الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والعشرون بعد الستمائة:
(623)
يا ليت شعري والمنى لا تنفع
…
هل أغدون يوماً وأمري مجمع
على أن قوله: والمنى لا تنفع جملة معترضة بين: ليت شعري، وبين: هل أغدون، إلخ. وهذا الرجز أورده أبو زيد في "نوادره"، وبعدهما:
وتحت رحلي زفيان ميلع
…
حرف إذا ما زجرت تبوع
وقال: الزفيان: السريعة، والميلع: الجواد الخفيفة. انتهى.
وأسقط ابن الأنباري في "شرح المفضليات"، وفي "كتاب الأضداد" البيت الرابع، وزاد بعد الثالث:
كأنها نائحة تفجع
…
تبكي لميت وسواها الموجع
وكذا أورده السيد المرتضى في "أماليه"، وقوله:"والمنى لا تنفع" جمع منية، بالضم، وهي ما يتمناه الإنسان، وأغدون مؤكد بالنون الخفيفة، وغدا بمعنى: ذهب غدوة، وهي ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس، ومجمع، بضم الميم الأولى وفتح الثانية، أورده الفراء عند قوله تعالى:(فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وشُرَكَاءَكُمْ)[يونس/ 71] قال: الإجماع: الإعداد والعزيمة على الأمر، ونصب "الشركاء" بفعل مضمر، أي: وادعوا شركاؤكم، وكذلك هي في قراءة عبدا لله، قال الشاعر: "يا ليت شعري .. البيتين. فإذا أردت جمع الشيء
المتفرق قلت: جمعت القوم. وقوله: وتحت رحلي، بفتح الراء وسكون المهملة. قال الصاغاني في "العباب": الرحل للبعير أصغر من القتب، وهو من مراكب الرجال دون النساء، وزفيان، بفتح الزاي والفاء، قال السيد المرتضى: الزفيان: الناقة الخفيفة، وقال ابن السيد فيما كتبه على "كامل المبرد": وقوله: زفيان، أي: مسرع كالطير، يقال: زفت الريح الغبار تزفيه: إذا طردته عن الأرض. انتهى.
وروى ابن السكيت في "إصلاح المنطق" بدله: صلتان، بفتح الصاد واللام، وفسره ابن السيرافي: بالشديد، وفي "القاموس": الصلتان محركة: النشط الحديد الفؤاد من الخيل، والميلع، بفتح الميم وسكون المثناة التحتية، قال السيد المرتضى: السريعة، وقال ابن الأنباري في "شرح المفضليات": الملع السرعة، يقال: مر يملع ملعاً: إذا مر مراً سريعاً. وأنشد هذا الرجز. وفي "القاموس": المليع كأمير: الناقة والفرس السريعان كالميلع، وقوله حرف: هي الناقة الصلبة الشديدة، وتبوع: أصله تتبوع بتائين؛ وهو مد الباع، وإبعاد الخطو في الجري، وقوله: نائحة تفجع، أي: تتفجع، والفجع أن يتألم الإنسان لشيء يعز عليه؛ فيعدمه، وقوله: وسواها الموجع، حمل السيد المرتضى سواها بمعنى: غيرها. وقال: شبه رجع يديها في السير، لنشاطها، بيدي نائحة تنوح لقوم على ميتهم بأجرة؛ فهي تزيد في الإشارة بيديها؛ ليرى مكانها. ومثله بعينه قول ذي الرمة:
محانيق تضحي وهي عوج كأنها
…
بجوز الفلا مستأجرات نوائح
والمحانيق: التي ضمرت بعد سمن، وخص المستأجرات من النوائح للمعنى الذي ذكرناه. انتهى كلامه. وهو رد لقول الأصمعي فيما نقله ابن الأنباري في "كتاب الأضداد" عنه قال فيه: قال الأصمعي: سواها: نفسها، ولو كان سواها غيرها: لكان قد قصر في صفة الناقة، وإنما أراد امرأة تبكي على حميمها ولم يرد نائحة مستأجرة. هذا كلامه، وتبعه ابن السيد فقال: سواها، ههنا، نفسها. وكلام [ابن] السيد مؤيد بالدليل، ووافق لنفس الأمر؛ فإن النائحة تسرع اللطم على وجهها، والضرب على صدرها بتصنع، وتعمل لتثير حزن نساء الميت، ويفعلن فعلها، وقد شاهدنا هذا في صغرنا مراراً من النائحات، قاتلهن الله تعالى، وقد أورد المبرد البيتين الأخيرين في "الكامل". قال ابن السيد: أنشدهما أبو حاتم في صفة حمامة وزاد بعدهما:
متحرفاً عن مذرويها المردع
وهو من صفة النائحة، والمذروان: طرفا الألية، والمدرع، بالكسر: ثوب كالدراعة، لا يكون إلا من صوف، قال: والذي قاله أبو حاتم غلط؛ لأن الرجز ليس في وصف حمامة، ولا في وصف ناقة أيضاً، كما ذهب إليه أبو العباس، وإنما يصف جملاً أو فرساً، لأن قبله: يا ليت شعري .. إلى قوله: ميلع. انتهى.