الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[العلم النافع هو ما قام عليه دليل عن النبي عليه الصلاة والسلام]
واعلم رحمك الله أن كل ما قام عليه الدليل فهو علم، والنافع من ذلك ما كان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (1)، لقوله عليه السلام:"من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنّة" الحديث (2).
وكان شيخنا يقول (3): الشريعة المحمدية، والآداب النبوية، نور الله في أرضه وعدله بين خلقه.
[مكاتبة النبي عليه الصلاة والسلام العالم، ودعوتهم إلى الإسلام]
ولقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الرسل إلى ملوك الأرض (4)، فبعث إلى
(1) يقول المصنف في مجموع الفتاوى (20/ 664) في وصيته لأبي القاسم المغربي: "لكن جماع الخير أن يستعين بالله سبحانه في تلقي العلم الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه هو الَّذي يستحق أن يسمى علمًا، وما سواه إما أن يكون علمًا فلا يكون نافعًا، إما أن لا يكون علمًا، وإن سمي به، ولئن كان علمًا نافعًا فلا بد أن يكون في ميراث محمد صلى الله عليه وسلم ما يغني عنه مما هو مثله وخير منه. . . وليجتهد أن يعتصم في كل باب من أبواب العلم بأصل مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم. . . . ".
(2)
رواه مسلم في صحيحه برقم (2699) 4/ 2074 كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، والترمذي برقم (2646) كتاب العلم، وابن ماجة برقم (255) في المقدمة، وأحمد برقم (7379) وهو جزء، من حديث أوله:(من نفس عن مؤمن كربة. . .)، ورواه أحمد مختصرًا برقم (8117)، ورواه ابن ماجة برقم (223) في المقدمة والدارمي برقم (342) في المقدمة، من حديث طويل معروف جاء فيه:(وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع. . . .).
(3)
لعلها مقحمة من أحد تلامذة شيخ الإسلام الَّذي بيض هذه النسخة من مسودة المؤلف، والله أعلم.
(4)
روي مسلم في صحيحه برقم (1774) 3/ 1397 كتاب الجهاد والسير عن أنس رضي الله عنه: "أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وإلى قيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله. . "، ورواه الترمذي برقم (2716) كتاب الاستئذان والآداب، ورواه البيهقي في دلائل النبوة (4/ 376)، وزادا فيه: كتب قبل موته.
وروى ابن أبي عاصم في كتاب الآحاد والمثاني (1/ 445)، والطبراني في المعجم الكبير (8/ 20) عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب أصحابه يومًا، وأنه أراد أن يبعثهم بكتب لدعوة ملوك الناس إلى الإسلام، وأنه يخشى اختلافهم، كما اختلاف الحواريون على عيسي بن مريم، فبعث دحية التي قيصر، وبعث شجاع بن وهب الأسدي إلى المنذر بن الحارث ملك الغساسنة، وعبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى، وحاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس، والعلاء بن =
كسرى (1)، وقيصر (2)، وملك الإسكندرية (3)،
= الحضرمي إلى المنذر صاحب هجر، وسليط بن عمرو إلى هوذة بن علي صاحب اليمامة، وعمرو بن العاص إلى ملك عثمان، وعمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي، فمضوا لذلك ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان في إسنادهما مقال.
وقد اختلف أهل العلم والتواريخ والسير في وقت إرسال ذلك، فذهب الواقدي وابن جرير إلى أن ذلك وقع أواخر سنة ست للهجرة، وذهب ابن سعد وابن قيم الجوزية إلى أن ذلك كان سنة سبع من الهجرة في المحرم، ومال البيهقي وابن كثير إلى وقوع ذلك بعد غزوة مؤتة سنة ثمان للهجرة، ولا خلاف بينهم جميعًا في أن ذلك كان قبل فتح مكة وبعد صلح الحديبية، لما ثبت في الصحيح من قول أبي سفيان لهرقل:"ونحن منه في مدة، لا ندري ما هو صانع فيها"، ومن المحتمل أن بعض هذه الكتب قد تقدم على بعض في التاريخ، وإلى ذلك أشار ابن جرير رحمه الله، وقال: إنه مذهب ابن إسحاق والله أعلم، تاريخ ابن جرير (2/ 128)، الطبقات الكبري لابن سعد (1/ 257)، الثقات لابن حبان (2/ 1)، دلائل النبوة (4/ 377)، زاد المعاد (1/ 119)، البداية والنهاية (4/ 262).
(1)
ثبت في صحيح البخاري برقم (4424) كتاب المغازي أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث كتابًا إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة السهمي رضي الله عنه، فدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه إلى كسرى فمزقه، فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم بأن يمزق الله ملكه، فكان ذاك، وذكر أن اسم كسرى هو أبرويز بن هرمز بن آنوشروان، وخبر كتاب النبي صلى الله عليه وسلم في تاريخ ابن جرير (2/ 132)، ودلائل النبوة (4/ 387)، وزاد المعاد (1/ 120)، (3/ 688)، والبداية والنهاية (4/ 268).
