الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خردل" (1)، فهذا يبين أن القلب إذا لم يكن فيه بغض ما يكرهه الله من المنكرات كان عادمًا للإيمان، والبغض والحب من أعمال القلوب.
ومن المعلوم أن إبليس ونحوه يعلمون أن الله عز وجل حرم هذه الأمور ولا يبغونها، بل يدعون إلى ما حرمه الله ورسوله.
وأيضًا فهؤلاء القائلون بقول جهم والصالحي قد صرحوا بأن سب الله ورسوله، والتكلم بالتثليث، وكل كلمة من كلمات (2) الكفر، ليس هو كفر في الباطن، ولكنه دليل في الظاهر على الكفر، ويجوز مع هذا أن يكون السباب (3) الشاتم في الباطن عارفًا بالله موحدًا له مؤمنًا به، فإذا أقيمت عليهم حجة بنص أو إجماع أن هذا كافر باطنًا وظاهرًا، قالوا: هذا يقتضي أن ذلك مستلزم للتكذيب الباطن، وأن الإيمان يستلزم عدم ذلك، فيقال لهم: معنا أمران معلومان:
(أحدهما): بالاضطرار من الدين، و (الثاني): معلوم بالاضطرار من أنفسنا عند التأمل.
[سب الله ورسوله طوعًا كفر باطنًا وظاهرًا]
أما (الأول): فإنا نعلم أن من سب الله ورسوله طوعًا بغير كره، بل من تكلم بكلمات الكفر طائعًا غير مكره، ومن استهزأ بالله أو آياته، (4) ورسوله فهو كافر باطنًا وظاهرًا، وأن من قال: إن مثل هذا قد يكون في الباطن مؤمنًا بالله، وإنما هو كافر في الظاهر، فإنه قال قولًا معلوم الفساد بالضرورة من الدين.
وقد ذكر الله تعالى كلمات الكفار في القرآن، وحكم بكفرهم
(1) هذا جزء من حديث آخر رواه مسلم عقب الحديث الَّذي سبق، ولفظه:(ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي، إلَّا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراه ذلك من الإيمان حبة خردل) صحيح مسلم 1/ 70.
(2)
في (ط): "كلام".
(3)
في (م) و (ط)"الساب".
(4)
هذه الكلمة ليست في نسخة الأصل، وهي في (م) و (ط).
واستحقاقهم الوعيد، ولو كانت أقوالهم الكفرية بمنزلة شهادة الشهود عليهم، أو بمنزلة الإقرار الَّذي يغلط فيه المقر، لم يجعلهم الله عز وجل من أهل الوعيد بالشهادة التي قد تكون صدقًا، وقد تكون كذبًا، بل كان ينبغي أن لا يعذبهم إلَّا بشرط صدق الشهادة.
وهذا كقوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [المائدة: 73]{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 17، 72] وأمثال ذلك.
وأما (الثاني): فالقلب إذا كان معتقدًا صدق الرسول، وأنه رسول الله، وكان محبًا للرسول معظمًا له، امتنع مع هذا أن يلعنه ويسبه، بل (1) لا يتصور ذلك منه إلَّا مع نوع من الاستخفاف به وبحرمته، فعلم بذلك أن مجرد اعتقاده أنَّه صادق لا يكون إيمانًا إلَّا مع محبته وتعظيه بالقلب.
وأيضًا فإن الله تعالى قال: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [النساء: 51].
وقال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة: 256]، فتبين أن الطاغوت يؤمن به، ويكفر به، ومعلوم أن مجرد التصديق [بوجوده](2) وما هو عليه من الصفات، يشترك فيه المؤمن والكافر، فإن الأصنام والشيطان والسحر يشترك في العلم بحاله (3) المؤمن والكافر.
وقد قال الله تعالى في السحر: {حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)} [البقرة: 102]، فهؤلاء الذين اتبعوا ما تتلو الشياطين
(1) في (ط): "فلا يتصور".
(2)
في نسخة الأصل: "موجود"، وأثبتنا ما في (م) و (ط) لأنه أقرب.
(3)
أي بحال ذلك أي المتقدم ذكره.
على ملك سليمان، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، يعلمون أنه لا خلاق لهم في الآخرة ومع هذا يكفرون.
