الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بلامين، وخشيت: خطاب للنفس، صلة الذي، والعائد: ضمير نصب محذوف، والتقدير: الذي خشيته، وليأتين: بنون التوكيد الخفيفة، ولات: بمعنى ليس، اسمها محذوف، وحين مناص بالنصب: خبرها، والمناص: التأخر والفرار، والتقدير: وإذا أتاك ما تخشينه، فليس الحين حين فرار أو تأخر، فلا بد من وقوعه عليك.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والأربعون بعد الستمائة:
(646)
ولو أن ما عالجت لين فؤادها
…
فقسا استلي نبه للان الجندل
على أن الأصل: لو أن ما عالجت به، فحذف العائد المجرور على خلاف القياس، اكتفاء بالمذكور بعد استلين، فإن عائد على "ما" الموصولة أيضاً، وجملة "عالجت" صلة، ولين: مفعوله، والجيد أنت يكون مفعوله ضمير الكائح، ولين: مفعول لأجله، والصواب: لين فؤاده، بتذكير الضمير، فإنه عائد إلى الكاشح كما يأتي، وقوله: فقسا، معطوف على عالجت، بالفاء، وهو فعل ماض من القسوة وهي الشدة، وفاعله ضمير الكاشح، لا إلى الفؤاد كما توهمه الشارح. فإن قلت: المعطوف على الصلة صلة، فأين العائد الرابط؟ قلت: له جوابان، أحدهما: ما تقدم، والثاني: ما أجاب به الشارح. وهو مشهور، وهو أن الفاء العاطفة فيها معنى السببية، فتجعل الجملتين في حكم جملة واحدة، فيكتفى بضمير واحد، وهو المجرور المحذوف، كقولهم: الذي يطير فيغضب زيد، الذباب. واستلين: بالبناء للمعلوم، ونقل فتحة همزته إلى ما قبله، وفاعله ضمير المتكلم، والجملة خبر "أن" ومفعوله محذوف، وهو ضمير الجندل، وهذا من باب التنازع، فإن "أستلين" و"لان" عاملان يطلبان الجندل معمولاً، والأول يطلبه مفعولاً به،
والثاني يطلبه فاعلاً، فأعمل الثاني لقربه، وأضمر للثاني، وحذف، لأنه فضلة. وقوله: للان: جواب "لو"، والمعنى: لو أن الذي عالجت به لين فؤاد الكاشح استلنت به الجندل للان، فلم يؤثر، بل قسا واشتد أكثر مما كان قبل.
وقلنا: أستلين، بالبناء للفاعل، لمناسبة "عالجت" ليكون على أسلوب واحد، وهو التكلم، وزعم الشارح أنه بالبناء للمفعول، قال: والجندل: الحجارة، مرفوع باستلين على أنه النائب عن الفاعل، وللان جواب "لو"، وفاعله ضمير يعود إلى الجندل، هذا كلامه، وتبعه من بعده، ولم يتنبه أن هذا من باب التنازع، و"ما" ترسم منفصلة عن "أن" لأنها اسم، ولو كانت حرفاً تكف عن عمل "أن"، لاتصلت بها، وفتحة همزة "أن" منقولة إلى واو لو ليتحد وزن المصراعين، ولو قرئ بسكون الواو وفتح الهمزة، لكان المصراع الأول من بحر الطويل، والثاني من بحر الكامل، وهذا غير جائز.
والبيت من قصيدة، عدتها اثنان وأربعون بيتاً للأحوص بن محمد الأنصاري، مدح بها عمر بن عبد العزيز، وهذا أولها:
يا بيت عاتكة الذي أتعزل
…
خوف العدى وبه الفؤاد موكل
هل عيشنا بك في زمانك راجع
…
فلقد تفحش بعدك المتعلل
أصبحت أمنحك الصدود وإنني
…
قسماً إليك مع الصدود لأميل
فصددت عنك وما صددت لبغضة
…
أخشى مقالة كاشح لا يعقل
ولو أن ما عالجت لين فؤاده
…
فقسا استلين به للان الجندل
ولئن صددت لأنت لولا رقبتي
…
أشهى من اللائي أزور وأدخل
وتجبني بيت الحبيب أحبه
…
أرضي البغيض به حديث معضل
إن الشباب وعيشنا اللذ الذي
…
كنا به زمناً نسر ونجذل
ولت بشاشته وأصبح ذكره
…
شجناً يعل به الفؤاد وينهل
إلا تذكر ما مضى وصبابة
…
منيت لقلب متيم لا يذهل
أودى الشباب وأخلقت لذاته
…
وأنا الحريص على الشباب المعول
وهذه أبيات جيدة في معناها إلى الغاية.
وقوله: يا بيت عاتكة
…
إلى آخره: عاتكة: هي بنت يزيد بن معاوية، وكانت مما يشبب بها من النساء، وأتعزل، بالعين المهملة: أتجنبه وأكون عنه بمعزل، وقوله:"إني لأمنحك الصدود .. البيت" قد استوفينا الكلام عليه في الشاهد التسعين من شواهد "شرح الكافية" للرضي.
وتفحش: من فحش الشيء فحشاً، مثل: قبح قبحاً وزناً ومعنى، والمتعلل: اسم مفعول من تعلل بالشيء إذا تلهى به. وقوله: أخشى مقالة كاشح: استئناف بياني، والكاشح: المضمر العداوة، وجملة:"لولا رقبتي" معترضة بين المبتدأ والخبر، والرقبة: الاحتراس.
وقوله: وعيشنا اللذ، هو صفة مشبهة بمعنى: اللذيذ، ونسر، بالبناء للمفعول، ونجذل: بالجيم والذال المعجمة، من باب فرح وزناً ومعنى، والشجن، بفتحتين:
الهم والحزن، ويعل وينهل، كلاهما بالبناء للمفعول: من العلل والنهل، بفتح الأول والثاني، والنهل: السقي الأول، والعلل: السقي الثاني، والواو للجمع مطلقاً، لا تفيد ترتيباً.
وقوله: إلا تذكر ما مضى: استئناف من قوله: ولت بشاشته، وصبابة، بالنصب، معطوف عليه، ومنيت: قدرت، وأودى: هلك، وأخلق الثوب: تقطع وبلي، والمعول: صفة الحريص، وهو اسم فاعل من أعول الرجل: إذا بكى وصرخ، وعلى متعلقة به. وترجمة الأحوص تقدمت في الإنشاد الثامن بعد الأربعمائة.
وأنشد بعده:
إذا قلت قدني قال بالله حلفة
…
لتغني عني ذا إنائك أجمعا
وتقدم شرحه مستوفياً الكلام في الإنشاد الثالث والأربعين بعد الثلاثمائة.
وأنشد بعده:
فسلم على أيهم أفضل
صدره:
إذا ما لقيت بني مالك
وتقدم الكلام عليه في الإنشاد الخامس عشر بعد المائة.