الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمبالاة الاكتراث بالشيء، والاهتمام به، وأن لا يجاوزنا في تأويل مفرد معمول له، وديار: أحد، وأصله ساكن دار، وما زائدة، والمبرد رواه:
أن لا يجاورنا سواك ديار
فلا شاهد فيه، والبيت أنشده الفراء في تفسيره ولم يعزه لأحد.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والثمانون بعد الستمائة:
(684)
نحن بغرس الودي أعلمنا
…
منا بركض الجياد في السدف
على أن ابن جني ادعى أن "نا" مؤكدة للضمير المستر في "أعلم" وخرجه ابن عصفور في كتاب "الضرائر" على غير هذا قال: ومنه تأكيد الاسم المخفوض بالإضافة باسم مخفوض بمن، حملاً على المعنى، نحو قال قيس بن الخطيم:
نحن بغرس الودي أعلمنا
…
البيت.
فوكد ضمير المتكلم المخفوض بإضافة "أعلم" إليه بالمجرور بمن حملاً على المعنى، ألا ترى ان قوله: نحن بغرس
…
البيت.
معناه: أعلم منا بركض الجياد، فلذلك حكم له بدلاً من حكمه بحكم الضمير المجرور بمن. انتهى.
ورواه أبو عبد الله محمد بن الحسين اليمني، وتوفي سنة أربع مائة، في "طبقات النحويين" كذا:
نحن بغرس الودي أعلم
…
منا بقياد الجياد في السدف
وعليه لا ضرورة فيه. قال اليمني في ترجمة الأصمعي: حدثنا عبد الله،
حدثنا أحمد بن عبيد، حدثنا الأصمعي عن عوانة قال: كان للنعمان بن المنذر مجلس قد اتخذه قريباً من قصره بالحيرة، وجعله لنزهته، وجعل تحته طاقات معقودة تحمله، وجعل ضهره مقعداً، وبالغ في تحسينه وتبييضه حتى كان يلمع، وسماه ضاحكاً، وكان له فرس يسميه اليحموم، وقد ذكرته العرب في اشعارها، وكان للنعمان أخ من الرضاعة يقال له: سعد ولقبه القرقورة، من أهل هجر، وكان اضحك الناس وأبطلهم، وكان النعمان معجباً به، فجلس النعمان يوماً في مجلسه ذلك، وأتي بحمار وحش، فدعا بفرسه اليحموم، وقال: يا سعد، قم فاركبه، وخلوا عن هذا الحمار وادفعوا إلى سعد مطرداً حتى يطلبه ويصرعه. فقال سعد: إني إذن أكون أنا الصريع لا الحمار، مالي ولهذا؟ فقال: أقسم لتفعبن، ثم أمر بسعد فحمل على الفرس، ودفع إليه الرمح، وخلي عن الحمار، فنظر إلى ابن له قائماً في النظارة، فقال:"بأبي وجوه اليتامى" فأرسلها مثلاً، وركض به الفرس، فطار عقله، فألقى الرمح من يده، وأكب على معرفة الفرس، فتعلق بها وصاح، فضحك الناس، وقال: أدركوه، فأدرك، وأنزل. وقال سعد في ذلك:
نحن بغرس الودي أعلم منا
…
بقياد الجياد في السدف
يا لهف أمي فكيف أطعنه
…
مستمسكاً واليدان في العرف
قد كنت أدركته فأدركني
…
للحين عرق من معشر عنف
انتهى ما أورده اليمني.
والودي، بفتح الواو وكسر الدال المهملة وتشديد الياء: النخلة الصغيرة تقلع من جنب أمها، وتغرس في موضع آخر، ويقال له: الجثيث، بجيم وثاءين مثلثتين، قال ابو حنيفة الدينوري في كتاب "النبات": قال الأصمعي: والجثيث هو الودي، والهراء، بفتح الهاء والمد، والفسيل، بفتح الفاء وكسر السين المهملة، وقال الأنصاري في الودي:
نحن بغرس الودي أعلمنا منه
…
البيت.
وقال آخر في الفسيل:
وبات يروي أصول الفسيل
…
فعاش الفسيل ومات الرجل
انتهى. وأراد بالأنصاري: قيس بن الخطيم، والجياد، جمع جواد: وهو الفرس الأصيل، والسدف، بفتح السين والدال المهملتين. قال القالي في "أماليه": قال الفراء: أتانا بالسدفة، بضم فسكون، وسدفة، بفتحتين، وهو السدف، بفتحتين، والشدف، بفتح الشين المعجمة والدال.
قال أبو زيد: السدف في لغة قيس: الضوء، وفي لغة تميم: الظلمة، وأنشد بعض اللغويين:
فأقطع الليل إذا ما أسدفا
أي: أظلم، وبعض اللغويين جعل السدفة اختلاط الضوء بالظلام، مثل ما بين صلاة الصبح غلى الفجر. انتهى.
وقال ثعلب في "أماليه" أتيته بسدفة من الليل وشدفة، بضم الشين والسين، وسدفة وشدفة، بفتحهما، والسدف والشدف، بفتحهما وفتح الدال. انتهى.