الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[متى تصبح فروض الكفاية فروض أعيان
؟ ]
والمقصود هنا أن هذه الأعمال التي هي فرض كفاية متى وقعت الضرورات إلى شيء منها تعينت، وصارت من الواجبات، لا سيما إن كان الذي تلجئ الضرورة إليه غير عاجز عن القيام بالقدر المطلوب من ذلك.
فإذا كان الناس يحتاجون إلى نساجة قوم، أو فلاحتهم، صار ذلك العمل واجبًا عليهم، يجبرهم ولي الأمر عليه، فإذا قاموا بما وجب عليهم من الفلاحة، وجب عليه منهم أن يظلموا، ولا يمكن الجند من انتقاصهم من حقهم، فإن الجند لا بد لهم من الفلاحين، فيلزمون أن لا يمنعوا الفلاح حقه، كما أنهم يلزمون أن يقوموا بالفلاحة.
[جواز المزارعة]
والمزارعة (1) صحيحة ماضية، وهي عمل المسلمين على عهد نبيهم، وخلفائه الراشدين، وعليها عمل آل أبي بكر، وآل عمر، وآل عثمان، وآل علي رضي الله عنهم، وهو مذهب عامة المهاجرين والأنصار، وهو قول أكابر
= كتاب الخراج والإمارة والفيء، والدارمي برقم (1669) كتاب الزكاة، وأحمد برقم (23078).
(1)
يقول الحافظ الفقيه ابن قدامة الحنبلي في المغني (5/ 581): "المزارعة هي دفع الأرض إلى من يزرعها، أو يحمل عليها، والزرع بينهما، وهي جائزة في قول كثير من أهل العلم".
وقد اختلف أهل العلم في حكمها، فذهب المالكية والحنابلة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن من الأحناف إلى جوازها، وذهب أبو حنيفة إلى عدم جوازها مطلقًا، وأما الشافعية فأجازوها في الأرض ذات الشجر، ومنعوها في الأرض البيضاء.
حاشية الدسوقي (3/ 372)، كشاف القناع (3/ 532)، حاشية ابن عابدين (6/ 275)، روضة الطالبين (5/ 168)، وقد نصر المصنف القول بجوازها في مواضع كثيرة، وأطال في الاستدلال على جوازها، ومن هذه المواضع في مجموع الفتاوى:(25/ 60 - 62)(29/ 88 - 90)، (30/ 121 - 125).
يقول الحافظ ابن القيم الجوزية رحمه الله في زاد المعاد (3/ 345) في بعض أحكام غزوة خيبر الفقهية: "ومنها جواز المساقاة والمزارعة بجزء مما يخرج من الأرض من ثمر أو زرع، كما عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر على ذلك، واستمر ذلك إلى حين وفاته لم ينسخ البتة، واستمر عمل خلفائه الراشدين عليه، وليس هذا من باب المؤاجرة في شيء، بل من باب المشاركة، وهو نظير المقاربة سواء، فمن أباح المضاربة، وحرم ذلك، فقد فرق بين متماثلين".
الصحابة، كابن مسعود وأمثاله، وهو مذهب علماء الحديث، كأحمد، وإسحاق، وأبي بكر بن المنذر (1)، والليث بن سعد، وابن أبي ليلى (2)، وأبي يوسف (3)، ومحمد (4)، وغيرهم من فقهاء المسلمين، كان النبي صلى الله عليه وسلم
(1) هو الإمام الحافظ العلامة شيخ الإسلام أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري الفقيه نزيل مكة -كما قال الذهبي-، وكان يلقب بشيخ الحرم وفقيه مكة، من الأئمة المجتهدين، والشافعية يعتبرونه أحد أكابر علمائهم، ومصنفاته في الخلاف لم يسبق إليها، صاحب التصانيف النافعة، ومنها: السنن، اختلاف العلماء، المبسوط، الأوسط، الإشراف على مذاهب العلماء، الإقناع، الإجماع، اختلف في تاريخ وفاته على أقوال، أقربها أنها كانت في سنة 318 هـ.
مرآة الجنان (2/ 261)، وفيات الأعيان (4/ 207)، سير أعلام النبلاء (14/ 490)، ميزان الاعتدال (3/ 450)، طبقات الشافعية للسبكي (3/ 102)، لسان الميزان (5/ 207)، شذرات الذهب (4/ 89).
(2)
هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال عنه الذهبي: العلامة الإمام مفتي الكوفة وقاضيها، أبو عبد الرحمن الأنصاري الكوفي، مات أبوه وهو صبي، وحدث عنه شعبة والثوري وابن عيينة، وكان نظيرًا للإمام أبي حنيفة في الفقه، ولكنه كان سيء الحفظ في الحديث، مات سنة 148 هـ.
التاريخ الكبير (1/ 162)، سير أعلام النبلاء (6/ 310)، ميزان الاعتدال (3/ 613)، البداية والنهاية (10/ 108)، شذرات الذهب (2/ 222).
(3)
هو أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبب البجلي نسبًا الأنصاري حلفًا الكوفي الصلاة، قال عنه الذهبي:"هو الإمام المجتهد العلامة المحدث، قاضي القضاة"، وهو أول من لقب بقاضي القضاة، وكان يقال له: قاضي قضاة الدنيا، روى عن هشام بن عروة ويحيى بن سعيد الأنصاري، ولزم أبا حنيفة وتفقه به، وهو أكبر أصحابه وأنبل تلامذته، وحدث عنه جميع من المحدثين، ومنهم يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وغيرهما، وكان أكثر أصحاب أبي حنيفة ميلًا إلى الحديث، وكان الخليفة العباسي الرشيد يبالغ في إجلاله وإكرامه، مات أبو يوسف سنة 182 هـ.
الجرح والتعديل (9/ 201)، تاريخ بغداد (14/ 242)، الأنساب للسمعاني (1/ 284)، وفيات الأعيان (6/ 378) سير أعلام النبلاء (8/ 535)، النهاية والنهاية (10/ 182)، شذرات الذهب (2/ 367).
(4)
هو محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني بالولاء، قال الذهبي: "العلامة فقيه العراق صاحب أبي حنيفة، أخذ الفقه على الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف، والحديث عن الإمام مالك وروى عنه الموطأ، وروايته له من أجود الروايات، وأخذ عنه الإمام الشافعي كثيرًا، وامتدحه وبالغ في إطرائه، وقد ولي القضاء للرشيد بعد موت أبي =