(2)
ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث كتابًا إلى قيصر مع دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه، كما في حديث ابن عباس، وقصة أبي سفيان مع قيصر الروم هرقل، الَّذي هم بالإسلام وكاد ولم يفعل، وقال:"ولو أني أعلم أني أخلص إليه، لأحببت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه، وليبلغن ملكه ما تحت قدمي"، والحديث رواه البخاري برقم (7) كتاب بدء الوحي، ومسلم برقم (1773) 3/ 1393 كتاب الجهاد والسير باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام، وخبر كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر في تاريخ ابن جرير (2/ 128)، ودلائل النبوة (4/ 377)، وزاد المعاد (1/ 688)، (3/ 120)، البداية والنهاية (4/ 262).
(3)
ملك الإسكندرية هو المقوقس جريج بن ميناء عظيم القبط، وقد بعث إليه صلى الله عليه وسلم كتابًا صحبة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه، فقال خيرًا، وقارب الأمر ولم يسلم، وأهدى للنبي صلى الله عليه وسلم عدة جوار، منهن مارية التي أصبحت فيما بعد أم ولد النبي صلى الله عليه وسلم إبراهيم رضي الله عنه وأرضاه، وغلامًا خصيًا، وجملة هدايا أخرى، وأخطأ من قال: إنه =
وإلى أكيدر دومة (1)، وغيرهم من ملوك الأطراف، وكب إليهم كتبًا، وذلك ما عرف ونقل واشتهر.
وإنما بعث إلى كل واحد منهم رجلًا من أصحابه، ودعاهم إلى الله وإلى التصديق برسالته لإقامة (2) الحجة وظهور الدعوة وقطع العذر لقوله
= قد أسلم، بل حاله في ذلك كحال رئيسه هرقل.
وقد ورد ذكر بعث حاطب خاصة في رواية عند الحاكم في المستدرك (3/ 300)، وعند البيهقي في دلائل النبوة (4/ 395)، وخبر كتاب النبي صلى الله عليه وسلم: إلى المقوقسي ملك الإسكندرية في طبقات ابن سعد (1/ 133)، (3/ 114)، وتاريخ ابن جرير (2/ 128، 134)، وزاد المعاد (1/ 122)، (3/ 691)، البداية والنهاية (4/ 271) الإصابة (1/ 300)، (3/ 530)، (4/ 404).
(1)
آكيدر دومة هو: أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجن الكندي، وكان نصرانيًا، وأكيدر تصغير لأكدر، ودومة هي دومة الجندل، مدينة بقرب تبوك بين الشام والحجاز، كما ذكر الحافظ، وذكر أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليه كتابًا، وأرسل إليه سرية كما في الفتح (5/ 231).
والمعروف في السير أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب له كتابًا بعد وقوعه في الأسر وإطلاقه، وإقراره على بلدة، كما ذكر موسى بن عقبة، فيما نقله عنه الحافظ ابن قيم الجوزية في زاد المعاد.
كما أن ذكر أكيدر دومة هذا، ورد في سياق غزوة تبوك، عند أهل المغازي والسير والتاريخ، ولم يرد ذكره -فيما اطلعت عليه من مصادر- في باب مكاتبة النبي صلى الله عليه وسلم لملوك ورؤساء الدول في ذلك الزمن، ولعل النبي صلى الله عليه وسلم كاتبه فيمن كاتب قبل ذلك، والله أعلم.
وقد ثبت في الصحيحين أن أكيدر دومة أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهدية جميلة من لباس، وعجب الصحابة منها، وأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن مناديل سعد بن معاذ، رضي الله عنه في الجنّة خير منها، وروي ذلك البخاري برقم (2473)، ومسلم برقم (2071) 3/ 1645، وابن حبان في صحيحه برقم (7037) 15/ 509.
وروى أبو داود برقم (3037)، والنسائي برقم (5302)، وأحمد برقم (12245)، والبيهقي (9/ 187) وسياقه أطولها، أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إلى أكيدر دومة سرية مع خالد بن الوليد، وأنه أسر ثم أطلق.
وقال ابن منده وأبو نعيم: إنه أسلم، وهذا خطأ كما ذكر الحافظ في الإصابة (1/ 126). وخبر أكيدار دومة في سيرة ابن هشام (2/ 526)، الثقات لابن حبان (2/ 73)، تاريخ ابن جرير (2/ 185)، زاد المعاد (3/ 538)، البداية والنهاية (5/ 16).
(2)
الكلمة في نسخة الأصل غير واضحة تمامًا، وأقرب ما تكون المثبتة أعلاه.