الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيما ذهب إليه، أحسن من إضمار اللام في قوله:"أو يبك من بكى"، هذا آخر كلام أبي علي، من غير اختصار شيء منه.
والبيت لهشام المري، كما قال سيببويه وغيره، وهو منسوب إلى مرة بن كعب ابن لؤي القرشي، وهو شاعر جاهلي.
وأنشد بعده:
لا تجزعي إن منفس أهلكته
تمامه:
وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي
وتقدم الكلام عليه في الإنشاد الثاني والسبعين بعد المائتين.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والأربعون بعد الستمائة:
(642)
تعش فإن عاهدتني لا تخونني
…
نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
على أن جملة "لا تخونني" يحتمل أن تكون جواب القسم الذي هو عاهدتني، ويحتمل أن تكون حالاً. قال ابن المستوفي في "شرح أبيات المفصل": عاهدتني قسم، ولا تخونني جوابه، وهذا وإن كان معناه القسم والجواب، فليس على صيغته النحوية، ولا يعد قسماً وجواباً. انتهى. واستشهد به سيبويه على رجوع ضمير
الاثنين من "يصطحبان" على "من" حملاً على المعنى، لأنه أريد بمن اثنان. وروي أول البيت: تعال فإن
…
وقال ابن جني في "المحتسب": ومن ذلك قراءة عمرو بن فائد: (يا نساء النبي من تأت منكن)[الأحزاب/ 30] بالتاء وهذا حمل على المعنى كأن "من" هنا امرأة في المعنى، فكأنه قال: أية امرأة أتت منكن، أو تأت. وهو كثير في الكلام، ومعناه البيان، وقول الله سبحانه:(ومِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إلَيْكَ)[يونس/ 42] وقول الفرزدق:
تعش فإن عاهدتني
…
البيت
أي: مثل اللذين يصطحبان، أو مثل اثنين يصطحبان، وأن يكون على الصلة أولى من أن يكون على الصفة، فكان الموضع في هذا الحمل على المعنى إنما بابه الصلة، ثم شبهت بها الصفة، ثم شبهت الحال بالصفة، ثم شبه الخبر بالحال، كذا ينبغي أن يرتب هذا الباب من تنزيله، ولا ينبغي أن يؤخذ باباً سرداً وطرحاً واحداً، وذلك أن الصلة أذهب في باب التخصيص من الصفة لإبهام الموصول، فلما قويت الحاجة إلى البيان في الصلة، جاء ضميرها من الصلة على معناها، لأنه أشد إفصاحاً بالغرض، وأذهب في البيان المعتمد. انتهى كلامه. فاختار كون "من" موصولة، فيكون النداء قد اعترض به بينه وبين الصلة، وكذا قال ابن السيرافي في "شرح شواهد سيبويه"، وتقدم توجيه أبي علي على ذلك في قوله:
ذاك الذي –وأبيك- تعرف مالك
وقال ابن المستوفي في "شرح أبيات المفصل": هذا الفصل بين الموصول والصلة ضرورة.
والبيت من قصيدة للفرزدق، ذكر في أولها أن الذئب أتاه ليلة في سفره، فرمى له لحماً، وقال:"تعش فإن عاهدتني .. " البيت، وبعده:
وأنت امرؤ يا ذئب والغدر كنتما
…
أخيين كانا أرضعا بلبان
وقد ذكرنا الأبيات في الإنشاد الثاني والعشرين بعد الثلاثمائة، وقد وقع في إنشاد سيبويه:"تعال فإن عاهدتني". قال ابن المستوفي: والصحيح من الرواية: "تعش" وقد ذكره الزمخشري: "تعال". قال الدماميني: تعال: للواحد المذكر. وتعالي: للواحدة المؤنثة، بفتح اللام، وحكى الزمخشري في تفسير النساء عن أهل مكة أنهم يقولون: تعالي، بكسر اللام، للمرأة، ووقع مثله في شعر أبي فراس الحمداني، قال وهو في أسر الروم، وقد سمع حمامة تنوح بجنبه:
أقول وقد ناحت بجنبي حمامة
…
أيا جارتا هل تشعرين بحالي
أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا
…
تعالي أقاسمك الهموم تعالي
وهي أبيات، والوجه: فتح اللام، لأنها عين الفعل، كالعين في تصاعدي، ولام الفعل التي حقها أن تكسر قد سقطت إذ الأصل تعاليين، ففعل فيه عرف في مثله. انتهى. وأخذه ابن الملا. وأقول: أصل تعالي تعالوي، قلبت الواو ياء لوقوعها رابعة مع عدم انضمام ما قبلها، فصار تعاليي بياءين، الأولى لام الكلمة، والثانية ضمير المخاطبة، ثم حذفت كسرة الياء الأولى للاستثقال، والياء لالتقاء الساكنين، كذا قاله أحد أشياخنا في "حاشية الفاكهي" وهذا تطويل بلا طائل، والقريب أن يقال: قلبت الواو في تعالوي ألفاً؛ لتحركها، وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت لالتقاء الساكنين.