي: وحجتهم أنه بمنزلة مرفوع ما لا ينصرف، فلحقه التنوين على
لفظه، واختار الزجاجي في "أماليه" هذا المذهب، لكنه رد هذه الحجة، وقال: العلم المنادى المفرد مبني على الضم لمضارعته عند الخليل وأصحابه للأصوات، وعند غيره لوقوعه موقع الضمير، فإذا ألحقه في ضرورة الشعر، فالعلة التي من أجلها بني قائمة بعد فيه، فينون على لفظه لأنا قد رأينا من المبنيات ما هو منون نحو: إيه وغاق وما أشبه ذلك، وليس بمنزلة ما لا ينصرف، لأن ما لا ينصرف أصله الصرف، وكثير من العرب من لا يمتنع من صرف شيء في ضرورة ولا غيرها إلا أفعل منك، فإذا نون، فإنما يرد إلى أصله، والمفرد المنادى العلم لم ينطق به منصوباً منوناً قط في غير ضرورة شعر، فهذا بين واضح. انتهى. قال النحاس: وحكى سيبويه عن عيسى بن عمرو "يا مطراً" بالنصب، وكذلك رواه الأخفش في "المعاياة" قال المبرد: أما أبو عمر وعيسى ويونس والجرمي، فيختارون النصب، وحجتهم أنهم ردوه إلى الأصل، لأن أصل النداء النصب، كما ترده الإضافة إلى النصب، قال: وهو عندي أحسن لرده التنوين إلى أصله كما في النكرة.
والبيت من قصيدة للأحوص الأنصاري، وبعده:
فلا غفر الإله لمنكحيها
…
ذنوبهم وإن صلوا وصاموا
كأن المالكين نكاح سلمى
…
غداة نكاحها مطر نيام
فإن يكن النكاح أحل شيء
…
فإن نكاحها مطراً حرام
فطلقها فلست لها بكفء
…
وإلا يعل مفرقك الحسام
روى صاحب "الأغاني" بسنده إلى محمد بن ثابت بن إبراهيم بن خلاد الأنصاري قال: قدم الأحوص البصرة، فخطب إلى رجل من بني تميم ابنته، وذكر له نسبه، فقال: هات لي شاهداً يشهد أنك ابن حمي الدبر وأزوجك، فجاءه بمن شهد له
بذلك، فزوجه إياها، وشرطت عليه أن لا يمنعها من أحد من أهلها، فخرج بها إلى المدينة، وكانت أختها عند رجل من بني تميم قريباً من طريقهم، فقالت له: اعدل بي إلى أختي ففعل، فذبحت لهم وأكرمتهم، وكانت من أحسن الناس، وكان زوجها في إبله، فقالت زوجة الأحوص له: أقم حتى يأتي، فلما أمسوا راجع إبله ورعاة غنمه، فراح من ذلك شيء كثير، وكان يسمى مطراً، فلما رآه الأحوص، ازدراه، وكان شيخاً دميماً، فقالت له زوجته: قم إلى سلفك فسلم عليه، فقال الأحوص وأشار إلى أخت زوجته بأصبعه:
سلام الله يا مطر عليها .. الأبيات
فوثب إليه مطر وبنوه، وكاد الأمر يتفاقم، حتى حجز بينهم. انتهى.
وقال الزجاجي في "أماليه": كان الأحوص يهوى اخت امرأته، ويكتم ذلك، وينسب فيها، ولا يفصح، فتزوجها مطر، فغلبه الأمر، وقال هذا الشعر.
وترجمة الأحوص، بمهملتين، تقدمت في الإنشاد الثامن بعد الأربعمائة.
وأنشد بعده:
إذ ذهب القوم الكرام ليسي
صدره:
عددت قومي كعديد الطيس
وتقدم الكلام عليه في الإنشاد الثاني والثمانين بعد المائتين.