الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عامل أهل خيبر (1) لشطر ما تخرج الأرض من ثمر وزرع (2)، حتَّى مات الرسول صلى الله عليه وسلم والأمر كذلك، وما زالوا حتَّى أجلاهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن خيبر، وكان قد شارطهم أن يعمروها من أموالهم، وكان عليه السلام قد قال:"نقرّكم فيها ما شئنا"(3).
[أمر النبي عليه الصلاة والسلام بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب]
وما سمع منه قل وفاته أنَّه قال: "أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب"(4).
= يوسف، وكان فصيحًا عالمًا بالعربية، ومات سنة 189 هـ.
الجرح والتعديل (7/ 227)، تاريح بغداد (2/ 172)، الأنساب للسمعاني (3/ 483)، سير أعلام النبلاء (9/ 134)، العبر (1/ 303)، شذرات الذهب (2/ 411).
(1)
قال الإمام الذهبي في السيرة النبوية (2/ 61): "خيبر بليدة على ثمانية برد من المدينة"، وقد اختلف في سنة فتحها، قال الحافظ ابن قيم الجوزية في زاد المعاد (3/ 316):"وقال مالك: كان فتح خيبر في السنة السادسة. والجمهور على أنها في السابعة، وقطع أبو محمد بن حزم بأنها كانت في السادسة بلا شك، ولعل الخلاف مبني على أول التاريخ، هل هو شهر ربيع الأول شهر مقدمه المدينة، أو من المحرم في أول السنة. . "، وذكر الذهبي مثل هذا الجمع في السيرة النبوية (2/ 61)، وحكى الخلاف قبل ذلك الحافظ البيهقي في دلائل النبوة (4/ 195)، وإلى القول بأنها كانت في السنة السابعة ذهب ابن هشام في سيرته (2/ 328)، وابن جرير في تاريخه (2/ 135)، وابن كثير في البداية والنهاية (4/ 193).
(2)
رواه البخاري برقم (2328) كتاب المزارعة باب المزارعة بالشطر ونحوه، ومسلم برقم (1551) 3/ 1186 كتاب المساقاة باب المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع، والترمذي برقم (1330) كتاب الأحكام، وأبو داود برقم (3408) كتاب البيوع، وابن ماجة برقم (2467) كتاب الأحكام، والدارمي برقم (2614) كتاب البيوع، وأحمد برقم (4649).
(3)
رواه البخاري برقم (2730) كتاب الشروط باب إذا اشترط في المزارعة: إذا شئت أخرجتك، وأبو داود برقم (3007) كتاب الخراج والإمارة والفيء، وأحمد برقم (91).
قلت: قد أجلى عمر رضي الله عنه يهود خيبر سنة عشرين للهجرة كما ذكره ابن جرير والذهبي وابن كثير، تاريخ ابن جرير (2/ 516)، سير الخلفاء الراشدين من سير أعلام النبلاء (ص 125)، البداية والنهاية (7/ 103).
(4)
رواه البخاري برقم (3053) كتاب الجهاد والسير باب هل يستشفع إلى أهل =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الذمة، ومسلم برقم (1637) 3/ 1256 كتاب الوصية باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه، والنسائي في السنن الكبرى (3/ 434)، وأبو داود برقم (3029) كتاب الخراج والإمارة والفيء، وأحمد برقم (1936)، وأبو يعلى في مسنده (4/ 298)، والبيهقي في سنه (9/ 207) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى عند موته بثلاث، وذكر منها قوله صلى الله عليه وسلم:"أخرجوا المشركين من جزيرة العرب".
ورواه مسلم بلفظ آخر: (لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتَّى لا أدع إلا مسلمًا) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه برقم (1767) 3/ 1388 كتاب الجهاد والسير باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، ورواه الترمذي برقم (1606) كتاب السير، والنسائي في السنن الكبرى (5/ 210)، وأبو داود برقم (3030) كتاب الخراج والإمارة والفيء، وأحمد برقم (14306)، وابن حبان في صحيحه برقم (3753) 9/ 69، والحاكم (4/ 274)، والبيهقي في سننه (9/ 207).
