الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترك السجود ليس بكفر، ولا السجود لغير الله كفر ولكنه علم على الكفر لأن الله تعالى بين أنَّه لا يسجد للشمس إلَّا كافر (1).
[الكرامية]
قال: 12 - والفرتة الثانية عشرة (2) من المرجئة: الكرامية أصحاب محمد بن كرام (3) يزعمون أن الإيمان هو الإقرار والتصديق باللسان دون القلب، وأنكروا أن تكون معرفة القلب أو شيء غير الصديق باللسان إيمانًا.
[الجهمية والصالحية لا تدخلان عمل القلب في الإيمان]
فهذه الأقوال التي ذكرها الأشعري عن المرجئة، يتضمن أكثرها أنَّه لا بد في الإيمان من بعض أعمال القلوب عندهم، وإنما نازع في ذلك فرقة يسيرة كجهم والصالحي.
وقد ذكر أيضًا في المقالات جملة قول أصحاب الحديث وأهل السنة قال:
[حكاية الأشعري مقالة أهل السنة]
جملة ما عليه أصحاب الحديث [و](4) أهل السنة، الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله، وما جاء من عند الله، وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يردون من ذلك شيئًا، وأن الله سبحانه إله واحد فرد صمد، لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن الجنّة حق، وأن (5) النار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأن الله على عرشه كما قال:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5]، وأن له يدين بلا كيف، كما قال:{خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]، وكما قال:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64]، وإن له عينين كما قال:{تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14]، وأن له وجهًا كما قال: {وَيَبْقَى وَجْهُ
(1) هنا تفاوت يسير بين نسخة الأصل و (م) وهو ما أثبتاه أعلاه، وبين ما في (ط)، وعبارتها كالتالي: وكان يزعم أن السجود للشمس ليس بكفر، ولا السجود لغير الله كفر، ولكنه علم على الكفر. . .، وأما العبارة في المقالات فهي كالتي في (ط) غير أن فيها نقصًا وهو: ولا السجود لغير الله كفر. وهذا يقوي ما ذكرناه سابقًا من أن المصنف رحمه الله قد اطلع على نسخة تخالف ما اعتمد عليه محقق كتاب المقالات.
(2)
في (ط): "الثانية عشر".
(3)
تقدم التعريف بابن كرام وأتباعه الكرامية ص 309 من هذا الكتاب.
(4)
ما بين المعكوفتين لي في نسخة الأصل، وهو في (م) و (ط).
(5)
كلمة "أن" ليست في (ط).
رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} [الرحمن: 27]، وأن أسماء الله لا يقال إنها غير الله، كما قالت المعتزلة والخوارج إلى أن قال:
ويقولون: القرآن كلام الله غير مخلوق، والكلام في الوقف واللفظ بدعة، من قال بالوقف أو اللفظ فهو مبتدع عندهم، لا يقال اللفظ بالقرآن مخلوق، ولا يقال غير مخلوق، إلى أن قال: ولا يكفرون أحدًا من أهل القبلة بذنب يرتكبه، كنحو الزنا والسرقة وما أشبه ذلك، من الكبائر، وهم بما معهم من الإيمان مؤمنون، وإن ارتكبوا الكبائر.
والإيمان عندهم هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالقدر خيره وشره حلوه ومره، وأن ما أخطأهم لم يكن ليصيبهم، وأن ما أصابهم لم يكن ليخطأهم. والإسلام هو أن تشهد (1) أن لا إله إلَّا الله على ما جاء في الحديث، والإسلام عنده غير الإيمان إلى أن قال:
ويقرون بأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، ولا يقولون مخلوق ولا غير مخلوق، وذكر كلامًا طويلًا ثم قال في آخره:
وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول إليه نذهب (2).
فهذا قوله في هذا الكتاب، وافق فيه أهل السنة وأصحاب الحديث، بخلاف القول الذي نصره في الموجز.