وكذلك المؤمن بالجبت والطاغوت (1) إذا كان عالمًا بما يحصل
(1) قال صاحب "القاموس المحيط": الجبت: الصنم، والكاهن، والساحر، والسحر، والذي لا خير فيه، وكل ما عبد من دون الله تعالى (191)، وقال صاحب "الصحاح":"كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك"(1/ 245)، والطاغوت يقول عنه صاحب "القاموس" اللات والعزى والكاهن والشيطان وكل رأس ضلال، والأصنام، وكل ما عبد من دون الله، ومردة أهل الكتاب، للواحد والجمع، . . . طواغيت وطواغ" (1685)، ويقول صاحب "الصحاح" عن الطاغوت: "الكاهن والشيطان، وكل رأس في الضلالة، قد يكون واحدًا، قال الله تعالى:{يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} وقد يكون جميعًا، قال تعالى:{أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ} . . . والجمع الطواغيت" (6/ 2413).
وقد روى البخاري معلقًا عن عمر رضي الله عنه قال: "الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان"، وقال عكرمة:"الجبت بلسان الحبشة الشيطان، والطاغوت الكاهن"، وقال الحافظ رحمه الله في الفتح (8/ 252):"وصله جد بن حميد في تفسيره، ومسدد في مسنده، وعبد الرحمن بن رستة في كتاب الإيمان، كلهم من طريق أبي إسحاق عن حسان بن فائد عن عمر مثله، وإسناده قوي "، وذكر مثل ذلك في التهذيب (2/ 220)، وقد أخرجه الحافظ في تغليق التعليق (4/ 196)، ورواه أيضًا سعيد بن منصور في سننه برقم (649) 4/ 1283 وقال محققه الدكتور سعد بن عبد الله آل حميد:"سنده ضعيف لأن حسان العبسي لم يوثقه أحد ممن يعتمد قوله، ولم أجد له متابعًا".
وقد رواه أيضاً ابن جرير الطبري في تفسيره، وأما أثر عكرمة فقد وصله عبد بن حميد بإسناد صحيح كما بين الحافظ في الفتح (8/ 252).
والطاغوت مشتق من الطغيان وهو مجاوزة الحد، تيسير العزيز الحميد (49) للشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، وذكر عن الحافظ ابن القيم أنه قال:"الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود، أو متبوع، أو مطاع، فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة الله" المصدر نفسه (50).
وقد أورد الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد أثر عمر في تفسير الجبت في باب ما جاء في السحر، وذكر رحمه الله أن الطاغوت قد =
بالسحر من التفريق بين المرء وزوجه، ونحو ذلك من الجبت، وكان عالمًا بأحوال الشيطان والأصنام وما يحصل بها من الفتنة، لم يكن مؤمنًا بها مع العلم بأحوالها، ومعلوم أنه لم يعتقد أحد فيها أنها تخلق الأعيان، وأنها تفعل ما تشاء، ونحو ذلك من خصائص الربوبية، ولكن كانوا يعتقدون أنه يحصل بعبادتها لهم نوع من المطالب، كما كانت الشياطين تخاطبهم من الأصنام، وتخبرهم بأمور، وكما يوجد مثل ذلك في هذه الأزمان في الأصنام التي يعبدها أهل الهند والصين والترك وغيرهم، وكان كفرهم بها الخضوع لها والدعاء والعبادة واتخاذها وسيلة ونحو ذلك، لا مجرد التصديق بما يكون عند ذلك من الآثار، فإن هذا يعلمه العالم من المؤمنين ويصدق بوجوده، لكنه يعلم ما يترتب على ذلك من الضرر في الدنيا والآخرة فيبغضه، والكافر قد يعلم وجود ذلك الضرر لكنه يحمله حب العاجلة على الكفر.
يبين ذلك قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107) أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (109)} [النحل: 106 - 109]، فقد ذكر تعالى من كفر بالله من بعد إيمانه وذكر وعيده في الآخرة ثم قال:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ} ، وبين تعالى أن الوعيد استحقوه بهذا.
ومعلوم أن باب التصديق والتكذيب والعلم والجهل ليس هو من باب
= يكون من الجن وقد يكون من الإنس، كتاب التوحيد (135)، (137)، ضمن رسائل الجامع الفريد. وذكر الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين في "القول المفيد على كتاب التوحيد" (1/ 469): أن المراد بالطاغوت من كان راضيًا باتخاذه طاغوتًا، أو يقال: هو طاغوت باعتبار عابديه وتابعيه ومطيعيه. وانظر كلام الحافظ ابن كثير في تفسيره (1/ 312)، والقرطبي في تفسيره (2/ 257، 3/ 215)، والسيوطي في "الدر المنثور"(2/ 564)، وغيرهم من المفسرين.
