الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والستون بعد الخمسمائة:
(561)
أمسلمني إلى قوم شراحي
على أن لحاق نون الوقاية للوصف المضاف إلى الياء شاذ. قال الفراء في "تفسيره" من سورة الصافات: فقد قرأ بعض القراء قال: (هل أنتم مطلعون فأطلع)[الآية/ 54، 55] فكسر النون، وهو شاذ، لأن العرب لا تختار على الإضافة إذا أسندوا فاعلاً مجموعاً أو موحداً إلى اسم مكنى عنه، فمن ذلك أن يقولوا، أنت ضاربي، ويقولون للاثنين: أنتما ضارباي [وللجميع: أنتم ضاربي، ولا يقولوا للاثنين: أنتما ضاربانني، ] ولا للجميع ضاربونني، وإنما تكون هذه النون في "فعل ويفعل" مثل: يضربونني ويضربني وضربني، وربما غلط الشاعر، فيذهب إلى المعنى، فيقول: أنت ضاربني يتوهم أنه أراد: هل تضربني، فيكون ذلك على غير صحة قال:
هل الله من سرو العلاة مريحني
…
ولما تقسمني النبار الكوانس
النبر: دابة تشبه القراد، وقال آخر:
وما أدري وظني كل ظن
…
أمسلمني إلى قوم شراح
يريد: شراحيل، ولم يقل: أمسلمي، وهو وجه الكلام. انتهى.
وقال ابن جني في "المحتسب": هذه القراءة لابن عباس وجماعة، لكن بفتح النون، قال: يقال طلع إذا بدا، وأطلع: أقبل، فهو على هذا: هل أنتم مقبلون فأقبل، وأطلع مسند إلى مصدره، أي: فأطلع الإطلاع، قال أبو حاتم: لا يجوز إلا فتح النون من مطلعون مشددة الطاء كانت أو مخففة، قال: وقد شكلها بعض الجهال بالخضرة مكسورة النون، قال: وهذا خطأ لو كان كذلك، لكان مطلعي
بقلب واو مطلعون ياء، يعني لوقوع ياء المتكلم بعدها، والأمر على ما ذهب إليه أبو حاتم إلا أن يكون على لغة ضعيفة، وهو أن يجري اسم الفاعل مجرى الفعل المضارع لقربه منه، ومنه قول الآخر:
وما أدري وظني كل ظن
…
أمسلمني إلى قوم شراحي
يريد: أمسلمي، وهذا شاذ كما ترى، فلا وجه للقياس عليه. انتهى.
وأورد ابن عصفور هذا البيت في كتاب "الضرائر" لحذف آخر العلم وهو "شراح" قال: وجه بحذف آخره، وحرف العلة الزائد قبله، وأبقي الحرف الذي كان قبلها وهو الحاء على حركته على حد قولهم في ترخيم منصور: يا منص انتهى.
والبيت لم أقف على قائله، ولا على تتمته، وقال العيني: قائله يزيد بن مخرم الحارثي. قال أبو محمد: ذكر الفراء هذا البيت على هذا النمط ليجعله باباً من النحو والصواب:
وغاب خلائلي وبقيت فرداً
…
أماصعهم ونهضل بالجناح
فما أدري وظني كل ظن
…
أيسلمني بنو البداء اللقاح
ويقتلني بنو خمر بذهل
…
وكدت أكون من قتلى الرياح
قال: أماصعهم: أقاتلهم، والحي اللقاح، بفتح اللام: الذين لا يدينون إلى الملوك، أو لم يصبهم في الجاهلية سباء، وبنو خمر، بفتح الخاء المعجمة وسكون الميم، وهم بطن من كندة. انتهى. ونقله السيوطي من غير عزو، وأقره.
وأنا لا أقبل هذه الحكاية، فإن الفراء أجل من أن يذكر بمثل هذه النقيصة. ومن هو أبو محمد حتى يفتري على الفراء، وينقل كلامه ويقبل؟ !