الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والثمانون بعد الستمائة:
(683)
أن لا يجاورنا إلاك ديار
أوله:
وما نبالي إذا ما كنت جارتنا
قال المصنف في شرح أبيات ابن الناظم: لا يلي "إلا" من الضمئر إلا المنفصل، وقد يليها المتصل بشرطين: كونه بلفظ المنصوب لا المرفوع، وكون ذلك في الشعر، كقوله:
وما نبالي إذا ما كنت جارتنا
…
البيت
وكان حقه: إلا إياك، وإنما استحق النصب، لأنه استثناء مقدم على المستثنى منه وهو ديار، فهو كقول الكميت:
وما لي إلا آل أحمد شيعة
وإنما استحق الفصل مع أنه معمول ل" إلا " على الصحيح، لأن نحو: ما ألفيت إلا إياك، معمول للفعل بالاتفاق، فلا يصح اتصاله بغير عامله، ثم حمل عليه غير المفرغ ليجبرنا على سنن واحد، وإنما سهل وصله في الضرورة الثالثة أمور: أحدها: أن الأصل في الضمير الاتصال. الثاني: أن الأصل في الحرف الناصب للضمير أن يتصل به نحو: إنك، ولعلك، الثالث: إجراء "إلا" مجرى
طغير" أختها فأجريت مجراها في الوصف بها. وزعم الناظم في "شرح التسهيل" أن الفصل في البيت ليس بضرورة، لتمكن الشاعر من أن يقول: أن لا يكون لنا خل ولا جار.
وغذا فتح هذا الباب لم يكن في الوجود ضرورة، وإنما الضرورة عبارة عما أتى في الشعر على خلاف ما عليه النثر، وزعم أبو الفتح أن الذي يسوغ لهم أن يرتكبوا في الشعر ما لهم عنه مندوحة إرادة أن يسهل عليهم ارتكابه عند الاضطرار، وجعل من ذلك قوله:
زج القلوص أبي مزاده
فإنه فصل بين المتضايفين بمعمول المضاف مع تمكنه من أن يضيف المصدر إلى المفعول، ويرفع الفاعل. وظهر لي وجهان غير ما ذكر، أحدهما: أن أكثر أشعارهم كانت تقع في غير روية، فقد لا يتمكنون من تخير الوجه الذي لا ضرورة فيه. والثاني: أن الشعر لما كان مظنة الضرورة، استباحوا فيه ما لم يضطروا إليه كما أبيح القصر في الشعر، لكونه مظنة المشقة مع أنها قد تنتفي مع بقاء الرخصة، ويقال: باليته، وبه، وهما محتملان هنا، لأن الجار يحذف من أن وأن قياساً والمحل على الأول نصبن وعلى الثاني نصب بإسقاط الجار، وموضع "إذا" نصب بفعل الجواب المحذوف، أو فعل الشرط إذا لم تقدر إذا مضافة، وديار من ألفاظ العموم لا يستعمل في الإيجاب، وأصله ديوار. هذا آخر كلامه.