الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأحسن في هذا ما روى سيبويه عن الخليل، وهو أن "وي" منفصلة وهي كلمة يقولها المتندم إذا تنبه على ما كان منه، كأنهم قالوا على الندم:(ويْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الكَافِرُونَ)[القصص/ 82]. انتهى.
والقيل والقول واحد، وجمع فارس على فوارس شاذ، وعنتر منادى: مرخم عنترة، وأقدم، بفتح الهمزة وكسر الدال: بمعنى: تقدم، من الإقدام الذي بمعنى الاجتهاد والتصميم. جعل أمرهم له بالإقدام شفاء لنفسه لما ينال في تقدمه من الظفر بأعدائه، ولما يكتسب بذلك من الرفعة وعلو المنزلة.
وترجمة عنترة تقدمت في الإنشاد السابع والسبعين بعد المائتين.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والتسعون بعد الخمسمائة:
(597)
كأنني حين أمسي لا تكلمني
…
متيم يشتهي ما ليس موجودا
على أن "كأن" للتحقيق بمعنى أن قال ابن جنب في "المحتسب": الوجه فيه عندنا قول الخليل وسيبويه، وهو أن "وي" على قياس مذهبهما، اسم سمي به الفعل، وكأن هنا إخبار عار من معنى التشبيه، ومعناه: إن الله يبسط الرزق، و"وي" منفصلة من "كأن" وعليه بيت "الكتاب":
وي كأن من يكن له نشب يحبب .. البيت
ومما جاءت فيه كأن عارية من معنى التشبيه قوله:
كأنني حين أمسي لا تكلمني .. البيت
أي: أنا حين أمسي متيم من حالي كذا وكذا. انتهى. أقول: قد نقلنا كلام
سيبويه، وليس فيه "وي" بمعنى أعجب، وأما قوله: إن "كأن" عارية من معنى التشبيه، فقول سيبويه: أما يشبه أن يكون هذا عندكم هكذا! يكذبه، وأما تنظيره لخلو التشبيه بقوله:"كأنني حين أمسي .. البيت"، فهو مذهب الزجاج فيما إذا كان خبر كأن مشتقاً لا تكون للتشبيه، لئلا يتحد المشبه والمشبه به، وأجيب بأن الخبر في مثله محذوف، أي: كأنني رجل متيم، فهي على الأصل للتشبيه.
والبيت من قصيدة ليزيد بن الحكم الثقفي، مدح بها سليمان بن عبد الملك، ومطلعها:
أمسى بأسماء هذا القلب معمودا
…
إذا أقول صحا من غيه عيدا
كأن أحور من غزلان ذي بقر
…
أهدى لها شبه العينين والجيدا
أجري على موعد منها فتخلفني
…
ولا أمل ولا توفي المواعيدا
كأنني حين أمسي لا تكلمني
…
ذو بغية يشتهي ما ليس موجودا
ومنها:
سميت باسم امرئ أشبهت شيمته
…
فضلاً وعدلاً سليمان بن داودا
أحمدته في الورى الماضين من ملك
…
وأنت أصبحت في الباقين محمودا
لا يبرأ الناس من أن يحمدوا ملكاً
…
أولاهم في الأمور الحلم والجودا
كذا في "الأغاني" للأصفهاني وترجمة يزيد تقدمت في الإنشاد الخامس والسبعين بعد الأربعمائة.