الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكل من أراد الله به خيرًا يفقهه في الدين، فمن لم يفقهه في الدين ليس كذلك.
والدين هو ما بعث الله به رسوله، وهو ما يجب على المرء تصديقه فيه، والعمل به، وعلى كل أحد أن يصدق محمدًا صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به تصديقًا عامًا، ويطيعه فيما أمر طاعة عامة، وإذا ثبت عنه خبر كان عليه أن يصدقه به تصديقًا مفصلًا، فإن كان مأمورًا فيه بأمر كان عليه أن يطيعه طاعة مفصلة. وكذلك غسل الموتى، وتكفينهم، والصلاة عليهم، وهو من
فروض الكفاية
.
[فروض الكفاية]
وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على الكفاية، وكذلك الولايات الدينية مثل إمرة المؤمنين وما دونها، من وزارة وديونة (1)، سواء (2) كانت كتابة خطاب، أو حساب، أو مقبوض، أو مصروف، من أرزاق المقاتلة، وغيرهم من إمرة حرب، وقضاء، وحسبة، فقد كان صلى الله عليه وسلم يتولى الأحكام، والفتاوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود.
[قيامه عليه الصلاة والسلام بالولايات الدينية]
وكان عليه السلام يقوم بكل ما يتعلق بالولايات الدينية، ويولي ما بعد عنه، كما ولى مكة عتاب بن أسيد (3)، وعلى الطائف عثمان بن أبي العاص (4)،
= باب، والترمذي برقم (2645) كتاب العلم، وابن ماجه برقم (220) في المقدمة، ومالك برقم (9667) كتاب الجامع، والدارمي برقم (334) في المقدمة، وأحمد برقم (2786)، والحديث من رواية معاوية رضي الله عنه في الصحيحين، ومن رواية أبي هريرة وابن عباس في غيرهما.
(1)
ديونة: تعني الديوان والدواوين، قال في الصحاح (5/ 2115):"الديوان أصله دوان، فعوض من إحدى الواوين، لأنه يجمع على دواوين، ولو كانت الياء أصلية لقالوا دياوين"، وقال في القاموس (1545):"الديوان مجتمع الصحف، والكتاب يكتب فيه أهل الجيش وأهل العطية، وأول من وضعه عمر رضي الله تعالى عنه".
(2)
في نسخة الأصل: "سواء أن".
(3)
انظر: تاريخ ابن جرير (2/ 167)، زاد المعاد (1/ 125).
(4)
انظر: تاريخ ابن جرير (2/ 180).
وبعث عليًا ومعاذًا وأبا موسى الأشعري إلى اليمن (1).
وكذلك كان يؤمر على السرايا، ويبعث على الصدقة السعاة يجبون الأموال الزكواتية (2)، يأخذونها ممن هي عليه، ويدفعونها إلى مستحقيها الذين سماهم الله في القرآن (3)، فيرجع الساعي إلى المدينة ليس معه إلا سوطه.
وكان عليه السلام يحاسب العمال ويستوثق، ويحاسبهم على المستخرج والمصروف (4).
كما في الصحيحين عن أبي حميد الساعدي: (أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلًا من الأسد (5) على الصدقة، فلما رجع حاسبه، فقال: هذا لكم، وهذا أهدي إلي! ! . .) الحديث، وفيه:"من استعملناه على عمل، فكتمنا مخيطًا فما فوقه، كان غلولًا يأتي به يوم القيامة -وفيه نشير بأصبعه نحو السماء- اللهم هل بلغت مرتين"(6).
(1) انظر: تاريخ ابن جرير (2/ 197، 247)، وذكر الحافظ ابن القيم رحمه الله في الزاد (1/ 125) أن النبي صلى الله عليه وسلم ولى أبا موسى الأشعري على زبيد وعدن والساحل، وولى علي بن أبي طالب على الأخماس والقضاء بها، وولى معاذ بن جل الجند.
(2)
في رسالة الحسبة (28/ 81): الزكوية.
(3)
يشير إلى قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)} [التوبة: 60].
(4)
يعني المصنف بالمستخرج: أي بالزكاة المستخرجة والمتحصلة من أربابها، والمصروف: فيمن أعطت لهم وصرفت عليهم.
(5)
في رسالة الحسبة (28/ 81): الأزد، وقد جاء اللفظان في روايات الحديث، وفي صحيح مسلم: الأسد موافق لما رود في نسخة الأصل.
والأزد والأسد: اسم لقبيلة مشهورة، تنسب إلى أزد بن غوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشحب بن يعرب بن قحطان، منها أزد سنوءة، وأزد السراة، وأزد عمان، والأوس والخزرج.
جمهرة الأنساب لابن حزم (458)، الأنساب للسمعاني (1/ 138).
(6)
رواه البخاري برقم (6979) كتاب الحيل باب احتيال العامل ليهدى له، ومسلم برقم (1832) كتاب الإمارة باب تحريم هدايا العمال، وأبو داود برقم (2946) =