ورواه أيضًا أحمد برقم (1701)، والدارمي برقم (2498) كتاب السير، وأبو يعلى في مسنده (2/ 177)، والبيهقي في سننه (9/ 208) عن أبي عبيدة رضي الله عنه قال: إن آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أخرجوا يهود الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب"، وقد ذكره السيوطي بهذا اللفظ في الجامع الصغير، وهو في صحيح الجامع للشيخ الألباني برقم (93).
ورواه الطبراني في المعجم الكبير (23/ 256) عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أخرجوا اليهود عن جزيرة العرب"، ورواه ابن أبي عاصم في كتاب الآحاد والمثاني (1/ 184) باللفظ الَّذي أورده المصنف.
وجزيرة العرب تعددت الأقوال في تحديدها: فقيل: هي مكة والمدينة واليمامة واليمن، وذكر البيهقي في سننه (9/ 208) عن الأصمعي أنها من أقصى أبين إلى ريف العراق في الطول، وأما العرض فمن جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام، ونقل الحافظ في الفتح (6/ 171) عن الزبير بن بكار قولًا عن ابن شهاب، ثم قال: وقال غيره: جزيرة العرب ما بين العذيب إلى حضرموت، وقال الخليل بن أحمد الفراهيدي: سميت جزيرة العرب لأن بحر فارس وبحر الحبشة والفرات ودجلة أحاطت بها، وهي أرض العرب ومعدنها، ونقل السيوطي في كتابه تنوير الحوالك شرح موطأ مالك (ص 250) قولًا لابن حبيب المالكي قريبًا من قول الأصمعى.
وانظر في ذلك أيضًا: النهاية لابن الأثير (1/ 266)، الصحاح (3/ 613)، نصب الراية (3/ 454)، أحكام أهل الذمة لابن القيم (1/ 377 - 382).
وقد كان أصحابه مشغولين بالجهاد، لأنهم فرض عليهم الجهاد بأموالهم وأنفسهم حتَّى كانوا يتلذذون بقولهم:
نحن الذين بايعوا محمدًا. . . على الجهاد ما بقينا أبدا (1)
فلأجل ذلك أقر اليهود على أن يعملوا ولهم شطر ما أخرجت الأرض، فإن الذين شهدوا فتح خيبر كانوا أهل بيعة الرضوان، الذين بايعوا تحت الشجرة، نحو ألف وأربع مائة، وانضم إليهم أهل سفينة جعفر (2)، فهؤلاء الذين قسم النبي صلى الله عليه وسلم فيهم خيبر، فلو أقام طائفة من هؤلاء، وهم أبطال الموحدين، وحماة المسلمين، وشغلوا بفلاحتها لتعذرت مصالح الإسلام من قبل قوم لا يقوم بها غيرهم.
(1) روى البخاري برقم (2834) كتاب الجهاد والسير باب الصبر عند القتال، ومسلم برقم (1805) 3/ 1431 كتاب الجهاد والسير باب غزوة الأحزاب وهي الخندق، وأحمد برقم (12539) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال:
اللهم لا عيش إلَّا عيش الآخرة. . . فاغفر للأنصار والمهاجرة
فقالوا مجيبين له:
نحن الذين بايعوا محمدا. . . على الجهاد ما بقينا أبدا
وجاء في بعض الروايات: قولهم: (على الإسلام) بدلًا (على الجهاد)، وجاء في بعضها الآخر أنهم هم الذين قالوا ذلك أولًا، فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم، فلعلهم كانوا يتجاوبون بذلك، مرة يبدأ بالقول فيجيبونه، ومرة يبتدؤونه بالقول فيجيبهم، وإلى هذا المعنى أشار الحافظ رحمه الله في الفتح (7/ 395).
(2)
خبر قدوم أصحاب السفينة وعلى رأسهم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه كان بعد فتح خيبر بأيام، وقد أسهم لهم صلى الله عليه وسلم، والقصة رواها البخاري برقم (3136) كتاب فرض الخمس باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين ما سأل هوازن النبي صلى الله عليه وسلم -برضاعه فيهم- فتحلل من المسلمين. . .، ومسلم برقم (2503) 4/ 1946 كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأهل سفينتهم رضي الله عنهم، والترمذي برقم (1559) كتاب السير، وأبو داود برقم (2725) كتاب الجهاد، وأحمد برقم (19138).
