الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والتسعون بعد الخمسمائة:
(594)
واهاً لسلمى ثم واهاً واها
على أن واهاً بمعنى: أعجب. قال ابن السيرافي في شرح أبيات "إصلاح المنطق": هو لأبي النجم العجلي، وبعده:
يا ليت عينيها لنا وفاها
…
بثمن نرضي به أباها
وإعادته "واهاً واها" على سبيل التوكيد، تمنى أن يكون له مال يرضي أباها، فيتمكن له الاستمتاع بعينيها وفيها. انتهى. وكذا أورده أبو عبيد البكري في "اللآلي"، وزاد بعضهم بعد الأول:
هي المنى لو أننا نلناها
وترجمة أبي النجم تقدمت في الإنشاد السابع والستين.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والتسعون بعد الخمسمائة:
(595)
ويكأن من يكن له نشب يحـ
…
ـبب ومن يفتقر يعش عيش ضر
على أن "وي" بمعنى أعجب، قال ابن جني في "المحتسب" في "ويكأنه" ثلاثة أقوال: منهم من جعلها كلمة واحدة، فلم يقف على "وي"، ومنهم من
يقف [على وي]، ويعقوب يقف على "ويك" وهو مذهب أبي الحسن، والوجه فيه عندنا قول الخليل وسيبويه وهو أن "وي" على قياس مذهبهما اسم سمي به الفعل، فكأنه اسم أعجب، ثم ابتدأ، فقال:(كَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الكَافِرُونَ) و (ويْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ)[القصص/ 82] فكأن هنا إخبار عار من معنى التشبيه، ومعناه: إن الله يبسط الرزق. [و "وي" منفصلة من كأن] وعليه بيت الكتاب:
وي كأن من يكن له نشب يحبب
…
البيت
هذا كلامه. وهو خلاف ما صرح به سيبويه، قال: سألت الخليل عن قوله تعالى: (ويْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الكَافِرُونَ)[القصص/82] وعن قوله تعالى: (ويْكَأَنَّ اللَّهَ)[القصص/82] فزعم أنها مفصولة من كأن، والمعنى: وقع على أن القوم انتبهوا فتكلموا على قدر علمهم، أو نبهوا فقيل لهم: أما يشبه أن يكون هذا عندكم كذا! والله أعلم. وأما المفسرون، فقالوا: ألم تر أن الله، وقال زيد بن عمرو بن نفيل:
وي كأن من يكن له
…
.. البيت
انتهى. قال النحاس: يريد أن معنى "وي" تنبيه، يقولها الإنسان حين يستنكر أمراً أو يستعظمه، فيقول: وي، فتكون "ويكأن" مركبة من "وي" للتنبيه، ومن "كأن" للتشبيه، وكذلك قال الأعلم، وقد أوردنا أقوال العلماء، والبحث فيها مبسوطاً في الشاهد الثامن والسبعين بعد الأربعمائة من شواهد الرضي، والبيت من شعر لزيد بن عمرو بن نفيل، وهو:
تلك عرساي تنطقان على عمد إلى اليوم قول زور وهتر
سالتاني الطلاق أن رأتا مالي
…
قليلاً قد جئتماني بنكر
فلعلي أن يكثر المال عندي
…
ويهرى من المغارم ظهري
وترى أعبد لنا وأواق
…
ومناصيف من خوادم عشر
ونجر الأذيال في نعمة زو
…
ل تقولان ضع عصاك لدهر
ويكأن من يكن له نشب يحبب ومن يفتقر يعش عيش ضر
ويجنب سر النجي ولكن أخا المال محضر كل سر
كذا في كتاب "البيان" للجاحظ وفيه روايات أخر للزبير بن بكار، وصاحب "الأغاني" وأبي الحسن المدائني "وأمالي الزجاجي".
وأثبت الجاحظ الشعر لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، ونسبه الزبير بن بكار لنبيه بن الحجاج، وقتل ببدر كافراً، وقد ذكرنا جميع هذا هناك.
وقوله: تلك عرساي: مثنى عرس مضاف إلى الياء، والعرس، بالكسر: الزوجة، أي: هما عرساي، ويجوز أن يخالف اسم الإشارة المشار إليه، كقوله تعالى:(عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ)[البقرة/ 68] أي: بين ذينك، والعمد: القصد، والهتر: مصدر هتر، من باب نصر، إذا مزق عرضه، والهتر، بالكسر: الكذب، والهتر بالضم: ذهاب العقل من كبر أو مرض أو حزن.
وقوله: سالتاني الطلاق .. إلخ، استشهد بذلك سيبويه على أن الشاعر
يبدل الهمزة ألفاً في الضرورة، قال: وليس هذا لغة من يقول: سلت يسال، كخفت يخاف، وبلغنا أنه لغة. وقوله: قد جئتماني. التفات من الغيبة إلى الخطاب، والنكر، بالضم، الأمر المنكر القبيح، وقوله: ويعرى من المغارم ظهري، جمع: مغرم، بالفتح، وهو ما ينوب الإنسان في ماله من نقص لغير جناية، كتحمل الديات، والإطعام في النائبات.
وقوله: وترى أعبد
…
إلى آخره، بالبناء للمفعول، وأواق من الذهب والفضة، جمع أوقية، ومناصيف جمع منصف، بفتح الميم وكسرها: الخادم، وزيدت الياء لضرورة الشعر.
وقوله: في نعمة زول، بفتح الزاي وسكون الواو، صفة نعمة، أي: حسنة وجيدة، وقوله: ضع عصاك: وضع العصا كناية عن الإقامة.
وقوله: ويكأن من يكن .. إلى آخره، من "شرطية"، ويحبب: جواب الشرط، بالبناء للمفعول، والنشب: بفتحتين: المال الأصيل، من الصامت والناطق، وقوله: ويجنب: معطوف على يعش، بالبناء للمفعول، والسر: الشيء المكتوم في النفس، والنجي: المخاطب الذي يفشى له السر، ومحضر: اسم مفعول من أحضره إياه، أي: جعله حاضراً.
وزيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر القرشي العدوي، مات قبل أن يبعث النبي، صلى الله عليه وسلم، بخمس سنين، وكان لا يذبح للأنصاب، ولا يأكل الميتة والدم، وقد ترجمناه مبسوطاً في شواهد الرضي هناك.