الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مختلفاً، ومات ذا مع ذا لا يكون موتهما إلا في وقت واحد. وعند بعض النحويين أن معاً في قولك:"جاؤوا معاً" ينتصب على الظرف كانتصابه في قولك معهم، وإنما فكت إضافته، وبقيت علة نصبه على ما كانت عليه، والصحيح ما ذكرته أولاً، لأنه قد نقل من ذلك الموضع، وصار معناه جميعاً. قوله: مستفزاً، أي: مستخفاً، يقال: استفز فلان فلاناً بمعنى: استخفه، وفي التنزيل:(واسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ)[الإسراء/ 64] إلى هنا كلام ابن الشجري.
(متى)
أنشد فيه:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا
…
متى أضع العمامة تعرفوني
وتقدم شرحه في الإسناد الثاني والستين بعد المائتين.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والأربعون بعد الخمسمائة:
(547)
أخيل برقاً متى حاب له زجل
على أن "متى" بمعنى من، وتمامه:
إذا يفتر من توماضه حلجا
والبيت من أبيات ساعدة بن جؤية الهذلي المخضرم وهي:
يا نعم إني وأيديهم وما نحروا
…
بالحيف حيث سيح الدافق المهجا
إني لأهواك حباً غير ما كذب
…
ولو نأيت سوانا في النوى حججا
حب الضريك تلاد المال زرمه
…
فقر ولم يتخذ في الناس ملتحجا
صفر المباءة ذي هرسين منعجف
…
إذا نظرت إليه قلت قد فرجا
أند من قارب روح قوائمه
…
صم حوافره ما يفتأ الدلجا
أخيل برقاً متى حاب له زجل
…
إذا يفتر من توماضه حلجا
مستأرضاً بين بطن الليث أيمنه
…
إلى شمنصير غيثاً مرسلاً معجا
فأسأد الليل إرقاصاً وزفزفة
…
وغارة ووسيجاً غملجاً رتجا
حتى أضاف إلى واد ضفادعه
…
غرقى ردافى تراها تشتكي النشجا
ولا أقيم بدار الهوان إن ولا
…
آتي إلى الغدر أخشى دونه الخمجا
وهذا آخرها، قوله: يا نعم، بضم النون من أسماء النساء، وقوله: وأيديهم وما نحروا، جملة قسمية معترضة بين اسم إن وبين خبرها، وهو قوله: بالخيف، وأراد: خيف منى، ولهذا أبدل "حيث يسح" أي: يصب، والدافق: الناحر والذابح الذي يصب الدماء بالنحر والذبح لأجل النسك، والمهج، جمع مهجة: الدم، وقيل: دم القلب، أخبر محبوبته أنه مع الحجاج في منى، وبها تراق دماء النسك، ثم أقسم بأيدي الناحرين النسك وبما نحروا تعظيماً لمناسك الحج أنه يحبها. وقوله: إني لأهواك: جواب القسم، وما زائدة بين المتضايفين، وقوله: ولو نأيت سوانا: لو وصلية، قال السكري: أي عند غيرنا، والنوى: النية. انتهى. يريد أنه على حذف مضاف، ونأيت: بعدت، وفي "القاموس": النية: الوجه الذي يذهب فيه، والبعد كالنوى فيهما، والحجج: السنين جمع حجة، بكسر أولهما.
وقوله: حب الضريك .. إلى آخره، منصوب على المفعولية المطلقة، أي: إني لأهواك حباً كحب الضريك، بالضاد المعجمة، وهو الفقير وهو مصدر مضاف إلى فاعله. وتلاد المال مفعوله، والتلاد بالكسر: ما ولد عندك من مالك، والمال عند العرب، الإبل في الأكثر، وجملة: زرمه فقر، في موضع الصفة للضريك، لأن لامه للجنس، فهو في النكرة، أو حال من الضريك بتقدير قد، وزرمه، بتقديم الزاي
المعجمة على الراء المهملة، قال السكري، أي: أفقره، وقطع عنه الخير، والملتحج: الملجأ، والوزر. انتهى. وهو بفتح الحاء المهملة، وفي القاموس: والملحج والملتحج: الملجأ، ولحج إليه كمنع: لجأ، والتحجه: ألجأه.