وانظر في قدوم جعفر إلى ما تقدم: دلائل النبوة للبيهقي (4/ 244)، زاد المعاد (3/ 332)، البداية والنهاية (4/ 206).
فلما كان في زمن عمر رضي الله عنه كثر أهل الإسلام، وأغنى الله عن اليهود وغيرهم من الكفار فأجلوهم، وكان عليه السلام قد قال قبل موته ما تقدم (1)، وعلى ما تقرر من هذه الأصول، فكما أن الجهاد واجب، فعمل آلاته وبيعها إذا اضطر إليها عند قوم تعين وجوب العمل بأجرة المثل، وبذل الآلة بثمن المثل، أو بالمشترى الأول، وما يقع عليه الرضا من الكسب، فإنه إن بذل ذلك تبرعًا كان مجاهدًا، فإن المؤمن [عليه](2) أن يجاهد بيده وبلسانه وبقلبه، وعليه النفقة في عسره ويسره، ومنشطه ومكرهه، وأثرة عليه، فمن عجز عن الجهاد ببدنه، لم يسقط عنه الجهاد بماله، وعكس ذلك، ومن لم يطق أن يجاهد بيده، فليس بمعذور إن ترك الجهاد بلسانه وقلبه.
وإذا كان الناس وهم أهل العلم، وأهل الجهاد، وأهل التجارة، وأصناف البيوع المباحة لا بد لهم ممن يطحن ويعجن ويخبز، كما كان أهل الإسلام بالمدينة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يكن عندهم من يطحن ويخبز، وإنما كانوا كالأعاريب في بواديهم، ولا من يبيع خبزًا ولا دقيقًا، وإنما كانوا يشترون الحب ويطحنونه بأيديهم، ويخبزونه في بيوتهم، ولا يجدون من يتولى ذلك بأجرة، حتَّى إن المنخل (3) لم يعرف بينهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا رأى النقي، وكانوا يجدون لذلك مشقة، مع شغلهم بالغزو والعلم والعبادة. فلهذا لما غلا السعر قال له رجل: يا رسول الله سعر لنا! ، قال:"بل أدعو الله لكم"(4)، فلما كثر ذلك منهم قال: "إن الله هو الخافض الرافع المسعر القابض الباسط، وإني أحب أن ألقى الله وليس
(1) يشير إلى أمره صلى الله عليه وسلم بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب.
(2)
إضافة لتوضيح السابق.
(3)
قال في الصحاح (5/ 1827): "نخل الدقيق غربلته، والنخالة: ما يخرج منه، والمنخل: ما ينخل به. . ".
(4)
رواه أبو داود برقم (3450) كتاب البيوع، وإسناده حسن كما ذكر الحافظ في تلخيص الحبير (3/ 14)، وقد ذكره الشيخ الألباني في كتابه صحيح أبي داود برقم (2944).
أحد منكم يطالبني بمظلمة" (1).
فلم يكونوا يحتاجون إذ ذاك إلى الشعير، وكان من قدم بالحب مؤمنًا أو كافرًا أو يهوديًا أو نصرانيًّا باعه، وتيسر به الناس، فكانوا يفرحون بالجالبين.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون"(2).
وقال: "لا يحتكر إلَّا خاطئ" رواه مسلم (3).
وأما ما جاء في قفيز الطحان من النهي فهذا لا أصل له (4)، لأنه لم
(1) رواه الترمذي برقم (1314) كتاب البيوع، وأبو داود برقم (3451) كتاب البيوع، وابن ماجة برقم (2200) كتاب التجارات، والدارمي برقم (2545) كتاب البيوع، وأحمد برقم (12181)، وهو حديث صحيحًا وقد ذكره الشيخ الألباني في كتابه صحيح أبي داود برقم (2945)، وفي كتابه صحيح ابن ماجة برقم (1787).
