الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا من المطاع الكبير، أو من رجل من أهل بيته (1).
والمقصود أن بهذا يتبين (2) أن قدوم وفد عبد القيس كان قبل ذلك.
[الكلام على حديث ضمام، الطريق الأولى]
وأما حديث ضمام (3) فرواه مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك: نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل يسأله ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد أتانا رسولك فزعم أن الله أرسلك، قال:"صدق".
قال: فمن خلق السماء؟ قال: "الله".
قال: فمن خلق الأرض؟ قال: "الله".
قال: فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل؟ قال: "الله".
قال: فبالذي خلق السماء، وخلق الأرض، ونصب هذه الجبال آلله أرسلك؟ قال:"نعم".
قال: وزعم رسولك [أنك تزعم](4) أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا، قال:"صدق".
(1) روى الإمام أحمد برقم (4) عن زيد بن يثيع عن أبي بكر لما قدم المدينة من تلك الحجة بكى، وقال: يا رسول الله حدث فىَّ شيء! ! قال ما حدت فيك إلا خير، ولكن أمرت أن لا يبلغه إلا أنا أو رجل من أهل بيتي. .، وقال محققه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: إسناده صحيح.
ونقل القاضي أبو بكر ابن العربي عن الشيخ أبي المظفر طاهر بن محمد شاه بور قوله: "وكانت سيرة العرب أنه لا يحل العقد إلا الذي عقده، أو رجل من أهل بيته، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع ألسنة العرب بالحجة، وأن يرسل ابن عمه الهاشمي من بيته بنقض العهد، حتى لا يبقى لهم متكلم، وهذا بديع في فنه" أحكام القرآن (2/ 454).
(2)
في (م) و (ط): "أن هذا يبين".
(3)
هو ضمام بن ثعلبة السعدي، من بني سعد بن بكر، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سنة خمس، وقيل: سنة تسع، ورجح الحافظ الثاني. الإصابة (210/ 2).
(4)
ما بين المعكوفتين ليس في نسخة الأصل، وهو في (م) و (ط)، وموافق لروايات الحديث.
قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: "نعم".
قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا، قال:"صدق".
قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: "نعم".
[قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سنتنا، قال:"صدق".
قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: "نعم"] (1).
قال: وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إله سبيلًا، قال:"صدق".
ثم ولى الرجل، وقال: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن، ولا أنقص منهن. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لئن صدق ليدخلن الجنة"(2).
وعن أنس قال: بينما نحن جلوس مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، إذ دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله، ثم قال لهم: أيكم محمد؟ والنبي صلى الله عليه وسلم متكئ بين ظهرانيهم.
فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئ.
فقال الرجل: ابن عبد المطلب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "قد أجبتك". فقال الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إنني سائلك فمشدد عليك في المسألة، فلا تجد علي في نفسك، فقال:"سل عما بدا لك".
فقال: أسالك بربك ورب من قبلك آلله أرسلك إلى الناس كلهم؟ .
فقال: "اللهم نعم".
وذكر أنه سأله عن الصلاة والزكاة، ولم يذكر الصيام (3) والحج فقال
(1) ما بين المعكوفتين سقط من جميع النسخ التي بين أيدينا، وهي في صحيح مسلم.
(2)
هذا الوجه رواه مسلم برقم (12) كتاب الإيمان باب السؤال عن أركان الإسلام، والترمذي برقم (619) كتاب الزكاة، والنسائي برقم (2091) كتاب الصيام، وأحمد برقم (12048)، والدارمي برقم (650) كتاب الطهارة.
(3)
كذا قال، لكن الصوم مذكور في هذا الحديث، فقد جاء فيه:"قال: أنشدك بالله آلله أمرك أن نصوم هذا الشهر من السنة؟ قال: اللهم نعم".
الرجل: آمنت بما جئت به، وأنا رسول من ورائي من قومي، وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر (1).
هذان الطريقان في الصحيحين، لكن البخاري لم يذكر في الأول الحج، بل ذكر الصيام، والسياق الأول أتم، والناس جعلوا (2) الحديثين حديثًا واحدًا.
و[يشبه](3) والله أعلم أن يكون البخاري رأى أن ذكر الحج فيه وهمًا، لأن سعد بن بكر (4) هم من هوازن، وهم أظْآر (5) رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهوازن كانت معهم وقعة حنين بعد فتح مكة، فأسلموا كلهم بعد الوقعة، ودفع إليهم النبي صلى الله عليه وسلم النساء والصبيان بعد أن قسمها على العسكر (6)
(1) هذا الوجه رواه البخاري برقم (63) كتاب العلم باب ما جاء في العلم، وقوله تعالى:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} ، والنسائي برقم (2092) كتاب الصيام، وأبو داود برقم (486) كتاب الصلاة، وابن ماجه برقم (1402) كتاب إقامة الصلاة والسنة يها، وأحمد برقم (12308).
وقد اختلف في السنة التي قدم فيها ضمام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل: سنة خمس قاله الواقدي، وقيل: سنة سبع، وقيل: سنة تسع، وهو قول ابن إسحاق وأبي عبيدة فيما ذكره الحافظ عنهما، أما الحافظ نفسه فقد اختلف قوله، فقال عند شرحه للحديث في كتاب العلم أن قدومه كان سنة تسع، الفتح (1/ 152)، وحين عاد إليه في كتاب الزكاة ذكر أن قدومه في سنة خمس، الفتح (3/ 266)، أما في الإصابة فقد رجح القول بأن قدومه كان سنة تسع، الإصابة (2/ 211)، وانظر الاستيعاب (2/ 215)، وهذا القول هو الراجح.
(2)
في (ط): "يجعلون".
(3)
في نسخة الأصل: "يشتبه"، وأثبتنا ما في (م) و (ط) لأنه أقرب إلى المعنى.
(4)
في (ط): "بن أبي بكر"، وهو خطأ.
(5)
في (ط): "أصهار"، وهو تصحيف، وخطأ بين، إذ كيف تكون هوازن أصهارًا له صلى الله عليه وسلم، وهو لم يتزوج منهم قط، وإنما هم أظآره، أي مرضعوه، لأنه صلى الله عليه وسلم استرضع في بني سعد بن بكر، وهم من هوازن، قال في القاموس المحيط (ص 555):"الظئر بالكسر: العاطفة على ولد غيرها، المرضعة له في الناس، وغيرهم للذكر والأنثى، وجمعه: أظؤر، وأظآر. . ".
(6)
في (ط): "المعسكر".