الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، وإنا لا نصل إليك إلَّا في شهر حرام، فمرنا بأمر فصل نعمل به، وندعو إليه من وراءنا، وأرادوا بذلك أهل نجد من تميم وأسد وغطفان وغيرهم كانوا كفارًا، فهؤلاء كانوا صادقين راغبين في طلب الدين فإذا أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأقوال وأعمال ظاهرة فعلوها باطنًا وظاهرًا فكانوا بها مؤمنين. وأما إذا قرن الإيمان بالإسلام فإن الإيمان في القلب والإسلام ظاهر كما في المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"الإسلام علانية والإيمان في القلب"(1).
[اقتضاء الإيمان القلبي الاستسلام لله عز وجل]
والإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت، وتؤمن بالقدر خيره وشره، ومتى حصل له هذا الإيمان، وجب ضرورة أن يحصل له الإسلام، الَّذي هو الشهادتان والصلاة والزكاة والصيام والحج، لأن إيمانه بالله وملائكته ورسله يقضي الاستسلام لله والانقياد له، وإلا فمن الممتنع أن يكون قد حصل له الإقرار والحب والانقياد باطنًا، ولا يحصل ذلك في الظاهر مع القدرة عليه، كما يمتنع وجود الإرادة الجازمة مع القدرة بدون وجود المراد.
وبهذا تعرف أن من آمن قلبه إيمانًا جازمًا، امتنع أن لا يتكلم بالشهادتين مع القدرة، فعدم الشهادتين مع القدرة مستلزم لانتفاء (2) الإيمان
(1) رواه أحمد برقم (11973)، وأبو يعلى برقم (2923) 5/ 301، وقال محققه الشيخ حسين أسد:"إسناده حسن"، ورواه ابن عدي في الكامل (5/ 207)، وابن حبان في المجروحين من المحدثين (2/ 111)، والعقيلي في الضعفاء (3/ 250)، ومدار الحديث على علي بن مسعدة، اختلف فيه، فقد وثقه أبو داود الطيالسي، وقال عنه ابن معين: صالح (تهذيب التهذيب 6/ 334)، وقال أبو حاتم؛ لا بأس به (6/ 204)، وقال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب: صدوق له أوهام (405) لكن قال البخاري: فيه نظر (تهذيب التهذيب 6/ 334)، وقال الثاني: ليس بالقوي، وقال أبو داود: فيه ضعف (تهذيب الكمال 21/ 129)، وقال ابن حبان في المجروحين من المحدثين (2/ 111): لا يتابع عليه، فاستحق ترك الاحتجاج به بما لا يوافق الثقات من الأخبار، وقال الذهبي: فيه ضعف، وأما أبو حاتم فقال: لا بأس به (الكاشف 2/ 47)، وما دام أن علي بن مسعدة قد انفرد بهذا الحديث، فالحديث ضعيف، ولكن ضعفه ليس شديدًا، وبهذا يشعر صنيع المؤلف حين ساق الحديث.
(2)
في (ط): "انتفاء".