(2)
حديث ضعيف، رواه ابن ماجة برقم (2153) كتاب التجارات، والدارمي برقم (2544) كتاب البيوع، وابن عدي في الكامل (5/ 213)، والعقيلي في الضعفاء (3/ 231) وفيه علي بن زيد بن جدعان، وعلي بن سالم بن شوال، وقيل: ابن ثوبان، وهما ضعيفان، تهذيب التهذيب (7/ 283، 286)، وضعفه الحافظ ابن حجر في الفتح (4/ 348)، وفي تلخيص الحبير (3/ 13)، وذكره الألباني في كتابه ضعيف أبي داود برقم (471)، وضعفه في مشكاة المصابيح (2/ 874).
(3)
رواه مسلم برقم (1605) 3/ 1227 كتاب المساقاة باب تحريم الاحتكار في الأقوات، والترمذي برقم (1267) كتاب البيوع، وأبو داود برقم (3447) كتاب البيوع، وابن ماجة برقم (2145) كتاب التجارات، والدارمي برقم (2543) كتاب البيوع، وأحمد برقم (26703).
(4)
القفيز هو: مكيال، كما في الصحاح (3/ 892)، والقاموس المحيط (670)، وقال الإمام النووي في المجموع:"القفيز مكيال معروف. . . وأصل القفيز مكيال يسع اثني عشر صاعًا، والصاع خمسة أرطال وثلث بالغدادي".
وقد ورد النهي عنه في حديث رواه الدارقطني في سننه (3/ 47)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 339) عن أبي سعيد الخدري نهى عن عسيب الفحل وعن قفيز الطحان، وذكر الزيلعي في نصب الراية (4/ 141) أن أبا يعلى أخرجه في مسنده، وذكره عبد الحق في أحكامه، وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (4/ 416) إنه منكر وراويه لا يعرف، وقال الحافظ في لسان الميزان (6/ 198) إنه منكر، وذكر نحو ذلك في تلخيص الحبير (3/ 60) عن ابن القطان والذهبي.
وذكره الحافظ في المطالب العالية برقم (1420) من مسند مسدد عن =
يكن يومئذ بالمدينة طحان ولا خباز، لعدم حاجتهم إلى ذلك، كما أن المسلمين لما فتحوا البلاد كان الفلاحون (1) كفارًا، فاستعملوهم فيها حتَّى أغناهم الله عنهم.
ولهذا ذهب طائفة من أهل العلم كمحمد بن جرير الطبري (2)، أن الكفار لا يقرون في دار الإسلام بالجزية، إلَّا إذا كان أهل القبلة يحتاجون إليهم، فإذا استغنوا عنهم أجلوهم (3)، كما أجلى النبي صلى الله عليه وسلم بني
= عبد الرحمن بن أبي نعيم، وقال:"هذا مرسل حسن، أخرجه الدارقطني موصولًا بذكر أبي سعيد من وجه آخر عن عبد الرحمن".
وقال ابن الأثير في النهاية (4/ 90): "وفيه أنَّه نهى عن قفيز الطحان، وهو أن يستأجر رجلًا ليطحن له حنطة معلومة بقفيز من دقيقها، والقفيز مكيال يتواضع الناس عليه".
فثبت أن المرفوع لم يصح، وهذا ما جزم به المصنف رحمه الله تعالى.
وقال الحافظ في تلخيص الحبير (3/ 60): "وقفيز الطحان فسره ابن المبارك أحد رواة الحديث بأن صورته أن يقال للطحان: اطحن كذا وكذا بزيادة قفيز من نفس الطحين، وقبل هو طحن الصبرة لا يعلم مكيلها".
(1)
في نسخة الأصل: الفلاحين، وهو خطأ.
(2)
هو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير، نعته الذهبي بقوله: (الإمام العلم المجتهد، عالم العصر، أبو جعفر الطبري، صاحب التصانيف البديعة من أهل آمل طبرستان. . وكان من أفراد الدهر علمًا وذكاء وكثرة تصانيف، قل أن ترى العيون مثله"، وقال عنه أيضًا: وكان من كبار أئمة الاجتهاد، وهو إمام في التفسير والحديث والفقه والتاريخ، وغيرها من العلوم، وله تفسيره المعروف جامع البيان والتأويل أجل كتب التفسير وأوفرها حظًا عند أولي العلم، قال عنه ابن كثير: "وله التفسير الكامل الَّذي لا يوجد له نظير"، وتاريخه المشهور تاريخ الأمم والملوك، وتهذيب الآثار لولا أنَّه لم يتمه، وكان قويًّا في الحق لا تأخذه في الله لومة لائم، مع كثرة ما كان يلقاه من الأذى من الجهال والحاسدين، وقد نسب إلى بعض تشيع، ولا يثبت ذلك عنه، مات رحمه الله سنة 310 هـ، وقد قارب التسعين عامًا.
