الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 57]، وقد يحصل مع ذلك تصديق وعلم، مع بغض ومعاداة، لكن تصديق ضعيف، وعلم ضعيف، ولكن لولا البغض والمعاداة، لأوجب ذلك من محبة الله ورسوله ما يصيرب مؤمنًا.
[العلم التام بالله عز وجل ليس شرطًا في الإيمان به، والعذر بالجهل]
فما من شرط الإيمان بالله تعالى وجود العلم التام (1)، ولهذا كان الصواب أن الجهل يعض أسماء الله وصفاته، لا يكون صاحبه كافرًا، إذا كان مقرًّا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يبلغه ما يوجب العلم بما جهله على وجه يقتضي كفره إذا لم يعلمه، لحديث الَّذي أمر أهله بتحريقه ثم تذريته (2).
بل العلماء يتفاضلون في العلم به، ولهذا يوصف من لم يعمل بعلمه بالجهل وعدم العلم.
قال تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} [النساء: 17]، قال أبو العالية (3):(سألت أصحاب محمد عن هذه الآية، فقالوا لي: كل من عصى الله فهو جاهل)(4)، وكل من
(1) العبارة في (ط) هكذا: فمن شرط الإيمان وجود العلم التام، وهو تحريف يتناقض مع ما بعده من كلام المؤلف.
(2)
انظر تخريجه صفحة 574، لأن المؤلف أورده هناك كاملًا.
(3)
هو رفيع بن مهران الرياحي، أحد كبار التابعين، أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلم في خلافة الصديق رضي الله عنه ودخل عليه، وسمع من عمر وعلي وابن مسعود وعائشة وكبار الصحابة رضي الله عنهم، كان من أعلام القراء، حيث قرأ القرآن وحفظه على أبي بن كعب رضي الله عنه، وكان من أئمة التفسير، توفي سنة 93 هـ على ما ذكره البخاري في تاريخه الكبير.
التاريخ الكبير (3/ 326)، الجرح والتعديل (3/ 510)، حلية الأولياء (2/ 217)، سير أعلام النبلاء (4/ 107)، تهذيب التهذيب (3/ 284).
(4)
رواه ابن جرير (4/ 294)، وابن حبان في الثقات (7/ 658) بلفظ: ما عصي الله إلَّا من جهالة.
وانظر في تفير هذه الآية: الجامع لأحكام القرآن (5/ 80)، تفسير ابن كثير (1/ 464)، فتح القدير (1/ 439).
تاب قبل الموت، فقد تاب من قريب، ومنه قول ابن مسعود:(كفى بخشية الله علمًا، وكفى بالاغترار بالله جهلًا)(1)، وقيل للشعبي (2) أيها العالم فقال: العالم من يخشى الله (3).
وقال (4): قد قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].
وقال أبو حيان [التيمي](5): (العلماء ثلاثة: عالم بالله، وعالم (6) بأمر الله، وعالم بالله ليس عالمًا بأمر الله، وعالم بأمر الله ليس عالمًا بالله، فالعالم بالله الَّذي يخشاه والعالم بأمر الله الَّذي يعلم حدوده وفرائضه) (7).
(1) رواه الطبراني في المعجم الكبير (9/ 189)، ونسبة الشوكاني هذا القول في فتح القدير لمسروق، ومسروق من كبار تلامذة ابن مسعود، فلعله حدث بهذا دون أن يسنده إلى ابن مسعود (5/ 349)، وروى أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود قوله:"ليس العلم بكثرة الرواية، ولكن العلم الخشية"(1/ 131).
(2)
هو عامر بن شراحيل الهمداني، ولد في خلافة عمر رضي الله عنه، ورأى عليًا وصلى خلقه، وسمع من سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وأبي موسى الأشعري، وأبي هريرة وابن عمر وعائشة وعمران بن الحصين، وخلق من الصحابة، كان من أوعية العلم والفتوى والحفظ، وهو في طبقة الحسن المصري، نعته الذهبي بعلامة العصر، مات سنة 104 هـ على المشهور.
الجرح والتعديل (6/ 322)، التاريخ الكبير (6/ 450)، حلية الأولياء (4/ 310)، تاريخ بغداد (12/ 277)، تذكرة الحفاظ (1/ 74)، سير أعلام النبلاء (4/ 294)، تهذيب التهذيب (5/ 65).
(3)
انظر: حلية الأولياء (4/ 311).
(4)
كلمة "قال" ليست في (م) و (ط).
(5)
في نسخة الأصل: التميمي، والتصحيح من (م) و (ط)، وأبو حيان التيمي هو يحيى بن سعيد بن حيان الكوفي، نعته الحافظ ابن حجر بالعابد، روى عن الشعبي وأبيه وعمه يزيد بن حيان والضحاك وغيرهم، وعنه أيوب السختياني والأعمش وشعبة والثوري وابن المبارك ويحيى القطان وآخرون، كان سفيان يعظمه ويجله، مات سنة 145 هـ.
الجرح والتعديل (9/ 149)، الكاشف (3/ 225)، البداية والنهاية (10/ 98)، تهذيب التهذيب (11/ 188).
(6)
كلمة (على) ليست في (ط).
(7)
لم أجده عن أبي حبان فيما توفر لي من المصادر، ولكن روى الدارمي عن سفيان قوله:"كان يقال: العلماء ثلاثة. . . " وذكر نحوه، وهو في مسند الدارمي برقم (363).