الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الفضائل والسنن والمستحبات، ولكنهم لا يعملون بها، حتى ولو مرة واحدة في حياتهم.
خامسًا: محاسبة النفس، وفي ذلك يقول رحمه الله: "وأن يحاسب نفسه، ويطالبها بالخشية لله والحذر والمراقبة.
قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].
وقال عبد الله بن مسعود: من ازداد علمًا ولم يزدد هدى، لم يزدد من الله إلا بعدًا. وهذا باب واسع" (1).
الإحسان في أعمال الجوارح:
بقسم المصنف الإحسان في أعمال الجوارح إلى فرض عين، وفرض كفاية، وسنّة مؤكدة، وفضيلة، وفي ذلك يقول: "وأما الإحسان في أعمال الجوارح بعد إحكام قاعدة العلم فعلى أنواع: منه فرض عين، ومنه فرض كفاية، ومنه سنّة مؤكدة، ومنه فضيلة لا يسع من له عقل ومروءة أن يفوت نفسه حظها من ذلك، وذلك يختلف باختلاف الأحوال.
قال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: 90 - 91] " (2).
ثم شرع المصنف رحمه الله في بيان التعاون بين المسلمين الذي هو من الإحسان في أعمال الجوارح، فتحدث عن وجوب بذل المسلم بعض المنافع التي لا يضره بذلها، ويحتاج غيره إليها، ومن ذلك الدلو والفأس والقدر، وما إلى ذلك، وذكر أن هناك خلافًا في بذلها، هل يكون بأجرة المثل، أو يكون تبرعًا مجانًا، ورجح القول الثاني، وقال: إنه مذهب الصحابة والتابعين وأهل الحديث، وما عليه الكتاب والسنّة.
وقد استدل المصنف على ما رجحه بما يلي:
(1) المصدر السابق (588).
(2)
المصدر السابق (589).
قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)} [الماعون: 4 - 7].
وفي السنن عن ابن مسعود رضي الله عنه: "كنا نعد ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم عارية، الدلو والقدر والفأس ونحوهن" وفي الصحيح مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الخيل قال: "هي لرجل أجر، ولرجل ستر، فأما الذي هي له أجر، فرجل ربطها في سبيل الله، فشبعها وريها وبولها وروثها حسنات، وأما الذي هي له ستر، فرجل ربطها تعففًا وتغنيًا، فهو يرى حق الله في بطونها وظهورها".
وفي الصحيح خرجه البخاري مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "ومن حق الإبل إعارة ذكرها، وإطراق فحلها".
ثم قال: فلا يمنع المعروف من الناس بطلب الأجرة على مثل هذه الأشياء، فإن الله يأمر بالعدل والإحسان" (1).
وصدق رحمه الله، فلو قيل بوجوب دفع أجرة المثل، لانقطع المعروف بين الناس، وقل الإحسان فيهم، وسادت المادية بينهم.
ومن ذلك سماح الرجل لغيره بأن يجري ماؤه في أرضه ليعل إلى أرض صاحبه، من غير إضرار بصاحب الأرض، والراجح وجوب ذلك.
ومن ذلك أيضًا إعارة الحلي للمحتاجة من النساء، في نكاح أو عيد أو مناسبة، واستدل المصنف لذلك يقول عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن زكاة الحلي عاريته (2).
وبعد ذلك يأتي المصنف بقاعدة عظيمة شاملة لكل ما سبق، وهي ما عبر عنها بقوله: "وبذل هذه الأشياء يستحب تارة، ويجب أخرى بحسب الحاجة إليها، وكذلك بذل منافع البدن يجب تارة، فلا يحل منعها، كنصر المظلوم باللسان وباليد.
كما يجب بذل العلم، وإفتاء الناس، وتعليم الأمي ما وجب عليه،
(1) المصدر السابق (593).
(2)
المصدر السابق (593).