تاريخ بغداد (2/ 162)، المنتظم لابن الجوزي (6/ 170)، وفيات الأعيان (4/ 191)، سير أعلام النبلاء (14/ 267)، ميزان الاعتدال (3/ 498)، البداية والنهاية (11/ 156)، لسان الميزان (5/ 100)، شذرات الذهب (4/ 53).
(3)
جامع البيان والتأويل (10/ 63). =
النضير (1)، وأجلى عمر رضي الله عنه أهل خيبر (2)، وهو موضع خلاف بين أهل العلم، ليس هذا موضع بسطه.
والغرض هنا إذا كان الكافر الَّذي هو عدو الملة، يجاور ويعامل ويعطى أجرة المثل عند الحاجة، ولا يحل ظلمه في شيء، فكيف المسلم إذا قام بما يجب عليه من مصالح إخوانه، من طحن بر (3) وإصلاح خبز (4) وتسوية طعام، وإحكام بناء، ونسج ثوب، وغير ذلك، مما هو فرض
= ويقول تلميذ المصنف الحافظ ابن قيم الجوزية في زاد المعاد (3/ 348) في سياق أحكام غزوة خيبر: "ومنها: جواز إجلاء أهل الذمة من دار الإسلام إذا استغني عنهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نقركم ما أقركم الله" وقال لكبيرهم: "كيف بك إذا رقصت بك راحلتك نحو الشام يومًا ثم يومًا"، وأجلاهم عمر بعد موته صلى الله عليه وسلم، وهذا مذهب محمد بن جرير الطبري، وهو قول قوي يسوغ العمل به إذا رأى الإمام فيه المصلحة".
قلت: وإن كان أكثر أهل العلم على خلاف هذا القول، حتَّى حكى بعضهم الاتفاق على ذلك، وأن أهل الذمة يقرون بالجزية في غير جزيرة العرب، وليس لأحد أن يخرجهم ما لم ينقضوا العهد، وهذه المسألة معروفة في كتب الفقهاء، حتى إنهم لم يكادوا يذكروا قولًا غيره.
(1)
روى البخاري (3/ 97) تعليقًا عن عروة بن الزبير أن إجلاء بني النضير كان بعد ستة أشهر من غزوة بدر في غزوة أحد، وذكر ابن جرير أن ذلك وقع سنة أربع للهجرة، وتبعه ابن كثير على ذلك، وقد كان إجلاء يهود بني النضير بعد أن نقضوا العهد، وأرادوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم بإلقاء الرحا عليه صلى الله عليه وسلم، وهو جالس تحت جدار، حين ذهب إليهم يستعين بهم في دية من قتلهما عمرو بن أمية الضمري، فأظهر الله غدرهم وفضح كيدهم لنبيه صلى الله عليه وسلم، فخرج مسرعًا إلى المدينة، ثم أرسل إليهم يأمرهم بالخروج، فأبوا، فغزاهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وحاصروهم وقطعوا نخلهم وحرقوه، فخذلهم الله، ووافقو على الخروج صاغرين، فكانت أموالهم فيئًا خالصة للنبي صلى الله عليه وسلم، لم يخمسها، لأن المسلمين لم يوجفوا عليها بخيل ولا ركاب، وأنزل الله خبرهم في سورة الحشر.
انظر حول ذلك: سيرة ابن هشام (2/ 190)، تاريخ ابن جرير (2/ 83)، دلائل النبوة (3/ 354) السيرة النبوية للذهبي (1/ 378) البداية والنهاية (4/ 76).
(2)
قد تقدم بيان ذلك.
(3)
في نسخة الأصل: "بره"، وقد حذفنا الهاء ليستقيم المعنى.
(4)
في نسخة الأصل: "خبزه"، وقد حذفنا الهاء أيضًا يستقيم المعنى.