الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والخمسون بعد الستمائة:
(657)
وما كنت أدري قبل عزة ما البكا
…
ولا موجعات القلب حتى تولت
هو من قصيدة لكثير عزة أوردناها في الإنشاد السابع والعشرين بعد الستمائة. وعزة، بفتح العين المهملة وتشديد الزاي المعجمة: اسم محبوبته، وصلة "تولت" إن قدر "عني" فهو بمعنى انصرفت وذهبت، وإن قدر "علي" فهو بمعنى استولت، وترجمته تقدمت في الإنشاد التاسع عشر.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والخمسون بعد الستمائة:
(658)
وكان لي شفيعاً يوم لا ذو قرابة
…
بمعنى فتيلاً عن سواد بن قارب
على أن "يوماً" قد أضيف إلى الجملة الإسمية كالآية، ولا: عاملة عمل ليس، وذو شفاعة: اسمها، وبمغن خبرها، والباء تزاد في خبرها، ولا يجوز أن تكون غير عاملة، وذو شفاعة: مبتدأ، لأن الباء لا تزاد في خبر المبتدأ، وفتيلاً: مفعول مطلق، وهو الذي يكون في شق النواة، وقيل: هو ما يفتل بين الإصبعين من الوسخ، والمراد به القليل الذي لا يعبأ به، أي: إناء قليلاً حقيراً.
أخرج الطبراني عن محمد بن كعب القرظي قال: بينما عمر بن الخطاب قاعداً في المسجد، إذ مر رجل في مؤخر المسجد، فقال رجل: يا أمير المؤمنين أتعرف
هذا المار؟ قال: لا، قال: هو سواد بن قارب، وهو رجل من أهل اليمن له فيهم شرف وموضع، وهو الذي أتاه رئيه بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: علي به، فدعي له. قال: أنت سواد بن قارب؟ قال: نعم، قال: أنت الذي أتاك رئيك بظهور رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: فأنت على ما كنت عليه من كهانتك! فغضب غضباً شديداً، وقال: يا أمير المؤمنين، ما استقبلني بها أحد منذ أسلمت، فقال عمر: سبحان الله، والله ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك؛ أخبرني بإتيانك رئيك بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم يا أمير المؤمنين: بينا أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان، إذ أتاني رئيي، فضربني برجله، وقال: قم يا سواد بن قارب، فالهم واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب، يدعوى إلى الله وإلى عبادته، ثم أنشأ يقول:
عجبت للجن وتجاسسها
…
وشدها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى
…
ما خير الجن كأنجاسها
فارحل إلى الصفوة من هاشم
…
وانم بعينيك إلى راسها
قال: ولم أرفع بقوله رأساً، وقلت: دعني أنم فإني أمسيت ناعساً، فلما كانت الليلة الثانية، أتاني، فضربني برجله، وقال: ألم أقل لك يا سواد بن قارب قم، فافهم واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله وإلى عبادته، ثم أنشأ يقول:
عجبت للجن وتطلابها
…
وشدها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى
…
ما صادق الجن ككذابها
فارحل إلى الصفوة من هاشم
…
ليس قداماها كأذنابها
قال: فلم أرفع بقوله رأساً، فلما كانت الليلة الثالثة: أتاني، فضربني برجله،
وقال: ألم أقل لك يا سواد بن قارب افهم واعقل، قد بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من لؤي بن غالب يدعو إلى الله وعبادته، ثم أنشأ يقول:
عجبت للجن وأخبارها
…
وشدها العيس بأكوارها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى
…
ما مؤمن الجن ككفارها
فارحل إلى الصفوة من هاشم
…
بين روابيها وأحجارها
فوقع في نفسي حب الإسلام، ورغبت فيه، فلما أصبحت، شددت على راحلتي وانطلقت متوجهاً إلى مكة، فلما كنت ببعض الطريق، أخبرت أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال هاجر إلى المدينة، فأتيت المدينة، فسألت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فقيل لي: في المسجد، فأتيت إلى المسجد فعقلت ناقتي، وإذا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والناس حوله، فقلت له: اسمع مقالتي يا رسول الله، فقال أبو بكر: ادن ادن، فلم يزل بي حتى صرت بين يديه، فقال: هات فأخبرني بإتيانك رئيك، فقلت:
أتاني نجي بين هدء ورقدة
…
ولم يك فيما قد بلوت بكاذب
ثلاث ليل قوله كل ليلة
…
أتاك رسول من لؤي بن غالب
فشمرت من ذيل الإزار ووسطت
…
بي الذعلب الوجناء بين السباسب
فأشهد أن الله لا رب غيره
…
وأنك مأمون على كل غائب
وأنك أدنى المرسلين وسيلة
…
إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك يا خير من مشى
…
وإن كان فيما جاء شيب الذوائب
وكن لي شفيعاً يوم لا ذو قرابة .. البيت.
قال: ففرح رسول الله، صلى الله عليه وسلم وأصحابه بإسلامي فرحاً شديداً