والمقصود هنا أن عامة فرق الأمة تدخل ما هو من أعمال القلوب (3)، حتَّى عامة فرق المرجئة تقول بذلك (4).
وأما المعتزلة والخوارج وأهل السنة وأصحاب الحديث فقولهم في ذلك معروف (5)، وإنما نازع في ذلك من اتبع جهم بن صفوان من المرجئة.
(1) في (م): "نشهده"، وفي المقالات:"يشهد".
(2)
مقالات الإسلاميين (1/ 345 - 350).
(3)
أي في مسمى الإيمان، كما ذكر ذلك قل أن يسوق كلام الأشعري عن فرق المرجئة.
(4)
أي تقول بما ذكره المصنف من دخول عمل القلب في الإيمان.
(5)
حيث إن مذهب الخوارج والمعتزلة في الإيمان عندهم هو: اعتقاد بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح، وما دام أنهم قد أدخلوا أعمال الجوارح في الإيمان، فمن باب أولى أن يدخلوا أعمال القلوب.
وهذا القول شاذ كما أن قول الكرامية الذين يقولون [هو](1) مجرد قول اللسان شاذ أيضًا.
وهذا (2) مما ينبغي الاعتناء به، فإن كثيرًا ممن تكلم في مسألة الإيمان هل تدخل فيه) (3) الأعمال؟ وهل هو قول وعمل؟ يظن (4) أن النزاع إنما هو في أعمال الجوارح، وأن المراد بالقول قول اللسان، وهذا غلط، بل القول المجرد عن اعتقاد الإيمان ليس إيمانًا باتفاق المسلمين، إلَّا من شذ من اتباع ابن كرام، وكذلك تصديق القلب الَّذي ليس معه حب لله ولا تعظيم، بل فيه بغض وعداوة لله ولرسله، ليس إيمانًا باتفاق المسلمين، فليس مجرد التصديق بالباطن هو الإيمان عبد عامة المسلمين، إلَّا من شذ من أتباع جهم والصالحي (5)، وفي قولهما (6) من السفسطة العقلية والمخالفة في الأحكام الدينية أعظم مما في قول ابن كرام، وقول ابن كرام فيه مخالفة في الاسم دون الحكم، فإنه وإن سمى المنافقين مؤمنين يقول إنهم مخلدون في النار، فيخالف الجماعة في الاسم دون الحكم (7) وأتباع جهم يخالفون في الاسم والحكم جميعًا.
(1) هذه الزيادة من (ط) أضفناها لزيادة توضح المعنى.
(2)
في (م) و (ط): وهذا أيضًا.
(3)
في (م): "فيها".
(4)
في نسخة الأصل: فظن، وأثبتنا ما في (م) و (ط) لأنه أقرب إلى الصواب.
(5)
وقع في (ط) تقديم وتأخير في الكلام، ترتب عليه خلل كبير في المعنى، والنص الَّذي في (ط) هو: بل القول المجرد عن اعتقاد الإيمان ليس إيمانًا باتفاق المسلمين، فليس مجرد التصديق بالباطن هو الإيمان عند عامة المسلمين، إلَّا من شذ من أتباع جهم والصالحي، وفي قولهم من السفطة العقلية والمخالفة في الأحكام الدينية أعظم مما في قول ابن كرام إلا من شذ من أتباع ابن كرام، وكذلك تصديق القلب الَّذي ليس معه حب لله ولا تعظيم، بل في بغض وعداوة لله ورسله؛ ليس إيمانًا باتفاق المسلمين.
(6)
في (ط): "قولهم".
(7)
تقدم بيان هذه القضية، وذكرنا بعض من أخطأ في فهم مذهبهم حين قالوا: إن المنافق مؤمن، فظن أن حكمه في الآخرة كذلك؛ والصحيح خلاف ذلك، فإنهم وإن سموه مؤمنًا، إلَّا أنهم حكموا عليه في الآخرة بالخلود في النار، كما ذكر ذلك المصنف.