الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[القلب هو الأصل والبدن هو الفرع]
الأقوال والأعمال هو موجب ما في القلوب (1) ولازمه، ودليله ومعلوله، كما أن ما يقوم بالبدن من الأقوال والأعمال له أيضًا تأثير فيما في القلب، فكل منهما يؤثر في الآخر، لكن القلب هو الأصل والبدن فرع له، والفرع يستمد من أصله، والأصل يثبت ويقوى بفرعه، كما في الشجرة التي يضرب المثل لكلمة الإيمان بها (2).
قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} (3)[إبراهم: 24، 25]، وهو (4) كلمة التوحيد، فالشجرة كلما قوي أصلها وعروقها (5) وروي، قويت فروعها، وفروعها أيضًا إذا اغتذت بالمطر والريح أثر ذلك في أصلها.
وكذا (6) الإيمان في القلب، والإسلام علانية، ولما كانت الأقوال والأعمال الظاهرة لازمة ومستلزمة للأقوال والأعمال الباطة، كان يستدل بها عليها، كما في قوله تعالى:{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: 22]، فأخبر أن من كان مؤمنًا بالله واليوم الآخر لا يوجدون موادين لأعداء الله ورسوله؛ بل نفس الإيماد ينافي موادتهم (7)، فإذا حصلت الموادة دل ذلك على خلل الإيمان.
= أمامها: لعله "فما"، وهو موافق لما في (ط) وهو الَّذي أثبته حتى تستقيم العبارة.
(1)
في (ط): "القلب".
(2)
العبارة في (ط) كالتالي: "التي يضرب بها المثل لكلمة الإيمان".
(3)
وقع في الآية الكريمة خطأ في جميع النسخ، ففي نسخة الأصل و (م) جاءت الآية هكذا:{مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً. . . .} وفي (ط): {وضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا. . .} .
(4)
في (ط): وهي، حيث يعود الضمير على الشجرة، وأما ما أثبتناه فيعود الضمير على الأصل الَّذي يقوى بفرعه والعكس.
(5)
في (م) و (ط): "وعرق".
(6)
في (م) و (ط). "وكذلك".
(7)
في (ط): "مودتهم".
وكذلك قوله تعالى: {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ} [المائدة: 80، 81].
وكذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15)} [الحجرات: 15]، فأخبر تعالى أن هؤلاء هم الصادقون في قولهم: آمنا، ودل ذلك على أن الناس في تولهم آمنا: صادق وكاذب، والكاذب قيه نفاق بحسب كذبه.
قال تعالى في المنافقين: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)} [البقرة: 8 - 10] و (1) يكذبون هما (2) قراءتان مثسهورتان (3).
وفي الحديث: "أساس النفاق الَّذي بني عليه الكذب"(4).
(1) في (ط): "وفي".
(2)
كلمة "هما" ليست في (ط).
(3)
القراءة بالتخفيف (يكذبون) قرأ بها حمزة وعاصم والكسائي، وأما القراءة بالتشديد (يكذّبون) فقد قرأ بها نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب. الحجة في القراءات السبع لابن خالويه (68)، النشر في القراءات العشر لابن الجوزي (2/ 207)، وانظر: تفسير ابن كثير (1/ 49)، فتح القدير (1/ 42)، القراءات العشر المتواترة من طريقي الشاطبي والدرة في هامش القرآن الكريم (3) مراجعة وتدقيق الشيخ محمد كريم راجح.
(4)
لم أعثر على هذا الحديث فيما بحثت فيه من مصادر حديثية سترد في فهارس الكتاب بمشيئة الله تعالى، وقد ذكره المصنف مرة في مجموع الفتاوى (20/ 77) قائلًا: كما جاء في الأثر، وذكره غير مرة في مجموع الفتاوى منها:(10/ 12)، (20/ 75) دون أن يقول إنه حديث.
لكن روى الفريابي في "صفة المنافق"(52) عن الحسن قال: وكان يقال: "الأس الَّذي يبنى عيه النفاق الكذب" ورواته ثقات، فهو أثر صحيح على أية حال، وأما كونه حديثًا فلم يظهر لي فيه شيء حتَّى الآن، والله أعلم.