وقوله: صفر المباءة .. إلى آخره، بالجر، صفة أخرى لضريك، وكذا ذي هرسين ومنعجف. قال السكري: صفر المباءة، أي: خالي مبارك الإبل، وذي هرسين: ذي خلقين، ومنعجف: مهزول، وقد فرج، أي: فتح فاه للموت. انتهى. والهرس، بفتح الهاء وسكون الراء المهملة بعدها سين مهملة: الثوب الخلق، ولغة سكون الراء قد فاتت صاحب "القاموس"، فإنه إنما ضبطه بكسر الراء وإنما ثناه، لأن لباس العرب إزار ورداء.
وقوله: أند من قارب، هذه صفة أخرى لضريك مجرور بالفتح، والقارب: طالب الماء ليلاً من القرب، بفتحتين وهو سير لورد الغد، وأراد بالقارب: حمار الوحش بقرينة صفاته بعد هذا. قال السكري: أند: أنفر، يقال: هو أند من حمار وحش، والروح: اتساع ما بين رجليه، يقال: دابة أروح، والأنثى روحاء، ومنه يقال للنعامة: روحاء. وما يفتأ: ما يزال، والدلجا، أي: ليلته جمعاء يسير. انتهى. وروح بالجر: صفة قارب، وهو بالضم جمع روحاء، لأن قوائمه جمع قائمة وهي إحدى اليدين والرجلين، والمصدر: الروح، بفتحتين. وقد فسره بقوله: اتساع ما بين رجليه، ووصفه بهذا الوصف، لأنه لا يكل من العدو، وقوائمه: فاعل روح، وصم بالجر: صفة ثانية لقارب، وحوافره: فاعل، والدلج: بفتح الدال واللام: سير الليل كله.
وقوله: أخيل برقاً هو فعل ماض، وفاعله ضمير القارب، وبرقاً مفعوله، والجملة: صفة أخرى لقارب، أو حال منه بتقدير قد، وقوله: متى حاب: جار ومجرور، متى: حرف جر متعلق بمحذوف صفة لبرق، أي: برقاً لامعاً من سحاب حاب، وجملة "له زجل" من المبتدأ والخبر في موضع الصفة للسحاب المقدر، والزجل، بفتحتين: الصوت، وأراد به صوت الرعد، وإذا: شرطية، ويفتر:
فعل الشرط مبني للمعلوم من التفتير، ومن متعلق به، وحلجا، بفتح الحاء المهملة واللام: جواب الشرط، والجملة الشرطية صفة ثالثة للسحاب. قال السكري: أخيل برقاً، أي: رأى خلاقة مطر، يقال له: أخال وأخيل برقاً و"متى حاب" يريد: من سحاب حاب، والحابي من السحاب: المرتفع، ومتى في معنى من في لغة هذيل، وإنما سمي السحاب حابياً، لأنه قد أشرف قبل أن يطبق السماء، والتوماض: اللمع الضعيف من البرق، وحلج: مطر، وأصله السرعة، حلج يحلج حلجاً. انتهى.
وقوله: أخير برقاً: هذا مما جاء على التصحيح، وقد جاء بالإعلال أيضاً على القياس، وحكاهما السكري، قال صاحب "العباب": وأخالت السحابة وأخيلت: إذا كانت ترجى المطر، وقد أخلت السحابة وأخيلتها: إذا رأيتها مخيلة للمطر. انتهى. والمخيلة، بفتح الميم وكسر الخاء: وهي السحابة التي تكون مظنة المطر وخليقة له، ولم يقف الدماميني على سياق الشعر فظنه فعلاً مضارعاً، وتبعه الشراح، ولم يقفوا على المصراع الثاني. قال: أخيل، بضم الهمزة مضارع أخلت. يقال: أخيلنا وأخلنا، أي شمنا سحابة مخيلة للمطر. انتهى. وقول السكري: الحابي: السحاب المرتفع، الأنسب أن يكون مما نقله الأزهري عن ثعلب قال في "التهذيب" قال ثعلب: قال ابن الأعرابي: الحبو: امتلاء السحاب بالماء. انتهى. والسحاب الممتلئ يلزمه أن يكون مره ثقيلاً، ومنه قول المصنف، أي: من سحاب حاب، أي ثقيل المشي. ولما لم يقف عليه الدماميني نقل عن "الصحاح" أن الحابي كل دان، ثم قال: والمصنف فسره بثقيل المشي، ولم أقف عليه. انتهى. وقول السكري، مأخوذ من قولهم: حبا الرمل يحبو، إذا أشرف معترضاً، فهو حاب، نقله الأزهري عن غير ابن الأعرابي، ويقال: للسحاب الحبي أيضاً، روى الأزهري عن الأصمعي أنه قال: الحبي من السحاب: الذي يعترض اعتراض الجبل قبل أن يطبق السماء،
