الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وثالثها): أنهم جعلوا ما يوجد من التكلم بالكفر من سب الله ورسوله والتثليث وغير ذلك، قد يكون مجامعًا لحقيقة الإيمان الذي في القلب، ويكون صاحبه ذلك مؤمنًا عند الله حقيقة، سعيدًا في الدار الآخرة، وهذا مما (1) يعلم فساده بالاضطرار من دين الإسلام.
(ورابعها): أنهم جعلوا من لم (2) يتكلم بالإيمان قط مع قدرته على ذلك، ولا أطاع الله طاعة ظاهرة مع وجوب ذلك عليه وقدرته عليه (3) قد (4) يكون مؤمنًا بالله تام الإيمان، سعيدًا في الدار الآخرة، وهذه الفضائح تختص (5) بها الجهمية دون المرجئة من الفقهاء وغيرهم.
[قولهم بتساوي إيمان الأنبياء مع الفساق]
(وخامسها): وهو يلزمهم ويلزم المرجئة أنهم قالوا: إن العبد قد يكون مؤمنًا تام الإيمان، إيمانه مثل [إيمان](6) الأنبياء والصديقين و [لو](7) لم يعمل خيرًا [لا صلاة](8) ولا صلة ولا صدق حديث، ولم يدع كبيرة إلا ركبها، فيكون الرجل عندهم، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان، وهو مصر على دوام الكذب والخيانة ونقض العهود، لا سجد (9) لله سجدة، ولا يحسن إلى أحد حسنة، ولا يؤدي أمانة، ولا يدع ما يقدر عليه من كذب وظلم وفاحشة إلا فعلها، وهو مع ذلك مؤمن تام الإيمان، إيمانه مثل إيمان الأنبياء، وهذا يلزم كل من لم يقل إن الأعمال الظاهرة من لوازم الإيمان الباطن، فإذا قال: إنها من لوازمه، وأن إيمان الباطن (10) يستلزم عملًا صالحًا ظاهرًا، كان بعد ذلك قوله: إن تلك الأعمال لازمة لمسمى الإيمان، أو جزءًا مه نزاعًا لفظيًا كما تقدم.
(وسادسها): أنه يلزمهم أن من سجد للصليب والأوثان طوعًا، وألقى
(1) كلمة "مما" ليست في (ط).
(2)
في (ط): "لا".
(3)
كلمة "عليه" ليست في (م) و (ط).
(4)
كلمة "قد" ليست في (ط).
(5)
في (م): "يختص".
(6)
ما بين المعكوفتين مضاف من (ط).
(7)
ما بين المعكوفتين مضاف من (ط).
(8)
ما بين المعكوفتين مضاف من (م) و (ط).
(9)
في (م) و (ط): "يسجد".
(10)
في (ط): "الإيمان الباطن".
المصحف في الحش عمدًا، وقتل النفس بغير حق، وقتل كل (1) من رآه يصلي، وسفك دم كل من رآه يحج البيت، وفعل ما فعلته القرامطة بالمسلمين (2)، يجوز أن يكون مع ذلك مؤمنًا وليًا لله، إيمانه كإيمان النبيين والصديقين.
لأن الإيمان الباطن إما أن يكون منافيًا لهذه الأمور، وإما أن لا يكون منافيًا.
فإن لم يكن منافيًا لها (3) أمكن وجودها معه، فلا يكون وجودها دالًا على (4) عدم الإيمان الباطن.
وإن كان منافيًا للإيمان الباطن كان ترك هذه من موجب الإيمان ومقتضاه ولازمه، فلا يكون مؤمنًا في الباطن الإيمان الواجب إلا من ترك هذه الأمور، فمن لم يترك (5) دل ذلك على فساد إيمانه الباطن.
لماذا كانت الأعمال والتروك الظاهرة لازمة للإيمان الباطن كانت من موجبه ومقتضاه، وكان من المعلوم أنها تقوى بقوته، وتضعف بضعفه (6)، وتزيد بزيادته، وتنقص بنقصانه، فإن الشيء المعلول لا يزيد إلا بزيادة موجبه ومقتضيه، ولا ينقص إلا بنقصان ذلك، فإذا جعل العمل الظاهر
(1) كلمة "كل" ليست في (م).
(2)
يشير المؤلف رحمه الله إلى بلوغ فتنة القرامطة غايتها باجتياحهم مكة المكرمة، ودخولهم المسجد الحرام، وقتلهم للطائفين والركع السجود، وذبحهم الحجيج، وردمهم بئر زمزم بالجثث، وقلعهم الحجر الأسود وأخذه إلى ديارهم، حيث ظل عندهم قرابة سبعة وعشرين عامًا، وقد كان ذلك سنة 317 هـ، ولمزيد من الاطلاع على أخبارهم، انظر: الكامل لابن الأثير (6/ 204)، وفيات الأعيان (3/ 459)، البداية والنهاية (11/ 170)، شذرات الذهب (4/ 81).
(3)
كلمة "لها" ليست في (ط).
(4)
في (ط): بدلًا من قوله: "دالًا على"، قوله:"إلا مع".
(5)
في (ط): "يتركها".
(6)
عبارة "وتضعف بضعفه" ليست في (ط)، وفي (م): كلمة "وتضعف" دون كلمة "بضعفه".