الحب والبغض وهؤلاء (1) يقولون: إنما استحقوا الوعيد لزوال التصديق والإيمان من قلوبهم، وإن كان ذلك قد يكون سببه حب الدنيا على الآخرة، والله تعالى جعل استحباب الدنيا على الآخرة هو الأصل الموجب للخسران (2)، واستحباب الدنيا على الآخرة قد يكون مع العلم والتصديق بأن الكفر يضر في الآخرة، وبأنه ما له في الآخرة من خلاق (3).
وأيضًا فإنه سبحانه وتعالى استثنى المكره من الكفار، ولو كان الكفر لا يكون إلا بتكذيب القلب وجهله لم يستثن منه المكره، لأن الإكراه على ذلك ممتنع، فعلم أن التكلم بالكفر كفر إلا (4) في حال الإكراه.
وقوله تعالى: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} أي: لاستحبابه الدنيا على الآخرة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "يصبح [الرجل] (5) مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا"(6).
والآية نزلت في عمار بن ياسر وبلال بن رباح، وأمثالهما من المؤمنين المستضعفين، لما أكرههم المشركون على سب النبي صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك من كلمات الكفر، فمنهم من أجاب بلسانه كعمار، ومنهم من صبر
(1) المقصود بهؤلاء الجهمية والصالحية ومن تابعهم على مذههم كالأشاعرة والماتريدية.
(2)
في (م) سقطت العبارة التالية: والله سبحانه وتعالى جعل استحباب الدنيا على الآخرة وهو الأصل الموجب للخسران.
(3)
الخلاق: النصيب، يقال: لا خلاق له في الآخرة، الصحاح (4/ 1471)، ويخطئ كثير من الناس في فهم هذه الكلمة، حيث يعتقدون أن لها علاقة بموضوع الأخلاق.
(4)
في (ط): "لا".
(5)
هذه الكلمة ليست في نسخة الأصل و (م)، وهي في (ط).
(6)
رواه مسلم برقم (118) 1/ 110 كتاب الإيمان باب، والترمذي برقم (2195) كتاب الفتن، وأحمد برقم (7970)، ورواه أبو داود برقم (4259) كتاب الفتن والملاحم، وابن ماجه برقم (3961) كتاب الفتن، وأول الحديث قوله صلى الله عليه وسلم:"بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم. . . " ورواية أبي داود وابن ماجه ليس فيهما قوله: (يبيع دينه بعرض من الدنيا).
على المحنة كبلال (1)، ولم يكره واحد (2) منهم على خلاف ما في قلبه، بل أكرهوا على التكلم به (3) فمن تكلم به (4) بدون الإكراه، لم يتكلم به (5) إلا وصدره منشرح به.
وأيضًا فقد جاء نفر من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنشهد إنك رسول الله) (6) ولم يكونوا مسلمين بذلك، لأنهم قالوا ذلك على سبيل الإخبار عما في أنفسهم، أي: نعلم ونجزم أنك رسول الله، قال:"فلم لا تتبعوني؟ "، قالوا:(نخاف من يهود)(7).
(1) روى الحاكم بسنده في المستدرك عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه قال: "أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر آلهتهم بخير، فلما أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما وراءك؟ قال: شر يا رسول الله! ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير، قال كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئن بالإيمان، قال: إن عادوا فعد". وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، (3/ 357)، ورواه ابن سعد في الطبقات (3/ 246)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 140).
وروى ابن ماجه (رقم 150) في المقدمة عن عبد الله بن مسعود قال: "كان أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمار، وأمه سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون وألبسوهم أدراع الحديد، وصهروهم في الشمس، فما منهم من أحد إلا وقد واتاهم على ما أرادوا، إلا بلالًا، فإنه هانت عليه نفسه في الله، وهان على قومه، فأخذوه فأعطوه الولدان، فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة، وهو يقول: أحد أحد"، وذكره الشيخ الألباني في كتابه صحيح ابن ماجه برقم (122)، والحاكم في المستدرك (3/ 284)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 149)، والبيهقي في دلائل النبوة (2/ 281)، وذكر الحافظ في الإصابة أن أبا إسحاق الجوزجاني روى في تاريخه من طريق منصور عن مجاهد قال: قال عمار: كل قد قال ما أرادوا يعني المشركين غير بلال، (1/ 165). وانظر تفسير الآيات الكريمة في تفسير القرطبي (10/ 163) وما بعدها، تفسير ابن كثير (2/ 588)، فتح القدير (3/ 196).
