الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد، وغير ذلك من منافع الأبدان. . ".
ويفرع المصنف على منافع الأبدان منافع اللسان، ويذكر أن من منافع اللسان الشهادة بالحق، ويستطرد -حتمًا- إلى خلاف العلماء في جواز أخذ الأجرة على الشهادة، والأقوال في ذلك، ويختم بقوله عن الشهود:"وعلى الجملة فإنهم يكرمون، لأن الله بهم حفظ الحقوق، وأقام الحدود، وصان بهم الفروج والأنساب. . "(1).
فروض الكفاية:
ومن الإحسان في أعمال الجوارح ما ذكره المصنف وعده فرض كفاية، ومن ذلك: الفلاحة والزراعة، والصناعة، والنساجة، والبناية، والعمران، وكذلك الحرف اليدوية والمهنية، كالطحن، والعجن، والخبز وغير ذلك، وكذلك طلب العلم والجهاد في سبيل الله إذا لم يتعين، وكذلك غسل الموتى وتكفينهم والصلاة عليهم، وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذلك الولايات الدينية كإمرة المؤمنين، وما دونها من وزارة، وديونة، وإمرة حرب، وقضاء، وحسبة، وغير ذلك.
وقد استدل المصنف على وجوب ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتولى الأحكام والفتاوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود.
وكان يقوم بكل ما تعلق بالولايات الدينية، ويولي ما بعد عنه، ويؤمر على السرايا، ويبعث على الصدقة السعاة الذين يجبونها ممن هي عليه، ويدفعونها إلى مستحقيها، وكان عليه السلام يحاسب العمال (2).
قاعدة: يذكر المصنف قاعدة مفادها أن فروض الكفايات قد تنقلب إلى
(1) المصدر السابق (595).
(2)
المصدر السابق (596 - 599).
فروض أعيان متى ألجأت الضرورات إليها، وفي ذلك يقول:"والمقصود هنا أن هذه الأعمال التي هي فرض كفاية متى وقعت الضرورات إلى شيء منها تعينت، وصارت من الواجبات، لا سيما إن كان الذي تلجئ الضرورة إليه غير عاجز عن القيام بالقدر المطلوب من ذلك. . "(1).
ويضرب لتلك القاعدة مثالًا يقول فيه: "فإذا كان الناس يحتاجون إلى نساجة قوم، أو فلاحتهم، صار ذلك العمل واجبًا عليهم، يجبرهم ولي الأمر عليه.
فإذا قاموا بما وجب عليهم من الفلاحة، وجب عليه منعهم أن يظلموا، ولا يمكن الجند من انتقاصهم من حقهم، فإن الجند لا بد لهم من الفلاحين، فيلزمون أن لا يمنعوا الفلاح حقه، كما أنهم يلزمون أن يقوموا بالفلاحة. . ".
ثم تحدث المصنف عن المزارعة وأنها سنة صحيحة ماضية، باعتبارها من الإحسان في أعمال الجوارح، لأنها تعاون بين صاحب الأرض من جهة، وبين من يزرع الأرض ويقوم عليها من جهة أخرى.
وفي أثناء الاستدلال لصحتها ذكر رحمه الله انشغال الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين بالجهاد ونشر الإسلام، ولذا فقد عهد بزراعة خيبر بعد فتحها -على سبيل المثال- إلى أهلها. مع أن المصنف ينبه على ضرورة الاستغناء عن الكفار في كل ما يحتاجه المسلمون، إذا كانوا قادرين على القيام به.
ثم تحدث المصنف عن وجوب الجهاد ووجوب صناعة آلاته، ووجوبه على كل مسلم حسب طاقته، وفي ذلك يقول: "فكما أن الجهاد واجب، فعمل آلاته وبيعها إذا اضطر إليها عند قوم تعين وجوب العمل بأجرة المثل، وبذل الآلة بثمن المثل، أو بالمشترى الأول، وما يقع عليه الرضا من الكسب، فإنه إن بذل ذلك تبرعًا كان مجاهدًا، فإن المؤمن عليه أن يجاهد بيده وبلسانه وبقلبه، وعليه النفقة في عسره ويسره، ومنشطه
(1) المصدر السابق (600).