وقال الليث: الحبي: سحاب فوق سحاب. انتهى. وقول السكري: ومتى بمعنى "من" في لغة هذيل، أما متى فإنها ظرف زمان، وتكون شرطاً واستفهاماً، ونقل بعضهم أن متى تكون بمعنى وسط، فتجر ما بعدها، وحكى بعضهم: متى كلمه، أي: وسط كمه، وقال أبو سعيد السكري: متى بمعنى من، ولم ينسبها لهذيل، وأنشد لأبي ذؤيب:
شربن بماء البحر ثم ترفعت .. البيت
وأنشد أيضاً لغيره:
متى ما تعرفوها تنكروها
…
متى أقطارها علق نفيث
قال أبو سعيد: أي: من لجج، ومن أقطارها، ويحتمل أن تكون هنا في البيتين بمعنى وسط، فتبقى على ما استقر فيها من الظرفية، وإن لم تكن شرطاً ولا استفهاماً. انتهى كلامه. وأقول: أما البيت الأول، فإن السكري رواه في شعر أبي ذؤيب كذا:
تروت بماء البحر ثم تنصبت
…
على حبشيات لهن نئيج
وقال: تروت يعني الحناتم وهي السحاب، وتنصبت: ارتفعت على حبشيات: على سحائب سود، ونئيج: مر سريع، وروي:
شربن بماء البحر ثم ترفعت
…
متى لجج ..
هذا كلامه ولم يفسر متى بشيء، وقد قدمنا الكلام عليه في الإنشاد السادس والأربعين بعد المائة. وأما البيت فهو من شعر أبي المثلم الهذلي يبجيب به صخر الغي الهذلي، وصوابه:
متى ما تنكروها تعرفوها
…
متى أقطارها علق نفيث
قال السكري: متى الثانية في معنى من، والعلق: الدم يخرج منقطعاً، ونفيث: ينفث بالدم، يقول: سنأتيكم بكتيبة إذا رأيتموها من بعيد تشكون فيها، فإذا دنت منكم، رأيتم علق الدم على أقطارها، ويروى:"على أقطارها". انتهى كلامه.
وقوله: مستأرضاً بين بطن الليث .. إلى آخره، قال السكري: المستأرض: الذي استأرض، وثبت بالأرض يعني: هذا السحاب، والليث: موضع، وكذلك شمنصير، والليث بكسر اللام: موضع باليمن أخبرني به رجل من أهل جدة، ومعج: سريع. انتهى.
وقوله: فأسأد الليل .. إلى آخره. قال السكري: يعني الحمار، والإسآد: سير الليل، والزفزفة: صوت مره وحفيفه، والغارة: العدو الشديد، يقال: أغار إغارة الثعلب، والوسيج: ضرب من السير، والغملج: العدو المتدارك، والرتج هو نفسه مسرعاً. انتهى.
وقوله: حتى أضاف إلى واد .. إلى آخره. قال السكري: ردافى: يتبع بعضها بعضهاً، والنشج: أن تقلع النفس من جوفها قلعاً. انتهى. وقال في بيت أبي ذؤيب الذي تقدم منها:
متى لجج خضر لهن نئيج
وهو:
ضفادعه غرقى رواء كأنها
…
قيان شروب رجعهن نشيج
ضفادعه غرقى: هي لا تغرق، وأراد كثرة الماء، والقيان: الإماء، وشروب: ندامى، ورجعهن: ردهن الصوت، شبه صوت الضفادع بالمغنيات، [والنشيج]: بكاء يقتلعنه قلعاً من أجوافهن. انتهى. وكل منهما معاصر الآخر، والله أعلم بالسابق.
وقوله: ولا أقيم بدار الهون .. إلى آخره، قال السكري: أراد بدار الهوان. و "إن": "نعم"، والخنج: سوء الثناء، ومنه خمج اللحم: إذا أروح، وخنج الدين: إذا فسد. انتهى. وترجمة ساعدة بن جؤية تقدمت في الإنشاد الثالث من أول الكتاب.