(2)
في (م) و (ط): "أحد".
(3)
كلمة "به" ليست في (ط).
(4)
كلمة "به" ليست في (م) و (ط).
(5)
كلمة "به" ليست في (م) و (ط).
(6)
في (م): "لرسول الله"، وفي (ط):"لرسول".
(7)
روى الترمذي (رقم 2733) في كتاب الاستئذان عن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: قال يهودي لصاحبه: اذهب إلى هذا النبي، فقال صاحبه: لا تقل نبي، إنه لو =
فعلم أن مجرد العلم والإخبار عنه ليس بإيمان حتى [يتكلم](1) بالإيمان على وجه الإنشاء المتضمن للالتزام والانقياد، مع تضمن ذلك للإخبار (2) عما في أنفسهم، فالمناففون قالوا مخبرين كاذبين، فكانوا كفارًا في الباطن، وهؤلاء قالوها غير ملتزمين ولا منقادين، فكانوا كفارًا في الظاهر والباطن.
= سمعك كان له أربعة أعين، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن تسع آيات بينات، فقال لهم:"لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الربا، ولا تقذفوا محصنة، ولا تولوا يوم الزحف، وعليكم خاصة اليهود أن لا تعتدوا في السبت"، قال: فقبلوا يده ورجله، فقالا: نشهد إنك نبي، قال:"فما يمنعكم أن تبعوني؟ " قالوا: "إن داود دعا ربه أن لا يزال في ذريته نبي، وإنا نخاف إن تبعناك أن تقتلنا اليهود" وقال عنه: "حديث حسن صحيح"، ورواه النسائي بنحوه برقم (4078) كتاب تحريم الدم. ورواه ابن ماجه مختصرًا جدًا برقم (3705) كتاب الأدب، وأحمد برقم (17626)، وأبو داود الطيالسي (160)، ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 215)، ورواه الحاكم في المستدرك (1/ 9) وقال: هذا حديث صحيح لا نعرف له علة بوجه من الوجوه ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، ورواه الطبراني في المعجم الكبير برقم (8/ 69)، ورواه العقيلي في الضعفاء (2/ 260)، وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (3/ 68):"وهو حديث مشكل، وعبد الله بن سلمة في حفظه شيء، وقد تكلموا فيه، ولعله اشتبه عليه التسع الآيات بالعشر كلمات، فإنها وصايا في التوراة لا تعلق لها بقيام الحجة على فرعون، والله أعلم"، وضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في كتابه ضعيف الترمذي برقم (517)، وكتابه ضعيف النسائي برقم (275)، وكتابه ضعيف ابن ماجه برقم (808).
قلت: ومن ضعف الحديث من أهل العلم فلأجل عبد الله بن سلمة هذا، ضعفه جماعة من أهل العلم، ورأى بعضهم أنه يصلح للاحتجاج، قال عنه البخاري: لا يتابع في حديثه، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به (تهذيب التهذيب 5/ 213)، وقال الذهبي: صويلح، (الكاشف 2/ 83)، وقال الحافظ عنه: صدوق تغير حفظه، (التقريب 306)، وقال بشار عواد معروف وشعيب الأرناؤوط في "تحرير تقريب التهذيب" (2/ 217) بعد أن ذكر قول الحافظ فيه: صدوق تغير حفظه: "بل ضعيف يعتبر به، . . . وقال شعبة وأبو حاتم والنسائي: تعرف وتنكر، وقال الدارقطني: ضعيف، . . . وما وثقه سرى يعقوب بن شيبة والعجلي".
قلت: ولعل أصل القصة صحيح، وإنما وهم ابن سلمة وخلط بين التسع آيات والوصايا العشر، كما بين ذلك الحافظ ابن كثير، والله تعالى أعلم.
(1)
في نسخة الأصل: "تتكلم" وأثبتنا ما في (م) و (ط) لأنه أقرب.
(2)
في (ط): "الإخبار".