الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنون من صادفن: ضمير الذئاب، وضمير "منها" للبقرة الوحشية، والهاء في "أصبنه" ضمير ولد البقرة، والمنية: الموت، وطاش السهم عن الرمية: إذا وقع يمينه أوشماله، ولم يصبه، ولم يوجد للبيد في ديوان شعره على هذا الوزن والروي غير المعلقة، والله تعالى أعلم.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والأربعون بعد الستمائة:
(641)
فمن نحن نؤمنه يبت وهو آمن
تمامه:
ومن لا نجره يمس منا مروعا
على أن الشلوبين، زعم أن الجملة التفسيرية بحسب ما تفسره، وقد أنشده سيبويه في باب "الحروف التي لا تقدم فيها الأسماء الفعل" قال:(اعلم: أن حروف الجزاء يقبح أن تتقدم الأسماء فيها قبل الأفعال) .. إلى أن قال: (ويجوز [الفرق] في الكلام في "إن" إذا لم تجزم في اللفظ) - أي: بأن كان المشروط ماضياً - (نحو قوله:
عاود هراة وإن معمورها خربا
فإن جزمت، ففي الشعر) أي: بأن ان الشرط مضارعاً، كقوله:
ولديك إن هو يستزدك مزيد
إلى أن قال: (وأما سائر حروف الجزاء، فهذا فيه ضعف في الكلام، لأنها ليست كـ "إن"، ومما جاء في الشعر مجزوماً في غير إن قول عدي بن زيد:
فمتى واغل ينبهم يحيو
…
هـ وتعطف عليه كأس الساقي
وقال:
صعدة نابتة في حائر
…
أينما الريح تميلها تمل
وقال هشام المري:
فمن نحن نؤمنه يبت وهو آمن .. البيت)
قال الأعلم: الشاهد فيه تقديم الاسم على الفعل ضرورة مع الجزم، وارتفاع الاسم بإضماء فعل يفسره الظاهر، لأن الشرط لا يكون إلا بالفعل. انتهى.
وقول المصنف: وفي "البغداديات" لأبي علي إلى آخر الفصل. أقول: ما نقله عنه هو في أول الثلث الثالث من"البغداديات" نقل كلام سيبويه المذكور، وشرحه ثم قال: وأما ما في "الكتاب" من قوله: إن زيداً تره [تضرب] وما أنشده من قوله:
لا تجزعي إن منفساً أهلكته
فإن سألته –يعني: أبا بكر بن السراج- عن الفعل المضمر الناصب له، فقلت: كيف هو؟ أمجزوم أم غير مجزوم، وكيف هو من المظهر؟ فقال: لا يجوز أن يكون غير مجزوم، ولا يكون بدلاً، قال: وهذا لولا أنه مسموع، لم يجز، فإن قيل: هذا الفعل الظاهر بدل من الأول؟ قيل: إن المبدل منه لا يجوز أن يسقط، ويثبت البدل، وإن قال: التقدير: إن تر زيداً، فكأنه مقدم، فلا معنى للهاء في قولك: تره، قال: والأحسن عندي أن يكون على تكرير "إن" كأنه قال: إن تر زيداً إن تره يضرب، فقلت: فأين جواب إن الأولى؟ فقال: استغني عنه، كما أنك إذا قلت: أزيداً ظننته منطلقاً؟ فتقديره: أظننت زيداً ظننته منطلقاً، فاستغنى عن المفعول الثاني في ظننت الذي أضمر بعد حرف الاستفهام بخبر ظننت الثاني، فإن قال قائل: هذا الذي ذكره في تكرار إن قبيح، إنما يجوز في ضرورة الشعر، فكأنه في هذا القول إنما ترك قبيحاً إلى مثله، قيل له: ليس ما تركه في القبح بمنزلة ما انتقل إليه، لأن الذي تركه لا مجاز له، ألا ترى أنه لم يجئ في الكلام ولا في الضرورة فيما علناه إسقاط المبدل منه في اللفظ، وإسقاط البدل، ولم يجئ أيضاً ضمير لا معنى له، ولا متجه، والأشياء التي تجوز في الشعر للضرورة قد تجوز في الكلام عند الحاجة إليها، ألا تراهم استجازوا الضمير قبل الذكر في مثل: ضربوني، وضربت قومك، لما كان ترك الإضماء يؤدي إلى إخلاء الفعل من الفاعل، ولم يجيزوا نحو: ضرب غلامه زيداً، لما لم يكن إلى إجازة ذلك ضرورة، فصار ما كان يجوز في الشعر كقوله:
جزى ربه عني عدي بن حاتم
للضرورة مستحسناً في لكلام، ولهذا نظائر، فكذلك إضمار "إن" يكون فيما ذهب إليه مستحسناً وإن كان إضمار الجازم إنما جاء في الشعر. ويقرب من هذا ما أجاب أبو بكر، وقد سأله سائل عن تجويزهم الإضمار قبل الذكر في مثل: ضربوني وضربت قومك، فقال: لما كان هنا أمران مستكرهان عندهم في الاختيار وهما: إخلاء الفعل من الفاعل، وإضماره قبل ذكره، ولم يكن إلى إخلاء الفعل من الفاعل سبيل؛ اختير الإضمار قبل الذكر، على أن في إضمار "إن" من المزية والحسن على إضماء اللازم وسائر الجوائم، أنها قد اتسع فيها ما لم يتسع فيهن، فأولي الاسم في الكلام، كقوله تعالى:(وإنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ)[النساء/ 128] وغير ذلك مما تختص به "إن" وليس في غيرها من الجوازم ما يضمر، وإضمارها أيضاً أحسن من إضمار غيرها، لا سيما وقد جرى ذكرها قبل، وجرى ذكل الشيء مما يسهل إضماره، لتقريب الدلالة على المضمر، ألا ترى أن سيبويه أجاز: بمن تمرر أمرر، ولم يجز: من تضرب أنزل، حتى تقول: عليه، إلا في الشعر؛ لجري ذكر الحرف في الأول، ولم يجزه في المسألة الثانية لما لم يجر ذكره، وقال فيما حكاه عن يونس في قولهم: مررت برجل صالح، وإن لا صالحاً فطالحاً، من أن من العرب من يقول: إلا صالح فطالح؛ هذا قبيح ضعيف، لأنك تضمر بعد "إن لا" فعلاً آخر غير الذي ذكر بعد إن لا في قولك إن لا يكن صالحاً فطالح، ولا يجوز أن يضمر الجار، ولكنهم لما ذكروه في أول كلامهم، شبهوه بغيره [من الفعل]، وكان هذا عندهم أقوى إذا أضمر "رب" ونحوه في قوله:
وبلدة ليس بها أنيس
فاعلم بهذا أن حرف الجزاء إذا جرى ذكره مكان إضماره أقوى من إضماره إذا لم يجر ذكره، إذا كان هذا هكذا في الحروف الجارة، كانت الجازمة مثله، لأن الجارة في الأسماء مثل الجوازم في الأفعال، فكذلك يكون تقدير "إن" وإضماره،